تقلبات وتصريحات حادة لما لترشيح ماكرون من وقع على الحزب الاشتراكي الحاكم الذي لا يزال ينتظر قرار الرئيس هولاند في خصوص قدومه على الدخول في المنافسة من عدمه.
كل وسائل الإعلام الفرنسية من صحف و إذاعات و تلفزيونات ركزت هذا الأسبوع على إعلان ترشح ماكرون وبداية الجولة الأولى من انتخابات تصفيات اليمين ليوم الأحد 20 نوفمبر. قرار ماكرون بالإعلان عن ترشحه فاجأ الجميع. ولم تسرب أية معلومات عن موعد الإعلان وإن كانت كل وسائل الإعلام و مراكز الأحزاب تنتظره بسبب دخول الوزير السابق في حملة انتخابية سابقة لأوانها بعد أن أعلن عن تأسيس حركة سياسية أطلق عليها اسم «لنمش معا» (En Marche !).
ترشح إمانويل ماكرون تقبلته الطبقة السياسية من اليمين واليسار بشيء من الخوف والتحفظ لما للوزير الشاب من حضور لدى الشباب وبسبب العدد الكبير من الموالين له الذين أعلنوا انخراطهم في الحزب الجديد عبر شبكة الأنترنت وقد وصل عددهم 100 ألف شخص. وفي حين لم يحصل الرئيس فرنسوا هولاند في أخر سبر للآراء إلا على نسبة 10 % من المساندين لترشحه، فقد دخل قصر الإيليزي في جو من الغليان لأن ماكرون أكد أنه لن يدخل سباق التصفيات بل سوف يقدم ترشحه، بدون رجعة، مباشرة في السباق النهائي. وهو ما يزيد في تشتت قوى اليسار التي سجلت إلى حد الآن دخول جون لوك ميلونشون عن الجبهة اليسارية و آخر عن الحزب الشيوعي.
وتعالت الأصوات من الحكومة والحزب الاشتراكي ضد ترشح ماكرون الذي اعتبروه «خائنا» للعهد الذي ضربه لفرنسوا هولاند و التزامه المعلن بالولاء له. ويخاف المسؤولون في الحزب الاشتراكي الذين يعولون على ترشح هولاند أن يزيد ماكرون من التشتت القاتل الذي يمكن أن يطيح بفرنسوا هولاند في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية ويعيد سيناريو 22 أفريل 2002 عندما انسحب الوزير الأول ليونال جوسبان أمام جون ماري لوبان زعيم اليمين المتطرف. ولاقى في نفس الوقت ترشح ماكرون معاداة زعماء اليمين المشاركين في السباق بسبب تموقعه خارج اليمين واليسار من جهة، ومن جهة أخرى، خشية أن يؤثر ترشح على نتائج التصفيات بتحويل وجهة الناخبين له.
ثلاثي اليمين
ثلاث مناظرات، شارك فيها 7مرشحين عن أحزاب اليمين والوسط، آخرها جرت يوم الخميس 17 نوفمبر، أفرزت ثلاثيا في الطليعة متكون من الوزير الأول الأسبق ألان جوبي، الأوفر حظوظا، والرئيس السابق نيكول ساركوزي والوزير الأول الأسبق فرنسوا فيون. ثلاثة وجوه من العيار الثقيل، لها خبرة في الشأن العام طغت على النقاشات و لم تترك للمنافسين الآخرين مجالا لفرض وجودها بالرغم من المقترحات الجديدة التي تقدمت بها.
في العموم، و حسب مؤسسات استطلاعات الرأي، يتقدم ألان جوبي عن الجميع و لو أن الفارق بينه و بين سركوزي تقلص كثيرا. لكن في المقابل تقدم فرنسوا فيون و أصبح ينافس الثنائي المحنك بجدية مما جعل التكهن بمآل نتائج الدورة الأولى للانتخابات يصعب. فكل المرشحين الثلاثة أظهروا من الحضور والدراية بالملفات وحسن تقديم المقترحات مما جعلهم يسجلون تقريبا نفس النسب بشيء من التقدم لألان جوبي. ولكن هذه التوقعات يمكن أن تتغير يوم الأحد لأن استطلاعات الرأي لا تزال في مساحة الخطأ.
في الشق المقابل، لا يزال المجال مفتوحا أمام بعض شخصيات أقصى اليسار التي ترشح نفسها تقليديا بالعلم أنها لا تحظى بأي شعبية. لكنها ترى أن وجودها هو تعبير على استمرار إيديولوجياتها. أما إمكانية توحيد صفوف اليسار فأصبح من المستحيلات التي أقر بها المشهد السياسي الفرنسي بعد تحرر جون لوك ميلونشون وخروج حزب الخضر وإمانويل ماكرون عن الطاعة الحكومية والالتزام بالصف الواحد.