على ظاهرة العنصرية في صفوف الشرطة الفرنسية. جاء هذا الإعلان بعد موجة من الاحتجاجات لمناصرة عائلة «أداما تراوري» الذي مات بعد تدخل بوليسي عنيف ضده منذ أربعة أعوام وفي ظروف عالمية مناهضة للعنصرية في صفوف الشرطة إثر مقتل الأمريكي جورج فلويد على يد الشرطة في مدينة نيابوليس.
وبالرغم من سكوت الرئيس ماكرون عن هذا الموضوع وبالرغم من تعدد المظاهرات، العنيفة في بعض الأحيان، في مختلف المدن الفرنسية فإن التعليمات الرئاسية جاءت من أجل تهدئة الوضع والعمل على استعادة بريق المؤسسة الرئاسية بعد عامين من «انتفاضة السترات الصفراء» والإضرابات العشوائية لنقابات السكك الحديدية التي هزت الحياة الاجتماعية قبل اندلاع جائحة كورونا التي أدخلت البلاد في أزمة صحية و اقتصادية حادة لا زالت تتصدر أجندة الحكومة. وأشار الوزير إلى «إرساء نظام إيقاف فوري في صفوف الشرطة في حالة الشكوك في أعمال أو أقوال عنصرية».
عنصرية في «مستوى الصفر»
الهدف المعلن لوزير الداخلية الفرنسية هو القضاء على ظاهرة العنصرية في صفوف الشرطة والعمل على الوصول إلى «مستوى الصفر» في تسجيل حالاتها. وأعلن كريستوف كستنار في مؤتمر صحفي أقيم في بداية الأسبوع عن جملة من القرارات تمحورت حول التخلي عن «تقنيات» في إيقاف المجرمين والمشتبه فيهم وأخرى تتعلق بإدارة المظاهرات في الطريق العام. وأكد الوزير أنه « لا وجود لمؤسسة عنصرية أو عنف موجه» ضد مجموعة أو طائفة من المواطنين. وأضاف: « لن أدع الممارسات المشينة للبعض تلطخ كل المؤسسة».
وقرر الوزير التخلي عن تقنيات «الخنق» (مسك المتهم من العنق) والضغط على صدر الموقوف عندما يطرح على الرصيف. وأكد على تعميم استخدام الكاميرا المحمولة في حالات التثبت من هوية الأشخاص، وهي ظاهرة فرنسية تستخدم أساسا ضد الأجانب والمهاجرين واللاجئين والمقيمين من جنسيات غير أوروبية. وأفاد أن مؤسسات الشرطة سوف تعمم مناشير في الغرض لكل المسؤولين في صفوف الشرطة والجندرما. و طالب الوزارة بالإقدام على» إصلاح جوهري للتفقديات التابعة لوزارة الداخلية وإعطائها مساحة تحرك أكبر تمكنها من العمل الجماعي واستقلالية في عملها».
خلافات سياسية
وفي حين قوبل قرار وزير الداخلية بترحيب من الجمعيات الحقوقية وبعض الأحزاب السياسية الداعمة للحكومة أظهرت نقابات الشركة وفي مقدمتها نقابة «أليانص» القريبة من اليمين المتطرف عن تحفظها و عدم رضاها لما اعتبرته «تخليا عن تقنيات أظهرت نجاعتها في مقاومة الإجرام». أما الأحزاب السياسية المعارضة فقد انتقدت بصورة متفاوتة الحدة هذه الإجراءات التي تم الإعلان عنها في ظروف استعادة الحملة الانتخابية للدورة الثانية من الانتخابات البلدية المبرمجة ليوم 28 ماي القادم.
وأرادت الحكومة أن تظهر عدم تشابه الأوضاع بين فرنسا الولايات المتحدة الأمريكية التي لا زالت تعاني من أزمة مقتل جورج فلويد، باعتبار أن الحكومة الحالية لا تعتبر أنها مسؤولة عن حالات العنصرية التي هي ظاهرة قديمة في المجتمع الفرنسي وموروثة عن الحكومات المتعاقبة من قبل. لكن الرئيس ماكرون أعلن خلال اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء عن «شجبه للعنصرية و التمييز، هذه الظاهرة التي تعتبر خيانة للبعد الكوني للجمهورية» و أفاد أنه «سوف يكون صارما في هذا الموضوع» مؤكدا في نفس الوقت أنه «يرفض كل خلط معتبرا أن الأغلبية الساحقة من قوات الأمن لا يمكن تلطيخها». ويبقى الرأي العام الفرنسي في حالة ترقب لما سوف يقرره الرئيس ماكرون في خطابه يوم الأحد المقبل والذي أعلنت عنه الناطقة باسم الحكومة سيبات ندياي.