هي المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون . وأضاف صيام أن إمكانية انتخاب المرشح الجمهوري دونالد ترامب تثير مخاوف العرب المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكيّة لما يحمله الرّجل من فكر وسياسة متعصبة .
• في رأيك من سيكون الفائز في الانتخابات ونحن اليوم نشهد اليوم الانتخابي ؟
كل استطلاعات الرأي تجمع على فوز مرشّحة الحزب الدّيمقراطي هيلاري كلينتون أمام منافسها عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب، رغم أنه إستطاع أن يقلص الفارق بينه وبينها من 12 نقطة بعد المناظرة الأخيرة إلى نقطة أو نقطتين في الأيام الأخيرة. لكن ما زال فوز هيلاري هوالأرجح وبذلك ستكون أول إمرأة تصل سدة الرئاسة في البلد الأقوى في العالم. ودعني أؤكد أن حملة الانتخابات الحالية بين مرشحي الرئاسة المتنافسين للوصول إلى البيت الأبيض تختلف عما سبقها كثيراوستبقى في ذهن الأجيال التي عاشتها سابقة لم تشهد هذه البلاد مثيلا لها منذ أن إستقر نظامها الجمهوري قبل قرنين ونيف من الزمان، بل وستحفر في الذاكرة الجمعية للشعب الأمريكي بأنها الحملة الانتخابية الأسوأ والأكثر سلبية وشتائم وكان التركيز على شخصية ومسلكية المرشحين أكثر من البرامج والرؤى. ولا تكاد تجد أحدا من الناس راضيا تماما عن المرشحين بل إن الغالبية الساحقة تقول إن الاختيار في هذه الانتخابات هو بين الرمضاء والنار. فكثير ممن سسيصوتون لكلينتون يؤكدون أنها شخصية غير محبوبة ولا تدخل المزاج وتكذب وانتهازية وغير مبدئية ومستعدة أن تغير جلدها مرات ومرات من أجل أن تحقق هدفها. ويضيف هؤلاء بأن عدم التصويت لها يعني ببساطة مساهمة في نجاح ترامب ذاك الرجل الأهوج والعنصري والسطحي والذكوري المتعصب والمليارديرالنصاب الذي لم يدفع فلسا واحدا للضرائب منذ عام 1995 وصاحب النظرة الاستعلائية على كل من هو غير أمريكي أبيض غني ومؤيد له حصريا. إذن نحن أمام منافسة لا تثير حماس أحد أو قناعة أحد بمقدار ما يراها الناس ضرورة بسبب إستحقاق العملية الديمقراطية التي لا بد أن تصل إلى نهايتها بانتخباب رئيس جديد بعد نهاية الولاية الثانية للرئيس الحالي والتي بانتهائها يغلق الباب أمامه للترشح من جديد.
• وكيف كشفت حملة الانتخابات الحالية عن الأزمة الداخلية للحزبين؟
هناك أزمة حزبية متفجرة داخل الحزبين الكبيرين. فالحراك الكبير الذي نضج داخل الحزب الديمقراطي جسده بيرني ساندرز بامتياز والذي خلخل قواعد الحزب المستقرة ليجمع حوله الملايين من الشباب والعمال والطلاب والأقليات وخاصة العرب والمسلمين. لكن قيادات الحزب الكلاسيكية استطاعت أن تحتويه مقابل تقديم بعض التنازلات التي أضيفت إلى برنامج هيلاري الانتخابي. وقد يكون الرجل قد وعد بمنصب مهم في أول وزارة تشكلها هيلاي في حال فوزها.
