لبلاده في مجالات العلم والطب والبحوث المخبرية» ...هذا ما يفسر السباق المحموم بين الدول الكبرى في العالم وخاصة روسيا والولايات المتحدة لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد .
وفيما تتصاعد المخاوف من موجة ثانية لهذا الوباء مع الخريف القادم ، تضع شعوب العالم آمالا على إمكانية ايجاد اللقاح الملائم في أسرع وقت ليضع حدا لهذه الجائحة التي أرهقت العالم بكل تداعياتها الصحية والاقتصادية والإنسانية .
حملة تشكيك
وفور اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعالم أن بلاده طورت «أول» لقاح ضد وباء كوفيد-19 سيبدأ إنتاجه اعتبارا من سبتمبر»، انطلقت حملة تشكيك دولية في فعالية استخدام هذا اللقاح الذي لم يستوف بعد كل مراحل تجاربه السريرية . فكان الرد الأول من منظمة الصحة العالمية التي دعت الى الحذر مذكّرة بأن «المرحلة التي تسبق الترخيص» والترخيص للقاح يخضعان لآليات «صارمة».
وحتى ايران التي تربطها علاقات متينة مع موسكو حثت وزارة الصحة فيها على توخي الحذر بشأن لقاح فيروس كورونا الروسي «سبوتنيك - 5 »، الذي أثار انتقادات دولية لعدم استكمال المرحلة الثالثة من التجارب السريرية الخاصة به .
اما وزير الصحة الألماني ينس سبان فأكد امس إن اللقاح الروسي لمرض كوفيد-19 لم يختبر على نحو كاف مضيفا أن الهدف هو ابتكار منتج آمن ولا أن يكون بلد ما الأول في توفير لقاح للناس فحسب.
كما أعرب الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في الولايات المتحدة، عن تشككه بصورة جدية في أمان وفاعلية اللقاح الذي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس تسجيله لعلاج كورونا.
في حين ردت روسيا على لسان وزير صحتها ميخائيل موراشكو إن المزاعم بأن لقاح كوفيد-19 الروسي غير آمن لا أساس لها من الصحة ومدفوعة بالمنافسة.
سباق محموم
ولا زالت دول العالم تتسابق لاكتشاف اللقاح الملائم لمواجهة هذا الوباء غير المسبوق بعد ثمانية أشهر على ظهوره لأول مرة في الصين، الا ان أيا من هذه التجارب الدوائية لم تثبت الى الآن فعاليتها. وقد أخذ السباق لاكتشاف اللقاح أبعادا أخرى وبات جزءا من معارك النفوذ وفرض معادلات القوة بين الدول الكبرى. ويبدو أن الأولوية لهؤلاء القادة هي الحفاظ على المكانة العالمية لدولهم سواء في مجال السلاح او الاقتصاد وحتى الصحة. وبات اللقاح ضد كورونا أحد أوجه الحرب الباردة بين أمريكا من جهة وروسيا من جهة أخرى . فهذا الوباء بقدر ما يتطلب تكاتفا عالميا لمواجهته فانه فجرّ حروبا من نوع آخر ساحاتها هي المخابر العلمية والطبية .
ويبدو ان العالم اليوم يشهد موجة ثانية من كورونا فقد سجلت دول عديدة ارتفاعا غير مسبوق في أعداد الإصابات ، وتعاني اسبانيا من أسوإ حصيلة للوباء في أوروبا مع 4923 إصابة جديدة يومية خلال الايام السبعة الأخيرة، مما حمل على وصف الوضع فيها بأنه «حرج». في حين سجلت الولايات المتحدة، البلد الأكثر تضرراً من حيث عدد الوفيات والإصابات، أكثر من 53 ألف إصابة جديدة و1100 وفاة خلال 24 ساعة حسب تعداد أعلنته جامعة جونز هوبكنز
والسؤال الحارق اليوم هو كيف ستكون العودة المدرسية في أوروبا وغيرها من دول العالم خلال الشهر القادم ؟ خاصة مع ارتفاع حصيلة وفيات الوباء في أوروبا وقد سجلت بريطانيا وحدها 46 ألف إصلبة .
فشعار المرحلة الحالية بالنسبة لعديد الحكومات هو التعايش مع الوباء مع تنفيذ صارم لإجراءات التوقي والتباعد الاجتماعي خاصة بعد ان أثبتت الشهور الماضية ان اللجوء للحجر الصحي العام بمثابة انتحار اقتصادي واجتماعي لعديد من الاقتصاديات الكبيرة والهشة على حد سواء .