ألمانيا الوجهة الخارجية الأولى لماكرون: تحديات سياسة الرئيس الفرنسي الجديد الخارجية وتصدّعات الداخل

تتجه انظار الشارع السياسي الفرنسي عقب انتخابات الرئاسة التي افضت الى فوز المرشح المستقل عن حركة ‹›الجمهورية الى الأمام ايمانويل ماكرون ، الى الانتخابات البرلمانية المتوقع اجراؤها في الفترة الممتدة بين 11 و18 جوان المقبل وسط انقسام واضح في الساحة السياسية الفرنسية

وسعي حثيث من الاحزاب لإعادة تموضع بعد فشلها في افتكاك أصوات الفرنسيين . وإلى جانب الحراك السياسي الداخلي تنتظر دول العالم خطوات ماكرون الأولى إزاء الملفات الخارجية الحسّاسة وموقفه من قضايا تخص اوروبا والعلاقة مع الولايات المتحدة رغم ان اغلب القراءات لفوز ماكرون ترى ان سياسته ستكون امتدادا لسياسات سلفه مع بعض التعديلات البسيطة .

يشار الى ان ساكن الايليزي الجديد ذي الـ39 ربيعا يؤدي اول زيارة خارجية له الى المانيا الاثنين المقبل في خطوة تؤكد نية الاخير الاستمرار في سياسة انفتاح فرنسا على جيرانها الاوروبيين على عكس منافسته السابقة اليمينية المتطرفة التي لطالما دعت الى خروج بلادها من الاتحاد الاروبي .

وعقب فوزه في الانتخابات الاخيرة ابدت المانيا صراحة ارتياحها لفوز ماكرون في وقت يخشى فيه الساسة الالمان تقدم المرشحة اليمينية لوبان وهو مايمثل تهديدا شديدا لامنها القومي وتزايدا في نفوذ الحركة اليمنية المتطرفة في المانيا والمعروفة باسم «بيجيدا» ذات التوجهات السياسية المتطابقة مع توجهات اليمين المتطرف الفرنسي.

اذ رحــبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بفوز ماكرون وقالت«جيد أن إيمانويل ماكرون وبرنامجه الداعي إلى أوروبا قوية واقتصاد السوق الاجتماعي، انتصر. بالـتـوفيق في الأســبوعين المقبلين».
ويراهن الغرب على ايمانويل ماكرون الذي حمل خلال حملته الانتخابية وعودا بالانفتاح وتعزيز العلاقات الفرنسية الاوروبية مما جعل فوزه محل ترحيب لدى دول العالم بعيدا عن سياسة مارين لوبان الداعية الى عزل فرنسا .

تصدع داخلي
من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي المغربي المهتم بالشأن الفرنسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب» ان العالم ينتظر بفضول كبير نوعية وحجم التغييرات السياسية التي قد يحدثها وصول ايمانويل ماكرون الي قصر الاليزيه على المشهد السياسي الفرنسي. مضيفا ان ملامح هذا التغيير بدأت تطفو على السطح على خلفية الاستعدادات التي تجريها مختلف الأحزاب السياسية لخوض غمار الانتخابات التشريعية في استحقاق وصفه البعض بالدورة الثالثة للانتخابات الرئاسية.

واشار محدّثنا الى انّ ايمانويل ماكرون يبحث عن أغلبية برلمانية مريحة تمكنه من تمرير الإصلاحات التي يراها ضرورية لتحرير طاقات المقاولات وإعادة إطلاق عجلة التنمية وخلق فرص للعمل في محاولة لإخراج الفرنسيين من الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بهم منذ سنوات طويلة والتي كانت وراء صعود التطرف السياسي الشعبوي على يمين الخارطة السياسية او على يسارها.

وتابع الطوسة «ولمحاولة الحصول على هذه الأغلبية المنشودة، يمتطي ايمانويل ماكرون غمار حركته الشابة الى الامام التي تحولت الى حزب يدعى الجمهورية إلى الأمام. وبما انها حركة سياسية حديثة العهد لا تتمتع بتواجد قوي لهياكلها في العمق الاجتماعي فان قدرتها على الحصول تلقائيا على أغلبية برلمانية موضع شكوك وتساؤلات. لذلك وانطلاقا من قناعته بأنه قادر على حكم فرنسا من وسط خريطتها السياسيّة، أرغم ايمانويل ماكرون على توجيه عدة دعوات ومحاولة استقطاب عدد كبير من الشخصيات اليسارية او اليمينية».
وتابع محدّثنا انّ مبادرة ايمانويل ماكرون تسببت في تصدعات حادة داخل بعض الأحزاب السياسية قد تؤشر الى انقسامات وتصدعات، مشيرا الى وجود تساؤلات داخل الحزب الاشتراكي حول النزول الى سباق التشريعيات تحت راية الحزب الاشتراكي او الالتحاق بحركة ايمانويل ماكرون.

فالس يلتحق بماكرون
وعن الجدل الذي اثير مؤخرا حول رئيس الوزراء السابق مانويل فالس قال محدّثنا قضية رئيس الحكومة السابق مانويل فالس تجسد بعنف رمزي هذه المعضلة في صعوبة وربما استحالة الانتقال الى العهد الجديد لحركة الى الامام ودفن الماضي مع الاشتراكيين.. واضاف الطوسة»لذلك فان موقف حزب الجمهورية الى الامام من خطوة فالس معبر عن هذه الصراعات داخل اليسار الحاكم الذي خرج من صلبه ايمانويل ماكرون ،واستطاع الحفاظ على قصر الاليزيه رغم تواجد يمين متطرف منتش برياح الشعبوية العالمية ويمين تقليدي يسعى الى

فرض تجربة التناوب السياسي».

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي المغربي ان التصدعات ذاتها موجودة داخل حزب الجمهورين حيث يحبذ تيار يجمع داخل هذا التجمع اليميني مقربين من الان جوبي وبرونو لومير الالتحاق بامانويل ماكرون بينما يريد تيار اخر الحصول على أكبر عدد ممكن من البرلمانيين لفرض تجربة التعايش السياسي ومحاولة الانتقام من عملية إقصاء اليمين التقليدي من الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية بعدما كانت الطريق الى الاليزيه معبدة لحزب الجمهوريين لولا مستنقع الفضائح الذي اغرق حملة فرنسوا فيون واسكت صوتها وفق تعبيره.
وقال الطوسة «لكل هذه الاسباب يبدو امتحان التشريعيات حاسما بالنسبة لماكرون. فإما ان يربحه بزخم كبير ويوجه ضربة قوية للمنظومة الحزبية التقليدية تساهم في تلاشيها وإعادة هيكلتها وإما ان يخسر المعركة ويرغم على تجربة تعايش سياسي ويصبح ساكن قصر الاليزيه عِوَض حاكم فرنسا».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115