اليوم تنصيب الرئيس الجديد لأمريكا: دونالد ترامب.. رجل الأعمال الذي استفزّ قادة العالـم

يستعد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اليوم 20 جانفي لدخول البيت الأبيض لخلافة سلفه الرئيس السابق باراك اوباما ، ليكون بذلك الرّئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الامريكية . دونالد ترامب هو رجل اعمال وملياردير امريكي ورغم انه رجل

اقتصاد إلا أنه يفتقد للخبرة السياسية التي تؤهله ليكون رئيس أقوى وأعتى دول العالم ، إلا أنّ نتائج تصويت النّاخبين الامريكيين كانت صادمة ومخيبة لآمال منافسته السياسية المخضرمة هيلاري كلينتون ومناصريها .
ولم تخل الفترة التي تلت فوز ترامب من الاحتجاجات المناهضة له ، وآخرها المظاهرات التي ينظمها عشرات الالاف من مناهضيه في واشنطن تنديدا بتنصيبه وهو ما قابلته السلطات الامريكية بتشديدات امنية غير مسبوقة لتفادي تعكير صفو التقليد المتبع مع تنصيب كل رئيس لأمريكا ، وأيضا خشية حدوث هجمات ارهابية .

ووفق تقارير اعلامية فان الداخل الامريكي سواء الوسط السياسي او المجتمعي ينقسم هذه الاونة الى مؤيد لترامب ومناهض له ، علما وانّ الأخير اكد مرارا نيته احداث تغييرات جذرية في قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية تعانيها البلاد ، لعل اهمها التراجع عن الإصلاح الأكثر رمزية في عهد الرئيس باراك اوباما حول اشكالية الضمان الصحي للجميع «اوباما كير».

في هذا السياق قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الطوسة لـ«المغرب» ان هناك توقعات بان تمر عملية تسليم السلط بين اوباما والرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة دونالد ترامب في ظروف أمنية وسياسية متوترة ، كون هذا الأخير يتبنى سياسة تميل الى التطرف في قناعاته على شاكلة الانتقاد اللاذع الذي وجهه الى أيقونة الدفاع عّن الحقوق المدنية في الولايات المتحدة النائب جون لويس عندما شكك في شرعية انتصار دونالد ترامب ورفض حضور مراسم دخول هذا الأخير الى البيت الابيض وفق تعبيره.

«ترامب»و اوروبا
ومنذ بدء حملته الانتخابية كان الجدل السمة الدائمة المرافقة لتصريحات ترامب وخطاباته. اذ ارجع مراقبون احد اهم اسباب نجاحه المفاجئ في الانتخابات الى اتباعه سياسة اتصالية اعتمدت على التصريحات المثيرة في ملفات حساسة تهمّ الرأي العام الأمريكي سواء تصريحاته حول ظاهرة الارهاب أو هجومه اللاذع ضد الجالية المسلمة في امريكا والتلويح بطردهم عقب توليه الحكم او غيرها من القضايا المطروحة على المستوى العالمي .

هذا الجدل رافق أيضا تصريحات ترامب التي سبقت تنصيبه بأيام قليلة ، وأثارت تصريحاته هذه المرة غضب القارة الاوروبية وفتحت باب التأويلات حول سياسة أمريكا الخارجية في ظل حكم ترامب . فعقب فوزه بساعات قليلة بدأ الرئيس الامريكي المنتخب في خلق التوتر مع عدّة دول على غرار الصين حيث لوح ترامب بفتح حوار مع تايوان وهي قضية لطالما كانت شأنا داخليّا حساسا، يرى مراقبون أنّ ترامب يرى في الصين مُنافسا اقتصاديّا حقيقيّا لبلاده. المكسيك جارة امريكا ايضا يرى متابعون أنّ علاقتها بالولايات المتّحدة الأمريكيّة قد تسوء في حال نفذ ترامب تهديداته ببناء جدار يفصل الولايات المتّحدة عن المكسيك ويحميها من الهجرة السرية .
المكسيك والصين ليستا الدولتين الوحيدتين اللتين التي طالتهما انتقادات ترامب بل طالت ايضا فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وفي هذا الصدد قال الطوسة انّ التوتر في علاقات دونالد ترامب لم يقتصر على الداخل الامريكي المهدد بالالتهاب بسبب التناقضات التي تحملها

مقاربات وقناعات ترامب الاجتماعية والاقتصادية، لكنها ايضا طالت قادة العالم حيث صعق بعضهم بسبب التصريحات النارية التي أطلقها دونالد ترامب والتي قد تؤشر الى ملامح السياسة الخارجية التي قد تتبعها ادارته وفق تعبيره. وأشار محدّثنا «من بين هؤلاء قادة الاتحاد الاوروبي ،فرنسيين وألمان، خصوصا عندما مدح ترامب عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي في إطار ما عرف بالبريكسيت وتنبؤه بمستقبل متشائم لدول الاتحاد التي ستشهد في رأيه تفككا تدريجيا». وأضاف مصطفى الطوسة ان ترامب اتهم ايضا المانيا باستغلال الاتحاد الاوروبي لخدمة مصالحها وهيمنتها فيما وصف سياسة انجيلا ميركل لاستقبال اللاجئيين السوريين بالكارثية.

