رغم تعدد التجارب برعاية أكبر مراكز البحوث وبرعاية دولية غير مسبوقة. هذا الإنتشار المخيف للوباء أثار مخاوف من انهيار المنظومة الصحية العالمية خاصة وأن أغلب الدول تعاني من حرب استنزاف كبرى للموارد الطبية والمعدات والمستشفيات مع ارتفاع أعداد المرضى .
وبلغ عدد المصابين حول العالم 39,262,367 إصابة، مقابل 1,104,206 حالة وفاة و29,423,114 حالة شفاء وهي أرقام تضاعفت بشكل سريع خلال أسابيع قليلة مقارنة بالموجة الأولى التي اجتاحت العالم منذ شهر سبتمبر من العام المنقضي.
ووفق تقارير رسمية عادت أغلب دول أوروبا إلى الحظر والعزل لمواجهة «أسوإ سيناريو» لكورونا، بعد أن باتت دولها تسجل عشرات الآلاف من مرضى كورونا يوميا وهو مؤشر مخيف يهدد المنظومة الصحية لهذه الدول.وتباينت القراءات الجديدة بين حظر التجول، وإغلاق المدارس وإلغاء عمليات جراحية واستدعاء طلبة الطب، للعمل وسط ضغوط هائلة على السلطات في فرنسا مثلا والتي تواجه أسوأ سيناريو لارتفاع حالات فيروس كورونا المستجد مع دخول فصل الشتاء.ووفق تقارير فاقت أعداد الإصابات اليومية في القارة الأوروبية حوالي 100 ألف حالة يوميا تليها أمريكا التي تشهد تشهد تسجيل أكثر من 51 ألف إصابة بـ»كوفيد 19» في المتوسط يوميا. أما دول الاتحاد الأفريقي الـ55 فقد سجلت نحو 1,6 مليون إصابة حتى الآن تمثل 4,2 % فقط من إجمالي الإصابات في العالم، وفقا لمراكز مكافحة الأمراض في أفريقيا.أما الوفيات في القارة التي بلغت نحو 39 ألفا فتمثل 3,6 % من إجمالي الوفيات في العالم. كما سجلت المغرب وتونس وليبيا في شمال أفريقيا زيادات كبيرة في الإصابات في الأسابيع الأخيرة.
ويرى مراقبون أن العودة إلى الإجراءات المشددة في الدول الغربية والعربية على حد سواء دليل على فشل إجراءات التخفيف التي اتخذتها بعد أشهر قليلة عن الإغلاق بهدف تحقيق انتعاشة اقتصادية من شأنها إنقاذ بلدانها من الركود الإقتصادي الخطير الذي يعانيه العالم إلاّ أن النتائج كانت عكسية نوعا ما مع تزايد الإصابات.
الخيارات الأصعب
ولئن تحاول بعض الدول تأجيل الخيارات الأصعب من القيود يرى متابعون أنه من المنتظر أن تكون القيود المتخذة ولو بعد حين ، موجعة وأكثر صرامة سواء على صعيد تأثيراتها على إقتصادات الدول أو على الأفراد أيضا خاصة على الصعيد الصحي والمنظومة الصحية الدولية التي تشهد حربا ضارية ضد فيروس لازالت الدراسات حوله متباينة وفي غياب علاج فعال رغم الجهود الدولية المبذولة.
ومنذ بداية تفشيه بشكل مخيف في العالم، استحوذ فيروس «كورونا المستجد» وسبل مجابهته على اهتمامات المجتمع الدولي ،إذ نجح هذا الوباء في تهميش الملفات الدولية الأخرى ليشحذ العالم كافة جهوده في مواجهة هذا الطارئ الصحي الخطير الذي «يتهدد البشرية».
ولأول مرة تكاتف العالم دون حسابات أو مصالح لمكافحة هذا الطارئ الصحي الذي وضع الأنظمة الصحية العالمية على المحك.فرغم الإنفتاح والعولمة والتغيرات المعاصرة التي عرفها العالم تتسابق كل الدول لتطوير لقاح يوقف امتداد هذا الوباء وتهديده للبشرية،فبعد أن كانت الإشكاليات تنحصر في صراعات وحروب تقليدية باتت الحروب صحية -اليوم- بالأساس.
واعتبر متابعون للشأن الدولي أن العالم ما بعد «كورونا» لن يكون كما كان قبلها، على كافة الأصعدة سواء صعيد الإهتمامات أو الاولويات، إذ أظهر انتشار هذا الوباء خللا لا يستهان به في المنظومة الصحية لدول العالم المتقدمة منها والنامية على حد سواء ، مما يؤكد على ان الفترة المقبلة ستكون فترة إعادة بناء اقتصاديا وصحيا وسياسيا أيضا.إذ تتعالى الأصوات الدولية المحذرة من عدم قدرة بعض الدول التي تعيش أوضاعا اقتصادية وسياسية وحروبا على مجابهة هذه التكاليف الباهظة والإضافية.