ليــــبيا: التسوية السياسية في مأزق والخيار العسكري مطروح

بعد جلسات ماراطونية من الحوار السياسي بين الفرقاء الليبيين برعاية الأمم المتحدة تم توقيع الاتفاق السياسي بمدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015 ، اتفاق قال عنه مهندسه المبعوث الأممي برنار دنيوليون بأنه هش وضعيف ورغم ذلك الضعف تمسك مارتن كوبلر المبعوث

الأممي الجديد بتنفيذه كما هو رافضا إجراء أية تعديلات عليه. لوحت لجنة العقويات بمجلس الأمن الدولي بعصى العقوبات في وجه معرقلي مخرجات الحوار السياسي وتم فرض عقوبات على أحد أبرز المعرقلين رئيس مجلس النواب لكن دون حدوث أي تغيير بل عكس ذلك تمادى البرلمان في المماطلة والمناورة وقد مرت 10 أشهر على التوقيع على اتفاق الصخيرات ولم ينجح المجلس الرئاسي في تمرير حكومته..

 

ويجمع المراقبون على أن القوى الكبرى باتت على يقين بأن حظوظ تطبيق الاتفاق تساوي صفرا وهي محصلة تعتبر طبيعية في ظل تضارب المصالح والتدخلات الخارجية الصارخة وازدواجية المواقف وغياب المشروع الوطني. أمام هذا المأزق السياسي تحركت مجموعة من ضباط الجيش مقربة من خليفة حفتر مطلع ماي 2014 وأعلنت إطلاق عملية الكرامة لمحاربة الإرهاب والمليشيات الخارجة عن القانون ودعم الشرعية المتمثلة في مجلس النواب المعترف به دوليا.

وبفضل عملية الكرامة أمكن للجيش تحرير أغلب أحياء مدينة بنغازي وتخريج عدد من دورات التدريب للعسكريين الجدد كما استغل حفتر على أفضل وجه وجود البرلمان بطبرق وتحت حماية الجيش حيث تم تعيين حفتر قائدا عاما للجيش وترقيته إلى رتب لم يكن يحلم بها على الإطلاق وهو المحكوم بعقوبة الإعدام زمن القذافي.

اشتد عود المؤسسة العسكرية وتجاوز عدد منتسبيها 50 ألف عسكري دون احتساب القوات المساندة من شباب المدن الداعمة لحفتر كما أمكن للجيش تسليح نفسه بالقدر الأدنى رغم حظر التسليح الأممي وقد لعبت مصر والإمارات والسعودية وروسيا دورا مهما في ذلك.

تحولات
أول النتائج لاستعادة الجيش لأنفاسه بعد الضربات القاصمة التي تلقاها من حلف الناتو في 2011 كانت نجاحات بنغازي ثم تلتها عملية البرق الخاطف وتحرير الموانئ النفطية حيث كشفت هذه العملية حقيقة قوة المليشيات والمجموعات المسلحة التي كان الإعلام يضخم قواتها وحجمها لتخويف الطرف المقابل. فإبراهيم الجضران آمر حرس المنشآت النفطية للمنطقة الوسطى صنع لنفسه بفضل الإعلام هالة كان يتحدث عن وجود 26 ألف مسلح وآليات ودبابات وأسلحة متطورة وحاضنة اجتماعية ودعم دولي وتوعد أكثر من مرة سحق كل من يحاول دخول الهلال النفطي لكن في النهاية شاهد الجميع كيف انهارت امبراطورية الجضران في ساعات ودون مواجهات مسلحة. ويرى خبراء عسكريون في هذا السياق أن الأغلبية الساحقة من المليشيات والمجموعات المسلحة التي تصول وتجول في ليبيا تعمل وفق قاعدة عسكرية بريطانية معروفة وهي أن قوة المجموعة ليست كما يراها قادتها وإنما قوة المجموعة والمليشيات أو الجيش هي تلك التي يعتقد الآخر وجودها وهي الناتجة عن الصورة التي يصنعها الإعلام في ذهن الآخر وهذا ما ينطبق على مليشيات ليبيا.

إضافة مثال مليشيات الجضران نجد مليشيات مصراتة وهي التي أطلقت عملية البنيان المرصوص لتحرير سرت من الدواعش فما الذي أنجزته هذه المليشيات بعد دخول العملية شهرها الرابع وهجومها على مدينة مكشوفة خالية من سكانها؟
بشهادة غرفة تحرير سرت كانت الفاتورة غالية جدا ومفزعة لمصراتة بحوالي 500 قتيل و2600 مصاب ويؤكد عسكريون أنه لولا الدعم الدولي من خلال تنفيذ 160 غارة جوية لتم سحق مليشيات مصراتة من طرف تنظيم داعش الإرهابي.

وقائع تؤكد في جملتها بأن الإعلان الحربي نفخ في صورة تلك المليشيات لتحقيق غايات معلومة وغير معلومة لكن عملية البرق الخاطف كشفت الحقيقة بعد السقوط غير المتوقع لمليشيات الجضران ووصول مبادرة التسوية السياسية للنفق المظلم ، تمادى الجيش في تقدمه في كل الاتجاهات جنوبا وتواجدت الدوريات العسكرية على طرقات الجفرة والمنطقة الوسطى وسبها كما تواجد الجيش على أبواب طرابلس وغربا حتى الزنتان . وفي تطور لافت صرح المشير حفتر بأنه لن يسمح بعربدة المليشيات والعصابات المسلحة داخل طرابلس وتعهد بتحريرها قريبا ودون قتال.

حيال هذه الأوضاع لا يستبعد متابعون إقدام الجيش فعلا على اقتحام طرابلس وطرد المليشيات ومطالبة ...

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115