واعتبر محدثنا ان الاستنفار الاوروبي وصل اعلى مستوياته بعد ان قال ترامب عن منظومة الدفاع المشترك بين أوروبا والولايات المتحدة المعروف باسم «الحلف الأطلسي»، قال ان هذه المنظمة تجاوزها الزمن ولم تعد تنفع خاصة انها فشلت في الحرب على الاٍرهاب.

تقارب امريكي روسي
يشار الى ان عديد المتابعين للشأن الدولي اكدوا ان فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة الامريكية يعني تغيرا مؤكدا في نهج السياسة الامريكية في العالم ، لعل ابرز مؤشرات ذلك كان التقارب بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغم ان علاقات الادارة السابقة للبيت الابيض مع الكرملين كانت متوترة نتيجة الازمة الاوكرانية وضم روسيا لشبه جزيرة القرم ، وهو ماعارضه الغرب وأولهم واشنطن. إلا ان الرئيس الحالي بدا فترته الرئاسية بإثارة الجدل مجددّا حول علاقته بالدولة السوفياتية سابقا ، علما وان روسيا اتهمت من قبل المخابرات الامريكية بالتدخل في نتائج الانتخابات والتأثير على سيرها .

هذا الود بين «بوتين» و»ترامب» استنفر قادة دول الاتحاد الاوربي وقادة حلف الناتو خاصة ان الرئيس الجديد للولايات المتحدة الامريكية لم يستبعد رفع العقوبات المفروضة على روسيا مقابل تخفيض ترسانتها النووية ، وهو مازاد من مخاوف الغرب خشية تغوّل نفوذ روسيا وما يمكن ان يحدثه ذلك من تغير في موازين القوى لصالح الدب الروسي.

«العرب ايضا في مرمى ترامب»
العرب ايضا كان لهم نصيب من تصريحات ساكن البيت الابيض الجديد بعد تصريحاته المثيرة للجدل حول نيته طرد المسلمين من امريكا لارتباطهم وفق تعبيره بالإرهاب.
من جهته اعتبر الكاتب والباحث مصطفى الطوسة انّ ترامب ايضا اثار جدلا كبيرا بعد تصريحاته المتعلقة بنيته نقل السفارة الامريكية الى القدس المحتلة تصريح كان القطرة التي افاضت الكأس لتزامنه مع مؤتمر باريس حول الصراع العربي الاسرائيلي والذي كان يهدف الى احياء مفاوضات السلام بين الجانبين. وأشار محدّثنا الى ان هذه الخطوة اعتبرتها عواصم القرار السياسي الاوروبي والعربي بمثابة استفزاز لا احد يعرف عواقبه.

حكومة رجال اعمال
بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، بدأت التحليلات والتوقعات والمخاوف منذ انطلاق ترامب في اختيار طاقمه الإداري، الذي اعتبر مراقبون انه هو المحدد الرئيسي لنهج سياسته الداخلية والخارجية . وبحسب ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية ،فإن اختيار شخصيات بعينها يعني أن دونالد ترامب يتجه نحو التمسك ببعض ما وعد بتنفيذه أثناء حملته الانتخابية . وفي هذا السياق يرى متابعون للشأن الامريكي انّ حكومة ترامب تتكون في غالبها من رجال اعمال مما يدل انها حكومة اقتصادية بالأساس.

من جهته اعتبر مصطفى الطوسة ان «رغم ان بعض تعييناته تتماشى مع توجهاته الانتخابية الا ان ما يثير غرابة المتتبع للشؤون الامريكية ان دونالد ترامب عين في مناصب حيوية مثل الخارجية والدفاع شخصيات لا تشاطره القناعات نفسها بل تتناقض معه فمثلا في الخارجية نجد ريكس تليرسون رئيس سابق لشركة ايكسون النفطية الذي ينظر الى ان روسيا فلاديمير بوتين لا تزال تشكل خطرا على الولايات المتحدة بينما تتجه ميول دونالد ترامب الى رفع العقوبات الدولية على هذا البلد، بينما في وزارة الدفاع نجد الجنرال جيمس ماتيس الذي لا يعتقد ان دور الحلف الأطلسي قد انتهى بل هو من مؤيدي تقوية هذه المنظومة الأمنية والسياسية التي تكرس التفوق العسكري الامريكي».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115