كثيرون أنّ كانت أمريكا فعلا البلد الذي يخالون». وأضافت «الانقسامات التي كشفتها هذه الانتخابات عميقة، لكن رجاء صدقوني عندما أقول أنّ أمريكا تستحق العناء».
وألقت كلينتون كلمتها أمام جهات تمويل وضيوف آخرين في حفل خيري لصندوق الدفاع عن الطفولة، وهي جمعية لا تبتغي الربح تعنى بالأطفال الفقراء. وكرم الحفل كلينتون لمساهماتها في المنظمة. وكانت قد عملت فيها كمحامية شابة في السبعينات قبل أن تترأس مجلس إدارتها. وقالت كلينتون أمام حضور بالمئات «اعترف أن المجيء إلى هنا الليلة لم يكن سهلا»، مضيفة «في الأسبوع الفائت لم أكن أحيانا ارغب إلا بالمكوث في المنزل مع كتاب جيد وكلابنا، وإلا اخرج مجددا إلى الأبد».
وأضافت ان الكثيرين من الحضور واجهوا خيبة نتائج الانتخابات، متابعة «انا كذلك، أكثر مما استطيع التعبير. لكن كما قلت في الأسبوع الفائت، لم تكن حملتنا إطلاقا تتعلق بشخص واحد ولا حتى انتخاب واحد، بل كانت بشأن البلد الذي نحب وبناء أمريكا ملؤها الأمل شاملة للجميع وواسعة القلب. لم أخض العمل العام لتولي منصب عال». كذلك حثت كلينتون الحضور على مواصلة دعم الأطفال المعوزين، ملمحة إلى احد الوعود الكبرى في حملة ترامب، أي ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين، من دون ذكر خصمها بالاسم.
وقالت كلينتون «هناك أطفال خائفون اليوم كالفتاة الصغيرة التي قابلتها في نيفادا وبدأت تبكي وتعبر لي عن مدى خوفها من إبعاد والديها عنها وترحيلهما»، متابعة «لا يجوز ان يعيش اي طفل في خوف كهذا».
كلينتون تحذّر
كما أشارت إلى أن أكثر من 31 مليون طفل ما زالوا يعيشون في فقر أو شبه فقر في الولايات المتحدة، رغم التقدّم المحرز أثناء ولاية الرئيس باراك أوباما. وتابعت «كنت آمل في الحصول على فرصة للبناء على التقدم الذي أحرزه الرئيس أوباما لأنني أعلم إننا أقوى معا، عندما نرفع من معنويات بعضنا البعض»، مضيفة «أرجوكم ألا تتخلوا عن قيمنا المشتركة».
وقالت كلينتون «ما زالت أمريكا أعظم بلد في العالم... ما زالت المكان حيث يمكن للمرء التغلب على الصعاب’. ومع استمرار صدور نتائج الانتخابات النهائية، ما زالت كلينتون تتقدم على ترامب في عدد الأصوات من الشعب باكثر من مليون صوت، لكن فوز ترامب بالرئاسة محسوم، كونه حصل على 290 صوتا مقابل 232 لكلينتون داخل الهيئة الناخبة.
وتتألف الهيئة من عدد من كبار الناخبين المنتخبين يوازي عدد المقاعد المخصص لكل ولاية في مجلسي الشيوخ والنواب (اثنان ثابتان لكل ولاية في مجلس الشيوخ، وواحد على الأقل في مجلس النواب بحسب عدد السكان). وهي تقوم بانتخاب الرئيس ونائب الرئيس رسميا في 19 ديسمبر، في ما يعتبر إجراء شكليا لان أعضاء الهيئة يتعهدون مسبقا بدعم مرشح ما.
تأجيل التواصل مع الخارجية و البنتاغون
من جهة أخرى قالت شبكة «سي إن إن» الأمريكية إن قرار الرئيس المنتخب دونالد ترامب أن يقود نائبه مايك بنس فريق انتقال السلطة بدلا من كريس كريستي، حاكم ولاية نيوجيرسي إلى جانب المعارك الداخلية المستمرة في « تاور ترامب»، تسبب تأجيلا في الاتصال ببعض الوكالات والوزارات المهمة مثل الدفاع والخارجية.
