إن بكين تأسف للقرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي تم التوصل إليه عام 2015، مضيفا أن بكين مستمرة في الالتزام بالاتفاق.
وأضاف المتحدث جينغ شوانغ إن الاتفاق متعدد الأطراف، الذي تم التوصل إليه عبر مفاوضات مع القوى العالمية الست والاتحاد الأوروبي، ساعد في الحفاظ على نظام حظر الانتشار النووي الدولي وساهم في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.وأوضح أن الصين إلى جانب أوروبا سوف يستمران في الالتزام بالاتفاق، مضيفا أن بكين تحث جميع الأطراف على استخدام الدبلوماسية والعودة لتنفيذ الاتفاق النووي.
ألمانيا تدعو للاستمرار في تنفيذ التزامات الاتفاق
في الاثناء دعا وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس،امس الأربعاء، إيران إلى الاستمرار في تنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، محذّرا من تعريض جهود تحقيق الاستقرار بالمنطقة للخطر.
يأتي ذلك غداة اعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إعادة العمل بالعقوبات الاقتصادية على إيران، والانسحاب من الاتفاق النووي.فيما قالت طهران إنها ستواصل المفاوضات مع الدول الخمس الأخرى الأطراف في الاتفاق، ملوحة بالبدء في تخصيب اليورانيوم من جديد.
وفي تصريحات إعلامية بالعاصمة برلين، قال ماس: «على إيران مواصلة التصرف بحكمة، والاستمرار في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي». واعتبر أن «قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق غير مفهوم»، مضيفا أن القرار «لا يصب في جهود تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».
ابتهاج خليجي
على صعيد متصل ابتهجت السعودية وحلفاؤها الخليجيون العرب لما رأوا فيه انتصارا سياسيا على خصمهم اللدود إيران بعد قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي مع الجمهورية الإسلامية.
وسارعت السعودية والإمارات والبحرين الى تأييد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة فرض العقوبات على طهران مما يعكس هواجسها إزاء برنامج إيران للصواريخ الباليستية ودعمها لجماعات متشددة.
والسعودية السنية على خلاف مع إيران الشيعية منذ عقود، وتخوض كل منهما حربا طويلة بالوكالة في الشرق الأوسط وما وراءه، بما في ذلك صراعات في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وتنفي إيران الاتهامات الموجهة لها. واتهمت وزارة الخارجية السعودية إيران في بيان بأنها «استغلت العائد الاقتصادي من رفع العقوبات عليها واستخدمته للاستمرار في أنشطتها المزعزعة لاستقرار المنطقة، وخاصة من خلال تطوير صواريخها الباليستية، ودعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة».
وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على تويتر يقول «إيران فسرت خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) على أنها موافقة على هيمنتها الإقليمية. إيران المعتدية تشجعت نتيجة لذلك وبرنامجها للصواريخ الباليستية أصبح هجوميا ويمكن تصديره».
ولم تصدر قطر بيانا بعد، وكان خلاف قد دب بينها وبين السعودية ودول عربية أخرى. واتخذت السعودية والإمارات والبحرين ومصر إجراءات ضد الدوحة من بينها مقاطعة تجارية وقيود على السفر في جوان واتهمتها بتمويل جماعات متشددة والتقارب مع إيران. وتنفي قطر الاتهامات.
تهديد ايراني
واستبعدت إيران التفاوض مجددا على الاتفاق وهددت بالرد، بيد أنها لم توضح ماهية ردها إذا انسحبت واشنطن.
وربما تفعل ذلك بتقويض مصالح واشنطن وحلفائها في الشرق الأوسط بما في ذلك زيادة دعم حركة الحوثي المسلحة في اليمن، مما قد يستتبع ردا عسكريا من السعودية والإمارات.
