ومختلف الفاعلين في ميدان الصحة و الحيطة الاجتماعية في حالة غليان. واستفحل الجدل حول تقييم سياسة الحكومة للخروج من الحظر بعد أن أظهر خطاب الوزير الأول إدوار فيليب عددا من الثغرات و تصورا ضبابيا لتطبيق الإجراءات اللازم اتخاذها
وظهرت تقييمات و اقتراحات مختلفة بين عدد من الوزراء و المسؤولين الحكوميين مما أدخل الرأي العام في حالة من الحذر والتخوف من عواقب نكسة صحية ثانية خاصة مع تفاقم الجدل حول مسألة قلة أو انعدام الأقنعة. وكان وزير الصحة قد أكد على أن الأولوية سوف تكون للأطباء والعاملين في المستشفيات و المرضى وكل من يعتني بكبار السن. وهو ما فهمه الملاحظون كعربون لعدم قدرة السلطات على تمكين المواطنين من الأقنعة الواقية من الفيروس.
انتشار عدم الثقة
وتعددت الانتقادات من المسؤولين في الأحزاب والجمعيات و حتى في الأوساط الطبية للتصريحات المتضاربة للمسؤولين السياسيين بعد أن قرر الرئيس ماكرون إرجاع الأطفال والشباب إلى المدارس و المعاهد و تمكين العملة والموظفين من الرجوع إلى العمل مع احترام إجراءات الوقاية الصحية المفروضة. وبحسب سبر للآراء، نشر يوم 22 افريل من قبل مؤسسة «هاريس إنترأكتيف» ، تقهقر نسبة «الثقة» الممنوحة للحكومة بنسبة 10 نقاط (من 58% إلى 48%) مقارنة ببداية شهر أفريل والمتعلقة بقدرة الحكومة على إدارة موفقة للخروج من الأزمة الصحية.
وسجلت المحاكم عددا متزايدا من القضايا رفعت ضد وزيرة الصحة السابقة أنياس بوزان ووزيرة الشغل موريال بينيكو بسبب إدارة الحملة على فيروس كورونا و الإجراءات الحكومية لصالح الشغاليين. واعتبر الرئيس ماكرون أن «كل من يبحث على رفع قضايا في حين لم ننتصر في الحرب على الفيروس هو غير مسؤول». وكانت حملة من التتبعات العدلية قد انطلقت بداية شهر مارس عندما قدم الطبيب إيمانويل سارازان، الذي يعمل في مؤسسة «أس أو أس طبيب» تتبعا عدليا ضد الحكومة لإجبارها على توزيع أقنعة للعاملين في ميدان الصحة. ومنذ ذلك الوقت تك تقديم أكثر من عشرة قضايا أمام محكمة العدل الجمهوري التي تعنا بمحاكمة أعضاء الحكومة.
معركة حول الأقنعة
قررت الحكومة في إطار خطة الخروج من الحضر الصحي تمكين الأطباء والعاملين في المستشفيات و المؤسسات الصحية من الأقنعة الصحية الواقية واللباس المناسب لمقاومة فيروس كورونا في المستشفيات والمؤسسات الصحية. وسوف يشمل ذلك الموظفين المشاركين في مقاومة الفيروس. ولكن الحكومة لم تقل شيئا على توزيع الأقنعة على الجمهور العريض كما فعلت باقي البلدان الأوروبية في إطار نفس الخطة. وكان سبر أراء من مؤسسة «أودوكسا كونسالتينغ» قد أكد يوم 6 أفريل أن 76% من الفرنسيين يعتقدون أنة «الحكومة لم تقل كل الحقيقة للفرنسيين» و أنها «أرادت منعهم من ارتداء الأقنعة لتخصيصها لأعوان الصحة».
وقررت بعض البلديات المتضررة ، في غياب خطة وطنية شاملة، استيراد الأقنعة وتسخير المؤسسات الصغرى المحلية لإنتاجها لصالح المدن المعنية. ووذهب بعضهم إلى استخدام صلاحياته الدستورية في فرض حالة التجول مع فرض حمل الأقنعة . لكن وزارة الداخلية تدخلت، بعد أن قرر مجلس الدولة ابطال القرار البلدي، لمنع إجبار المواطنين على حمل الأقنعة بتعلة أن ذلك يشكل خطورة على نقصانها في المستشفيات. واحتفظ عمدة مدينة نيس، كريستيان استروزي وهو أحد زعماء المعارضة ، بتوزيع الأقنعة على كل مواكني المدينة دون فرض حملها. وهوأقل الضررين بالنسبة له.
الموقف العلمي في وجه الخيار السياسي
وطال الجدل المؤسسات العلمية المستقلة منها و التابعة للحكومة. فأعلنت الأكاديمية الطبية، في مناسبتين أواخر شهر مارس ومنتصف شهر أفريل عن اعتقادها بأن حمل الأقنعة في الفضاء العام ضروريا لمقاومة الوباء و أكدت أن «هذا الإجراء لا يكون له نفع صحي على انتشار الفيروس إلا في صورة اجبار الناس على حمله عند الخروج من المنزل». وأضافت الأكاديمية أن «التوصية لا تكفي». وهو موقف متعارض مع السياسة الحكومية المتخذة إلى الآن.
وعبّر عدد كبير من الأطباء على أنه في غياب دواء أو تلقيح لمقاومة الفيروس فإن فرض حمل الأقنعة في حالة رفع الحظر يصبح ضروريا لمنع تنقل الفيروس في الفضاء العام وخاصة في وسائل النقل والفضاءات العمومية المكتظة عادة بالناس. وحسب جريدة «ميديا بارت» الإلكترونية، عمد الأستاذ جون فرنسوا دالفريسي، رئيس المجلس العلمي الذي يسدي نصائحه للرئاسة و للحكومة، إلى بعث رسالة إلى الرئيس ماكرون و الوزير الأول إدوار فيليب و وزير الصحة أليفيه فيران أشار فيها إلى ضرورة تشريك المجتمع في عملية مقاومة الوباء حتى يتقي «انتقاد إدارة الحكومة للأزمة الصحية بأنها قسرية و بعيدة عن حياة الناس». وهو أول شرخ في نظام المقاومة المفروض من قبل قصر الإيليزي على المتدخلين في الحملة ضد فيروس كورونا.
و تزامن هذا التصريح مع ارتفاع أصوات النواب في الجهات و في البلديات للمطالبة بتشريكهم في عمليات المقاومة ، خاصة أن من صلاحياتهم متابعة الإجراءات المبرمجة على الصعيد المحلي . وطالب في هذا الموضوع ميشال فورنيه نائب رئيس جمعية البلديات الريفية، والتي قابلت الرئيس ماكرون يوم الخميس، بان» تعطيهم الحكومة الثقة» في إدارة هذه المرحلة على المستوى المحلي.