للسيدة صوفي سباتز. و تعود الأحداث إلى سنة 2009عندما كانت من مساندي حزب اليمين الجمهوري الذي كان ينتمي إليه الوزير. وأعربت الحكومة و عدد من الوزراء عن مساندتها للوزير و احترام «قرينة البراءة» في شأنه. وأضافت وزيرة العدل نيكول بيلوبي أن من حقه أن يبقى عضوا في الحكومة ما لم يقرر القضاء تقديمه للمحاكمة.
جيرار دارمانان هو أحد الوجوه الشابة التي تنتمي إلى حزب الجمهوريين و التي قررت الإلتحاق بحكومة إدوار فيليب في عملية لكسر الاستقطاب السياسي المبرمجة من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون.وقالت صوفي سباتز إن الوزير اغتصبها مقابل «خدمة» تتمثل في إعانتها على التوصل إلى فسخ إدانة عدلية من سجلها القضائي. وكان دارمانان معروفا بمشاركته في نوادي «تبادل الزوجات» مما سمح لبعض «المحافظين» باعتباره، أمام وسائل الإعلام، مذنبا قبل أن ينطق القضاء في المسألة.
مطالبة بالإستقالة
طالبت مجموعة من الناشطات النسويات في لائحة نشرت يوم الأحد 28 جانفي رئيس الحكومة بإقالة الوزير اثر رفع القضية ضده معتبرة أنه «عندما يكون وزيرا محل اتهام بالاغتصاب لا يمكن له البقاء في الحكومة». واعتبرت أن «لا بد للحكومة والقضاء أن تقوما بعمليهما في كنف الهدوء» بعيدا عن الجدل القائم في فرنسا و أن تلتزم الحكومة بنفس التوجه التي اتخذته مع وزير العدل السابق فرنسوا بيرو و عدد آخر من الوزراء المتهمين في قضايا أخرى.
وقد انقسم الرأي العام بين مساند ومعارض لاستقالة الوزير على خلفية الحملة العالمية التي انطلقت من هوليوود في الولايات المتحدة الأمريكية بعد التشهير بالمنتج السينمائي هارفي واينستاين وعدد من النجوم في قضايا اغتصاب لنجمات من مدينة السينما الأمريكية. و طالت هذه الموجة بريطانيا أين استقال عدد من الوزراء بتهمة التحرش الجنسي. و هذه أول قضية «جنسية» تتعلق بعضو في الحكومة في فرنسا بعد اندلاع تسونامي القضايا الجنسية في هوليود الذي هز أركان مؤسسة السينما العالمية و فتح الباب أمام تحرر كلمة النساء التي تعرضت للتحرش والاغتصاب في مختلف بلدان العالم.
الخوف من التلاعب السياسي
المساندة الحكومية لجيرار دارمانان ،الذي يعول عليه الرئيس ماكرون للقيام بالإصلاحات الدقيقة للمالية الفرنسية، لا تخلو من بعد سياسي. فبعض الوجوه الإعلامية أشارت في خضم الجدل القائم إلى انتماء المتهمة لحزب اليمين الجمهوري و إلى عدم استثناء التلاعب السياسي الذي حل بالطبقة السياسية الفرنسية منذ الحملة الرئاسية. و قد يعتبر التخلي عن الوزير في هذه الظروف ضربة سياسية لإستراتيجية الرئيس ماكرون الرامية إلى إعادة صياغة المشهد السياسي الفرنسي بعيدا عن الأحزاب التقليدية. و اختياره لوجوه جديدة من اليسار و اليمين و المجتمع المدني يهدف إلى تجديد المشهد و العرض السياسي عبر وجوه شابة تقطع مع تقاليد الماضي.
و يستند بعض المدافعين عن الوزير إلى تصريح محامية صوفي سباتز التي أكدت أن موكلتها استجابت إلى دعوة للعشاء مع دارمانان عام 2009 ثم ذهبت معه إلى ملهى ليلي إباحي ثم من هنالك إلى نزل حيث أقاما علاقة جنسية. و أضافت أنه «لم يكن هنالك إرغام جسدي» من قبل المتهم. لكنها تعتبر أن كلامه كان بمثابة الضغط المعنوي الذي يمكن أن يعتبر «اغتصابا». وهو ما جعل بعض المحللين يشككون في «نوايا» المتهمة و لا يستثنون التلاعب السياسي.
مع تنامي حملة التشهير بعمليات التحرش و الاغتصاب و تحرر كلمة النساء سجلت وزارة الداخلية ارتفاعا ملموسا في عدد القضايا المقدمة من قبل النسـاء بنســبة 12 % لقضـــــايا الاغتصـــــاب و27 % لقضايا التحرش بالنسبة لعام 2017. ومجمل القضايا المقدمة لنفس السنة فاقت 51 ألف قضية. و أشارت الوزارة في تقرير رسمي أن عدد الاعتداءات الجنسية ضد المواطنات في سن الرشد فاق 220 ألف حالة سنويا وأن عدد الضحايا اللاتي يجرؤن على رفع قضية لا يتعدى 1 على 12.