و قد ذكرت منظمات حقوقية أن الشاب تعرض إلى عملية اغتصاب تم تصويرها و بثها على صفحات التواصل الاجتماعي مما أثار غضب الشباب في الضواحي الباريسية.
و بعد المظاهرات العفوية في مدينة «أولني سو بوا» أين حصل الاعتداء التي نددت بالعملية، هدأت الأوضاع قبل أن تشتعل مدن أخرى من ضواحي باريس أمام صمت وزير الداخلية الذي لم يتخذ أي قرار ضد أعوان الشرطة. و بالرغم من إحالة الجناة على التحقيق في ما بعد اندلعت أعمال شغب في عدد من الدوائر الموجودة في ضواحي العاصمة مصحوبة بأعمال عنف تشبه تلك التي أشعلت «الضواحي» عام 2005 وجعلت السلطات الفرنسية تفرض حالة الطوارئ لأول مرة منذ الحرب على الجزائر. و قام المتظاهرون بحرق 10 سيارات منها سيارات شرطة والاعتداء على مقرات للدرك الفرنسي و محلات تجارية.
شبح أزمة 2005
و حسب جريدة «لو فيغارو» التي اطلعت على تقرير داخلي للشرطة الباريسية، فإن أجهزة الأمن سجلت 50 حالة شغب في 30 بلدية في جهة باريس الكبرى («إيل دو فرانس) بما فيها أعمال عنف ضد أعوان الشرطة. و بثت القنوات التلفزيونية الفرنسية صور الأحداث في مناطق بعيدة عن موقع الاعتداء على «ثيول.». و شملت الاضطرابات مختلف البلديات في «سان دو ني» و في «أوبارفيليي» وفي «ليسون» «فال دواز». مما أجبر وزير الداخلية الفرنسي «برونو لورو» على التعبير عن رفضه لأعمال العنف و دعوة المتظاهرين للتعقل. و قرر الوزير الأول استقبال فريق من منظمي المظاهرة السلمية في مدينة «أولني سو بوا» في محاولة لاحتواء الأزمة في ظروف تواصل الحملة الانتخابية الرئاسية. وتخشى السلطات أن تنتقل الاضطرابات إلى جهات أخرى حساسة بعد أن سجلت أعمال شغب في جهة «الرون» و في منطقة «لا صافوا» وفي «أفيرون». و قامت الشرطة بإلقاء القبض على 37 شخصا في منطقة «بوبيني» و 21 شخص في «درانسي» و «أرجانتوي» ليلة الأحد.
خلافا لما حصل عام 2005، تأتي هذه الأزمة و قد قرر البرلمان تمديد حالة الطوارئ التي بدأت إبان العمليات الإرهابية لعام 2015. و تواصل العمل بنظام حالة الطوارئ للسماح لأجهزة الأمن و الشرطة بالبحث على الإرهابيين و التثبت في إمكانية تكرار عمليات إرهابية أخرى. و حسب الجمعيات الأهلية المحلية لم يكن التثبت في هوية «ثيو ل» ليدخل في حالة مقاومة الإرهاب و ذلك بشهادة عمدة المدينة الذي ينتمي للأغلبية الحاكمة.
محاصرة السود و العرب
ذكر تقرير ل»جاك توبون» الذي يشغل خطة المدافع على الحقوق، وهو منصب رسمي يمكن المواطنين من التشكي في حالة الاعتداءات على الحقوق الدستورية، أن العلاقة بين الشرطة و المواطنين شهدت بعض الإضطرابات في الأشهر الماضية بحكم حالة الطوارئ و حرص أجهزة الأمن على منع العمليات الإرهابية في عمليات استباقية. و ذكر التقرير أن عمليات «التأكد من الهوية» طالت الشباب و أن 80 % من بينهم ينتمون للسود و العرب الذين عمرهم لا يتجاوز 25 سنة.
«جاك توبون»، الذي شغل خطة وزير الثقافة في عهد جاك شيراك، أكد لراديو «فرانس أنتار» أن الشباب الذين أدلوا بشهادتهم ذكروا «علاقات صدامية» مع الشرطة . و أضاف أن «هذه الوضعية معروفة للجميع منذ ثلاثين أو أربعين سنة». أي أنها وضعية أصبحت عادية يسجلها المدافع عن الحريات بصورة أصبحت عادية. و تشكل العلاقة مع «الضواحي» أهم مشكلة تواجه الشرطة في هذه الأيام بحكم تداخل مسائل شبكات التهريب والإجرام مع الخلايا الإرهابية النائمة.
و تطرح أزمة «الضواحي» الحالية مسألة عدم الثقة في الحكومة التي تأسست على خلفية عدم وفاء الرئيس فرنسوا هولاند بوعوده الانتخابية عام 2012 في مسائل تتعلق بالقضاء على التمييز في التأكد من الهوية و تمكين الأجانب المهاجرين من التصويت في الإنتخابات البلدية و تمكين «الضواحي» من حماية أمنية. و لم تساعد أجواء مقاومة الحركات الإرهابية على إرساء علاقات سلمية وإيجابية تساهم في تخفيض حدة الأزمة في جهة باريس الكبرى. و تعتبر مساهمة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المباشرة في حل الأزمة الحالية عنصرا هاما لتمكين الحملة الانتخابية للرئاسية من جو تنافسي بعيد عن المزايدات.