لقد شكل ساندرز الاشتراكي وعضو مجلس الشيوخ المعروف تيارا عارما يقف مع الفقراء وضد الحروب ويطالب بتحديد قيمة تبرع الشركات للمترشحين ومعاقبة الشركات التي تلوث البيئة. وهو أول مرشح رئاسي يدعو إلى جعل التعليم الجامعي الأول مجانيا في كليات وجامعات الولاية وهذا الإعفاء تصل تكاليفه الى 70 مليار دولار سنويا. وساندرز من الشجعان القلائل الذين أنتقدوا الممارسات الإسرائيلية والاحتلال وطالب بإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل كما أنه أيد الاتفاق مع إيران حول منشآتها النووية وانتقد خطاب نتنياهو في الكونغرس للتحريض ضد الاتفاق مع إيران.
كل هذه الآراء الجريئة أربكت المؤسسة التقليدية خاصة وأن شعبية ساندرز بدأت تطغى حتى أن الحزب بدأ يضع الخطط لمواجهة شعبيته الطاغية لإنهاكه وبعثرة حملته الانتخابية وتعزيز حملة هيلاري كلينتون.
لقد وجد العديد من الأجيال الشابة الذين إلتفوا حول ساندرز أنهم خارج ألاعيب الانتخابات وعزفوا عن إندفاعتم الأولى بعد ترشيح مؤتمر الحزب للسيدة كلينتون وقرر البعض، على الأقل، ان لا يصوت لها لأنها لا تمثل طموحهم. كان هذا التيار في الحزب الديمقراطي يحاول أن يدفع بالحزب أو يجره إلى اليسار أو يسار الوسط لكنه فشل هذه المرة. قد يبدو أن هذا الجيل الجديد هادئ الآن لكن الحراك النشط والطاقة الكبرى التي بثها ساندرز في صفوف الشباب والعمال والأقليات والمهاجرين لن ينتهي مع انتهاء الانتخابات بل سيعود ليعبر عن نفسه بطريقة أو بأخرى بعد الانتخابات استعدادا لتشكيل تيار عريض يدفع بالحزب نحو تبني آراء ليبرالية أكثر أو اشتراكية. أما التمرد أو قل التفتت والتشرذم داخل الحزب الجمهوري فقد إستفحل بحيث لم يعد الحزب قادرا على أن يلتف حول مرشح قوي فأرغم
على قبول ترشيح شخص من خارج الحزب أصلا وتقبّل الهزيمة مضطرا. ومع أن مؤتمر الحزب في النهاية أتفق على ترشيح ترامب للانتخابات، على طريقة «مكره أخاك لا بطل» إلا أن التمرد ما زال قائما حيث قاطع العديد من قيادات الحزب التقليدية حملة ترامب الانتخابية بل وأعلن بعضهم، مثل جورج بوش الأب وكولن باول وزير الخارجية الأسبق وميت رامني المرشح الرئاسي السابق وبوب دول المرشح الرئاسي الذي نافس كلينتون وغيرهم كثيرون، أنهم سيعطون أصواتهم إما لهيلاري كلينتون أو يمتنعون عن التصويت.
أزمة الحزب الجمهوري أكبر من تلك الموجودة في منافسه الديمقراطي. فالحزب لم يستطع أن يستقطب الأقليات ولا السود ولا جيل الشباب ولا المثليين ولا الفقراء والعمال. فما زال تيار قوي في الحزب يؤمن أن أمريكا من حق الرجل الأبيض الغني المتحدر من أصول
أنغلو ساكسونية وذي عيون زرقاء وشعر أشقر ورقبة حمراء. جماعة في الحزب لا تحب الأجانب ولا المهاجرين ولا الأقليات. تعتقد أن أمريكا مهددة من الأقليات والمهاجرين ولذلك عليها مسؤولية إنقاذها. لكن القيادات الشابة في الحزب تريد له أن ينزل إلى الجماهير ويتعلم من أخطائه ويضع في حساباته مسألة استقطاب الأقليات والمهاجرين والسود والنساء.ولم يكن هناك من يمثل هذه التيارات بشدة فاختلف المرشحون وتنافسوا على التطرف مثل ماركو روبيو وتيد كروز وجون كاسيتش وصولا إلى ترامب الذي بدأ حملته الانتخابية بنوع من الديماغوجية والشعارات المستفزة لجميع الناس من حوله أولا ثم بدأ يحاول، وبصعوبة، ترشيد خطاب انتخابي عقلاني إلا أنه ظل يعود إلى ديماغوجيته رغم محاولاته البائسة فقد كشفت المناظرات الثلاث مع هيلاري سذاجة طرحه وتقلب مواقفه وصعوبة تحقيق آرائه غير الواقعية والتي تستثير الاستهجان حتى من الأمريكيين أنفسهم وخاصة عندما أشار إلى أنه قد لا يقبل أن يلتزم بنتائج العملية الانتخابية وكأنه يشكك في النظام الديمقراطي برمته.