وعلى الرغم من مرور أسبوع على انتهاء الانتخابات، إلا أن فريق ترامب الانتقالي لم يتصل حتى الآن بالبنتاغون أو الخارجية ووكالات فيدرالية أخرى. كما أن التحرك لاستبعاد بعض المستشارين والموظفين قد أدى إلى مزيد من التأخير. وذكّرت الشبكة الأمريكية أن الرئيس باراك أوباما كان قد أعلن أسماءه المختارة لعملية انتقال السلطة في غضون أيام من إعلان فوزه.
وذهبت «سي إن إن» إلى القول بأن كريس كريستي كان قد وقع على الوثيقة الرسمية، (مذكرة تفاهم) مع إدارة أوباما لإدارة الانتقال، مما يعني أنه أصبح مطلوبا الآن نسخة جديدة عليها توقيع مايك بنس بعدما تولى هو قيادة فريق انتقال السلطة، لكن أوباما لن يعود من جولته الأوروبية الأخيرة له في الحكم قبل يوم الاثنين المقبل. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن هذه الورقة لم تصل حتى مساء الثلاثاء الماضي. ومن المتوقع أن يعلن فريق ترامب أسماء الفرق الأولى لوزارة الخارجية ووكالات الأمن القومي امس الخميس، وفقا لتصريحات المتحدث باسم الحزب الجمهوري، أما فرق الاقتصاد والسياسة الداخلية فسيتم الإعلان عنها الأسبوع المقبل.
اوباما يسلم ميركل شعلة القيم الديمقراطية
في نفس السياق التقى باراك أوباما وأنجيلا ميركل أمس الخميس في برلين في اجتماع أقرب إلى مراسم تسليم الشعلة، في وقت بات العالم ينظر إلى المستشارة الألمانية على أنها حاملة لواء القيم الديمقراطية بعد الرئيس الأمريكي الحالي، إثر انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
وغداة إلقائه خطابا في أثينا كان بمثابة وصيّة سياسية دافع فيه عن الديمقراطية وعن عولمة أكثر عدالة اجتماعيا، سيشدد الرئيس الأميركي في برلين، المحطة الثانية والأخيرة من جولة وداع، على القيم المشتركة بين أوروبا والولايات المتحدة، بحسب ما أوضح مسؤولون في البيت الأبيض.
كما سيسعى الى طمأنة المخاوف حول مستقبل الشراكة بين ضفتي الأطلسي، في وقت أعلن الرئيس المنتخب انه سيلتزم بمبدإ «أميركا أولا». وأشاد أوباما (55 عاما) في الأيام الأخيرة بالمستشارة الألمانية التي وصفها بأنها «ربما الشريكة الدولية الأقرب» له. وفي موقف يتناقض مع الخطاب المعارض للعولمة الذي يعتمده خلفه المنتخب، وجه أوباما وميركل رسالة في مقالة مشتركة نشرتها أسبوعية اقتصادية مساء الأربعاء، مدافعا فيها عن العلاقة التي تربط ضفتي الأطلسي وعن التبادل الحر، في وقت أعلن ترامب عن مواقف أقرب إلى الحمائية والانعزالية. وكتبا «لن تكون هناك عودة الى عالم ما قبل العولمة»، مؤكدين «نكون أقوى حين نعمل معا».
علاقة مميزة
وبعد وصول أوباما إلى السلطة، طور المسؤولان بشكل سريع علاقة وثيقة استمرت حتى بعد أزمة 2013 عند كشف فضيحة تنصت واشنطن على الهاتف النقال للمستشارة.وتبنت ميركل بعد فوز دونالد ترامب موقفا غير اعتيادي بنبرته الحازمة والواضحة، فذكرته بأهمية احترام القيم الديمقراطية والتسامح، بعدما كان الرئيس المنتخب انتقد بشدة خلال الحملة الانتخابية ميركل وسياسة فتح الأبواب أمام المهاجرين التي انتهجتها.
ويرى بعض المحللين أن زيارة أوباما تتخذ في هذه الظروف منحى مراسم تسليم الشعلة، لتجد المستشارة نفسها بعد خروجه من البيت الأبيض أفضل ممثلة لـ«العالم الحر»، وكذلك المدافعة عن العلاقة الأطلسية وعن التبادل الحر، وكلها قيم كان البيت الأبيض يحمل رايتها حتى الان.
وفي دليل على الوزن الذي اتخذته ألمانيا، اختار أوباما برلين ليودع فيها اليوم الجمعة قادة بريطانيا تيريزا ماي واسبانيا ماريانو راخوي وايطاليا ماتيو رنزي وفرنسا فرنسوا هولاند.