أشار فيه إلى مسؤولية ماتيو سالفيني ، زعيم حزب الرابطة المتطرف، في اندلاع الأزمة الحكومية 17 شهرا بعد توقيع اتفاق مع حركة 5 نجوم لتشكيل حكومة ائتلافية. و أعلن الرئيس الإيطالي أنه سوف يدخل في سلسلة من المشاورات يوم الأربعاء للتوصل سريعا إلى حل يمكن أن يفضي إلى تشكيل حكومة جديدة. و من الأرجح أن يقرر رئيس الدولة تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها في صورة إذا لم تفلح الأحزاب في تكوين أغلبية برلمانية جديدة لدعم الحكومة قبل نهاية الأسبوع.
حمل الوزير الأول المستقيل في خطابه كل المسؤولية السياسية للأزمة لزعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني و قال إنه «انتهازي» و«غير مسؤول» و «تنقصه الشجاعة» معتبرا أنه تراجع، بدون سبب وبعيدا عن أي تشاور، عن التزامه الذي وقعه لتشكيل الحكومة الائتلافية. وكانت الصحافة الإيطالية قد واكبت على امتداد اشهر «الأزمات» الصغيرة التي أحدثها ماتيو سالفيني باستفراده بالقرار في شأن مقاومة الهجرة وسن قانون حول الأمن بالرغم من انتقادات حليفه في الحكومة. و عبر لويدجي دي مايو، زعيم حركة 5 نجوم الركن الأساسي في التحالف، في المقابل عن امتنانه لجيوزيبي كونتيه معتبرا أنه خدم الأمة الإيطالية و كان أحسن داعم لمؤسسات الدولة.
مشاورات سريعة
ابتداء من يوم الأربعاء 21 أوت يدخل رئيس الدولة الإيطالية ، الذي يعطيه الدستور دورا أساسيا و حاسما في تشكيل الحكومة، في مشاورات تستثني الأحزاب السياسية و ذلك من أجل حل الأزمة الحكومية قبل نهاية الأسبوع. وبعد التشاور هاتفيا مع جورجيو نابوليتانو (94 سنة) الرئيس الشرفي لإيطاليا، يلتقي ماتاريلا مدة يومين برئيس البرلمان و رئيسة مجلس الشيوخ، ثم كل رؤساء الكتل البرلمانية ليختم السلسلة بتشاور مع لويدجي دي مايو، زعيم حركة 5 نجوم التي انتصرت في انتخابات 2018 بنسبة 32 % من الأصوات.
سيناريوهات مختلفة للخروج من الأزمة يمكن للرئيس ان يختار منها أفضل وسيلة لخدمة استقرار الدولة. المعروف عن ماتاريلا أنه لا يرغب في انتخابات سابقة لأوانها. مصادر من الرئاسة، لم ترغب في نشر اسمها، أكدت للصحافة الإيطالية أن ماتاريلا سوف يحاول التوصل إلى تشكيل أغلبية جديدة في البرلمان تستثني حزب الرابطة. لكن بعض الاقتراحات الأخرى راجت في الساعات الماضية من بينها أن يتولى رئيس الوزراء الأسبق رومانو برودي تشكيل حكومة ائتلافية بين أحزاب اليسار و اليمين، على غرار ما تطبقه ألمانيا. لكن انطونيو تاجاني، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، رفض الإقتراح و خير تحالفا يمينيا يشمل حركة 5 نجوم و «فورسا إيطاليا» لزعيمها سيلفيو برلوسكوني. في آخر المطاف تبقى في يد رئيس الدولة، حسب صلاحياته الدستورية، ورقة تشكيل «حكومة تقنية» غير سياسية لمواجهة تحديات تقديم الميزانية الجديدة لموافقة بروكسل و تعيين المفوض الأوروبي الإيطالي الجديد في شهر سبتمبر قبل البت في قضية الانتخابات.
استراتيجيات مختلفة
في هذه الأثناء، و نظرا لقرار رئيس الدولة الإسراع في المشاورات، دخلت الأحزاب في سباق ضد الساعة من أجل التوصل إلى حل يجعل من حركة 5 نجوم المحور الأساسي في اللعبة السياسية. قبل استقالة الحكومة راجت فكرة تكوين أغلبية جديدة لإدارة ما تبقى من الولاية الانتخابية و ذلك بين حركة 5 نجوم و الحزب الديمقراطي المعارض والذي يمكنهما من الحصول على 168 صوتا لتشكل أغلبية مريحة في البرلمان. لكن الحزبين منقسمان في داخلهما بين مناصر و معارض لهذا الإئتلاف. و ولئن كان من الممكن للوديجي دي مايو أن يحصل على موافقة حزبه للبقاء في السلطة فإن الحزب الديمقراطي منقسم بين مناصري ماتيو رانزي ، الوزير الأول السابق، الذي ينادي بالتحالف مع الخصوم القديمة و نيكولا زينغاريتي السكرتير الجديد للحزب الذي يحاول إعادة ترميمه بعد الأزمة التي هزت بحكومة رانزي. و لا يعرف إن يتمكن الديمقراطيون من تجاوز العداءات الأخوية و الخلافات التي تهزهم داخليا و التي أدت في السابق إلى التحاق عدد كبير من مناضليهم بحركة 5 نجوم.
في صلب الأحزاب الأخرى، يسود التخوف من تغول ماتيو سالفيني في صورة إذا دخلت البلاد في انتخابات سابقة لآوانها. من 17 % من الأصوات عام 2018، اصبح حزب الرابطة بقيادة ماتيو سالفيني يتمتع بدعم 36 % من الرأي العام في عمليات سبر الآراء مع تقهقر حركة 5 نجوم. يعتبر الخبراء أنه في صورة تمت الإنتخابات في سبتمبر يمكن أن يحصل حزب الرابطة المتطرف على أغلبية في البرلمان تمكنه من الاستفراد بالحكم وتطبيق برنامجه «المتطرف» ، والذي يعتبره الملاحظون قريبا من الطرح الفاشي المعادي للإتحاد الأوروبي و الذي يفتح أزمة جديدة تتمثل في «إيطالسيت» أي خروج إيطاليا من الإتحاد الأوروبي ومن عملة اليورو وهي أفكار سياسية قديمة للحزب تخلى عنها وقتيا في الحكومة الائتلافية.
هذا التخوف تشاطره مفوضية بروكسل التي تخشى من صعود الحزب المتطرف للحكم بمفرده مما يهدد مباشرة الإتحاد الأوروبي خاصة وأن إيطاليا تعتبر ثالث اقتصاد أوروبي و داعما أساسيا لنظام العملة الموحدة. خروج إيطاليا من الإتحاد الأوروبي سيناريو كارثي بالنسبة لبروكسل لآن الطلاق مع إيطاليا ، بعد خروج بريطانيا العظمى، يهز نهائيا مشروع الوحدة الأوروبية الذي تكون في روما في بداية خمسينيات القرن الماضي. وتبقى أن في يد الرئيس الإيطالية سرجوز ماتاريلا أوراق دستورية يمكنه استعمالها لمنع مثل هذا السيناريو الكارثي.