• وماذا عن تأثير ذلك على أوضاع العرب والمسلمين في الولايات المتحدة بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام؟
العرب والمسلمون هنا متخوفون تماما من انتخاب دونالد ترامب. لقد وعد في حال انتخابه رئيساً للولايات المتحدة أنه سيفرض على الفور نظام «تدقيق مشدد» في خلفيات المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
وتعهد الملياردير في خطاب ألقاه في ولاية أوهايو بشأن سياسته الخارجية، بأن «حكومة ترامب ستضع مبدأ بسيطا سيطبق في كل القرارات المتصلة بالهجرة، سنكون حازمين، سنكون حتى متطرفين، لن نقبل في هذا البلد سوى الناس الذين يشاركوننا قيمنا ويحترمون
شعبنا» مذكراً مستمعيه أن الذين ارتكبوا مجزرتي سان بيرناردينو في ولاية كاليفورنيا العام الماضي ومدينة أورلاندو بولاية كاليفورنيا في شهر جوان الماضي «هم من المهاجرين أو من أبناء المهاجرين المسلمين».
وكرر ترامب تعهده بـ»تعليق الهجرة التي مصدرها مناطق في العالم هي الأكثر خطورة وعدم استقرار» في إشارة إلى البلدان العربية والإسلامية مشدداً إنه «حان الوقت لفرض آليات رقابة جديدة في مواجهة التهديدات التي تواجهنا، اسميها التدقيق المشدد. دقت ساعة نهج جديد».كما وعد بـ«القضاء على تنظيم داعش وأيديولوجية الموت» لديه، متهما سياسة الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته السابقة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون بـ«تقديم ميدان عالمي للإرهاب».
أما بالنسبة لهيلاري فلا نتوقع تغييرا حادا في السياسة الخارجية عن تلك التي إتبعها أوباما. مع العلم أنها تعد بفرض منطقة حظر طيران في شمال سوريا في حال فوزها إلا أننا لا نعتقد ذلك كون مثل هذه الخطوة يضع الولايات المتحدة في طريق مواجهة عسكرية مع الاتحاد الروسي وهو ما لا يؤيده أحد. قد تتابع نهجا أكثر حيوية في الموضوعين السوري والعراقي أولا وربما اليمن وليبيا كذلك لكن باستخدام الدبلوماسية النشطة والضغوط الاقتصادية وسلة الحوافز التي تنتظر المتعاونين.
أما بالنسبة للموضوع الفلسطيني فلا نتوقع تغييرا يذكر في السياسة التي اتبعها الرئيس أوباما خاصة أن اللوبيات المؤيدة لإسرائيل قد اصطفت خلفها تماما ودعمتها بالمال والتصويت وستأخذ نصيبها من أسباب الفوز عندما يحصل. ستبقى تتحدث عن حل الدولتين ومناهضة الاستيطان لكن لا يعدو ذلك كونه خطابا فارغا بينما سيقف الفيتو في مجلس الأمن بالمرصاد لآي خطوة جادة لتمرير قرار يطالب بوقف الاستيطان فعلا وإنهاء الاحتلال الذي يقترب من نصف قرن.