وقال جوست هيلترمان مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية «هناك خطر حقيقي من التصعيد، خاصة بين إيران وإسرائيل. فبينما قد ترغب دول الخليج (العربية) في أن ترى الولايات المتحدة وإسرائيل تحاولان تحجيم إيران، فلا أعتقد أنها (تلك الدول) تريد أن تنجر إلى مواجهة مباشرة. قد تكون العواقب وخيمة». وفي اليمن، عبرت معلمة تدعى إيمان طاهر عن مخاوفها من ألا يؤدي قرار ترامب إلا إلى إلهاب الصراعات في المنطقة.وقالت «إيران لن تقبل وسترد وستزيد دعمها للحوثيين في اليمن ولحلفائها في سوريا ولبنان».
تحركات أوروبية لإنقاذ الاتفاق
من جهتها سارعت القوى الأوروبية امس الأربعاء لإنقاذ الاتفاق الذي يقيد برنامج ايران النووي بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب واشنطن منه وإعادة فرض العقوبات على طهران.
من جهته، طلب المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي امس الأربعاء من الأوروبيين تقديم «ضمانات عملية» لإيران لكي تواصل التزامها بالاتفاق النووي الموقع في 2015 بعد انسحاب واشنطن منه.
وأثار ترامب غضبا واسعا لا سيما في القارة الأوروبية بقراره التخلي عن الاتفاق رغم ترحيب بعض الأطراف بالخطوة التي تحمل خطر تقويض الجهود الدبلوماسية لحل عدة ملفات على الساحة الدولية وإضافة عامل جديد لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط.واستهزأ بالاتفاق الذي وصفه في خطاب أمام الأمة ألقاه في البيت الأبيض الثلاثاء بـ»الكارثي» و»المخجل» بحق الولايات المتحدة وقال أنه لا يقيد طموحات طهران النووية.وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان امس الاربعاء عبر إذاعة «آر تي ال» أنه سيلتقي الاثنين المقبل إلى جانب نظيريه البريطاني والألماني ممثلين عن ايران «لدراسة الوضع».
وتابع أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سيجري محادثات هاتفية مع نظيره الايراني حسن روحاني بعد ظهر الاربعاء تعبر عن «رغبتنا في البقاء في الاتفاق».وشدد لودريان على أن القوى الأوروبية ستحاول «الحفاظ» على الامتيازات الاقتصادية التي حصلت عليها ايران اثر رفع العقوبات عنها بموجب الاتفاق.
«قرار شجاع»
وبينما رحب خصما ايران الرئيسيان اسرائيل والسعودية بقرار ترامب، تعهدت القوى الموقعة على الاتفاق مواصلة الالتزام به دون الولايات المتحدة.
وأصرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني على أن الاتفاق «يحقق هدفه القاضي بضمان عدم تطوير ايران اسلحة نووية، والاتحاد الاوروبي مصمم على الحفاظ عليه».ويوفر القرار لترامب انتصارا سياسا داخليا حيث يفي بأحد أبرز وعود حملته الانتخابية.
لكن تداعياته على المدى الطويل بالنسبة للسياسة الأميركية الخارجية والشرق الأوسط لا يمكن التكهن بها.وحذر بعض المحللين من أن التحرك سيعقد جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بشأن برنامج بلاده التسليحي الأكثر تطورا. وقال المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جون برينان إن تحرك ترامب «أعطى كوريا الشمالية سببا إضافيا للمحافظة على أسلحتها النووية».
وأعرب الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما الذي أبرمت إدارته الاتفاق عن أسفه لقرار خلفه قائلا «ان نضرب عرض الحائط الاتفاقات التي وقّع عليها بلدنا هو امر يهدد بالنيل من مصداقية الولايات المتحدة».وأما وزارة الخارجية الروسية فأعربت عن «خيبة أملها العميقة» من إعلان ترامب. وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان واشنطن «هي الخاسرة» من الانسحاب.
إلا أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو شدد على «دعمه الكامل» لقرار ترامب «الشجاع».