ليبيا: هل تسيطر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية على اجتماع لجنة الحوار في مالطا ؟

محمد محمود عبد الوهاب: الباحث في الشؤون الدوليّة

في الوقت الذي دخلت فيه عملية «البنيان المرصوص»، المراد بها القضاء على عناصر «داعش» الإرهابي في سرت ، شهرها السادس ، فإن التصريحات التي جاءت على لسان الناطق الرسمي

باسم غرفة عمليات البنيان المرصوص من مطالبة المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق الوطنى بمد قوات عمليات تحرير سرت بالاسلحة والذخائر بشكل عاجل ، تثير لدي المتابعين للشأن الليبي تساؤلات حول مدى تحقيق عملية البنيان المرصوص أهدافها؟ وهل التقدم الذى حققته فى الأسابيع الأولى من انطلاقها مازالت آثاره قائمة ؟

 

ونشير بدايةً إلى أن بعض التقديرات لمسؤولين أمميين ترجح أن التباطؤ الحالى فى تحقيق تقدم على حساب عناصر داعش يرجع إلى انتشار الالغام والسيارات المفخخة وقيام عناصر التنظيم الارهابي بتكثيف هجماتها خارج حدود سرت، وما زالت التقديرات حول التطورات الميدانية تشير إلى استمرار المواجهات المسلحة لأسابيع قادمة وربما لوقت أطول من ذلك.

واستكمالاً لسلسلة الاجتماعات التى تتناول الشأن الليبي وآخرها اجتماع لندن الذي عقد بمبادرة أمريكية بريطانية ونتج عنه الاتفاق على تعيين نائب وزير للمالية معني بإعداد بنود ومخصصات الموازنة الليبية العامة الجديدة ، وانشاء لجنة ما بين مصرف ليبيا المركزي والمجلس الرئاسي منوط بها مراجعة السياسات المالية وتدبير مخصصات لتوفير المواد الأساسية ، فإنّ البعثة الأمميّة قد دعت الأطراف المهتمة بالملف الليبي وأعضاء لجنة الحوار الليبي ( ممثلين عن مجلس النواب والمؤتمر الوطني ومستقلين ) إلى عقد جولة جديدة للحوار فى مالطا يومى 10 و 11 نوفمبر الجاري .

وتعكس الأجواء المحيطة بالاجتماع الجديد للجنة الحوار ، استمرار الخلافات بين الأطراف السياسية وأيضاً العسكرية في ليبيا مع ظهور مدينة «الجفرة» كمسرح جديد للاستقطاب الجاري منذ فترة بين المشير حفتر ووزير دفاع حكومة الوفاق «المهدي البرغثي» ، حيث قام الأول باصدار قرار باخلاء مقر الكتيبة 204 دبابات التي يرأسها المهدي البرغثي وأمر بتسليمها كقطعة أرض لنادي النصر الرياضي. في حين يعتزم البرغثي نقل مقر وزارة الدفاع إلى الجفرة لتفادي الضغوط التي تتعرض لها حكومة الوفاق الوطني والمستجدات الخاصة بتحركات العناصر المحسوبة على خليفة الغويل وقوات الحرس الرئاسي.

ويسعى اجتماع مالطا إلى طرح حلول للخلافات القائمة وافكار جديدة للضغط على مجلس النواب قبل أن تقدم له التشكيلة الحكومية الجديدة ، وربما النظر في امكانية الإعلان عن مشروع توافقي جديد لا يستبعد توافق الصخيرات وإنما ينطوي على اعتبار حكومة الوفاق بمثابة حكومة طوارئ تتولى الاعداد لاجراء انتخابات برلمانية جديدة لتفادي التردي القائم للأوضاع الاقتصادية .

ويتزامن اجتماع مالطا مع الترتيبات الأمنية المشددة المصاحبة لوصول كل من سفير النمسا وسفير تركيا إلى مطار معيتيقة فى 9 الجارى لتقديم أوراق اعتمادهما لدى حكومة الوفاق الوطنى ، وإعلان الحكومة الإيطالية مؤخراً تخصيص ميزانية إضافية لتمويل مشاركتها فى عملية IPPOCRATE فى ليبيا فى اطار مهمة بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا .

وفى حين يمكن النظر إلى تلك التحركات الدولية على أنها تأتى فى اطار البحث عن مخرج لانسداد أفق الحل السياسي في ليبيا فإن التقارير الصادرة عن مؤسسات نقدية دولية تشير إلى أن الاقتصاد الليبي أصبح على حافة الانتهاء نتيجة للتضخم المالي الذي وصل إلى 25.3 % ، أخذاً في الاعتبار أن الحملة الجوية المكثفة التى تباشرها طائرات أمريكية لم تسهم فى كسر شوكة مقاتلي «داعش» الارهابي في سرت والمناطق المحيطة .

من جهة أخرى، يبدو لعدد من المحللين السياسيين أن نتائج الانتخابات الأمريكية والفوز الكاسح الذي حققه الحزب الجمهوري في انتخابات الكونغرس ووصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الدولة الأكثر تأثيراً على السياسات الدولية ، سوف يكون له تأثير كبير على حجم التفاعل الأمريكي مع أهم القضايا فى الشرق الأوسط ، علماً بأن ترامب يعتقد أن الازمة الليبية أقل تعقيدا بكثير من الملف السوري الذي يتسم بتعقيدات طائفية وعرقية متداخلة ، فضلاً عن انتقادات ترامب المتكررة للتدخل الدولي الذي ساهم في الإطاحة بالقذافي مما فتح الباب أمام عدم الاستقرار في دولة نفطية هامة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115