وقد سبق أن ندد فرنسوا فيون بالحملة الإعلامية التي استهدفته إثر نشر جريدة «لو كانار أنشيني» فضيحة ما أصبح يعرف بـ«بينيلوب غايت». ثم طالب القضاء الفرنسي الذي فتح تحقيقا في الغرض بوقف التحقيق لتمكين المرشحين من خوض الحملة الانتخابية بعيدا عن المزايدات بموجب أن تشغيل أعضاء من عائلته أمر قانوني لا يخالف تقاليد البرلمان التي تسمح لأكثر من 150 نائبا بتشغيل أقاربهم.
المس بالتقاليد الجمهورية
قرار فرنسوا فيون الدخول في مواجهة مع القضاء الفرنسي واكب موقف مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية التي رفضت هي الأخرى استدعاء أرسلته لها الشرطة بشأن التحقيق في قضية مماثلة تتعلق باستغلال أموال البرلمان الأوروبي لفائدة أعضاء من حزبها في إطار شبهات بالتشغيل الوهمي. الغريب في الأمر أن مرشحين للرئاسة الفرنسية تتعلق بهما قضية فساد يجدان فرصة لا للتنحي من السباق من أجل تأكيد براءتهما، بل يتمسكان بالمضي في المشاركة في الحملة الانتخابية مع التنديد بالنظام القضائي.
منذ أن قرر الرئيس فرنسوا هولاند تمكين القضاء الفرنسي بالتمتع باستقلالية حقيقية في شأن قضايا الفساد بعد أن تورط فيها وزير المالية الإشتراكي الأسبق جيروم كاهوزاك، قام القطب القضائي المالي بعدة تتبعات قضائية شهد الجميع باستقلاليتها وبسرعة تحركها. وهو ما يعاب عليها اليوم من قبل المرشحين اليمينيين للرئاسية. لكن المحللين السياسيين لا يجدون الكلمات المناسبة للتعبير عن سخطهم من المس بالنظام القضائي من قبل مرشحين لرئاسة الدولة في حال أن من مشمولات الرئيس أن يحمي المؤسسات و أن يضمن استقلاليتها.
مأزق سياسي بلا أفق
بقراره التمسك بترشحه، و بقبوله في آن واحد الإستجابة لإستدعاء القضاة يوم 15 مارس، أي يومين قبل موعد إغلاق الترشح، يضع فرنسوا فيون نفسه – و حزبه – في مأزق سياسي بلا رجعة. ففي صورة وجه له القضاء رسمي تهمة الفساد يوم 15 مارس سوف يكون في موقع لا يطاق سياسيا، يهدد حظوظه في النجاح بعد أن كان مرشحا طبيعيا للفوز منذ شهرين. و هو السيناريو الذي ينتظره الرأي العام بعد أن أبلغ فرنسوا فيون باستدعائه «من أجل تقديم تهمة ضده». يضع هذا السيناريو حزبه في وضعية حرجة تهدد مباشرة إمكانية التناوب على السلطة.
وإن عبر مناصرو فرنسوا فيون والشخصيات المشاركة في فريقه الإنتخابي عن دعمهم لمرشحهم فإن زعماء الحزب ، وفي مقدمتهم المشاركون في الإنتخابات التمهيدية، لم يتكلموا بعد. بل لم يشارك أحد منهم في الندوة الصحفية. و أشار فرنسوا فيون في خطابه للصحافة أن « عائلته عبرت عن دعمها له و أن عائلته السياسية سوف تقوم بذلك» وهو ما فهم أن الجدل لا يزال قائما في صلب حزب الجمهوريين و أن الحزب بإمكانه أن يغلب مصلحة الحزب الجماعية على مصلحة المرشح. بلا شك أن مسلسل «بينيلوب غايت» لم يعط بعد إشارة النهاية بل فتح بابا لحلقات جديدة زاخرة بالتقلبات.