وبدأت المواجهة الحقيقية بين الطرفين بعد الاجراءات التي اقرها الرئيس الامريكي دونالد ترامب ضد ايران منذ توليه الحكم بدءا بحظر دخول مواطنيها الى الولايات المتحدة الامريكية والدعوة الى تحجيم الدور الذي تلعبه ايران في كل من العراق وسوريا واليمن ،وآخرها اتهامات القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية لدى الرياض، كريستوفر هينزيل، التي قال فيها أنّ «إيران دولة راعية للإرهاب مشيراً إلى أنها «تتدخل في العديد من سياسات دول المنطقة، وتحاول دائماً تأجيج الصراعات في بعض الدول بما يخدم مصالحها». يشار الى ان إدارة ترامب وجهت لطهران تحذيرا بضرورة الالتزام بالقرارات الدوليّة والاتفاقات المبرمة بين الجانبين .
ففي بادئ الامر انتشرت مخاوف من امكانيّة الغاء ترامب للاتّفاق التّاريخي المبرم بين طهران والغرب ، إلاّ ان تطمينات ترامب محت هذه المخاوف خاصّة وانه اتجه لتبني سياسة هجوم جديدة ضدّ ايران باعتماد أساليب اخرى . إذ يرى مراقبون ان الادارة الامريكية تحاول استهداف ايران عبر ضرب نفوذها المتزايد في مناطق الصراع وخاصة سوريا والعراق واليمن . ويثير هذا النفوذ خشية دول الخليج وإسرائيل وأمريكا على حدّ سواء لما تمثله ايران من خطر داهم يهدّد امن واستقرار هذه الدول.
وتتالت في الاونة الاخيرة تسريبات وتصريحات صادرة عن مسؤوليون مقربين من ترامب حول وجود مقترح لإقامة تحالف إقليمي أشبه بحلف «الناتو» تقوده أمريكا بمشاركة عربية، ودعم إسرائيلي، لمواجهة «أعداء مشتركين» منهم إيران وتنظيم «داعش» الإرهابي وفق تقارير اعلامية . ويلقى الاقتراح انقساما كبيرا بين مستبعد لهذه الفرضية ومؤكد لها لما تحمله الخطوة من خطورة على الشرق الاوسط والأمن والسلم الدوليين .
الأبعاد والتداعيات
من جهته قال الخبير العراقي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية هشام الهاشمي لـ«المغرب» انّ «إدارة دونالد ترامب تحاول تشكيل تحالف سني جديد بمساعدة حلفائها السنة في تركيا والسعودية والاردن والأمارات وقطر، وليس بديلا عن الوجوه التي أنشأتها ظروف المرحلة السياسية الحالية ولا السابقة، واشنطن عادت للعراق نهاية عام 2014 لقتال «داعش»، ثم بدأت تخشى من خروجها في مرحلة ما بعد «داعش»، حتى لا يتكرر الخطأ الذي حدث بعد عام 2011، والذي مثل السبب الرئيسي في انحدار العراق امنيا واقتصاديا وسياسيّا».
وأشار الهاشمي الى ان هذا التحالف سيكون بدعم من بعض دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ودول الجوار السني، معتبرا ان الحلف لن يقلق الحكومة العراقية بقدر مايقلق طهران التي تستعد للمجهول وهي تدرك أنها سوف تخسر نفوذها في سوريا واليمن، ولم يبق لها من أوراق للتفاوض عدا ولاء بعض حلفائها في العراق، و»لعلها تسارع لشن هجمات إعلامية استباقية لإفشال تلك المساعي، إلا اذا كانت جزءا منها، وهذا صعب جدا مع إدارة ترامب التي تتحفظ كثيرا من ايران» على حدّ قوله .
واكد محدّثنا أن «إدارة ترامب تدعو إلى سرعة تشكيل هذا التحالف السني السياسي لاستعادة زمام الأمور من تأثير إيران، وحتى لا تضعف الزعامة السياسية السنية أكثر فأكثر حتى تذوب بما يعرف بالتشيع السياسي او الاستكراد السياسي، وبالتالي تبدأ حرب الهوية التي صنعت لداعش وأخواتها حواضن هددت العالم كله».وعن اهمية هذا التحالف قال الهاشمي انه ضروري بالنسبة لمن يهتم بمكافحة الإرهاب في العراق وسوريا، معتبرا انه ياتي في شكل سياسة ضغط على إيران بطرق أخرى. وتابع «علينا الإقرار بأن هذا التحالف قد لا يقدر على تحمل أعبائه كثير من القادة السنة وخاصة الذين جربوا وفشلوا من قبل، لكن تبقى هذه الفرصة فيها شيء من الأمل الذي لا يخلو من لعب الكبار».
مشاركة عربية
وعن ملامح التحالف السني الجديد قال الهاشمي ان هذا التحالف لا يعد تحديا للمكونات المنتصرة ( الكرد، والشيعة) في الحرب على «داعش»، مضيفا ان الضرورة الدولية هي التي أطلقته لجمع الساسة السنة تحت سقف بيت واحد مع شركائهم في العراق. وحذّر محدثنا من الفترة المقبلة معتبرا ان من يراقب يعلم ان حرب كردية-كردية او شيعية-حكومية او كردية-شيعية، قد تكون هي القادمة، بسبب الصراع على تعزيز السلطات وتقسيم الثروات على حساب السنة والأقليات، مضيفا ان هذا الخطر لا يمكن عرقلته او تخفيفه إلا بصناعة قيادة موحدة للسنة، لتفاوض وتحاور المنتصرين من الشركاء وفق تعبيره.
وأضاف الخبير الاستراتيجي العراقي انّ هذا المقترح سبقته تحركات سياسية سنية رصدها الإعلام في جلسات حوارية ونقاشية بعضها في اسطنبول وعمان وأخرى في الرياض والدوحة وجنيف وأنقرة، مشيرا الى انّها لا تقتصر على الموالاة للعملية السياسية وحسب بل تشمل المعارضة السنية بشقيها السياسي والمسلّح.