الباحث في العلاقات الدولية د. ابراهيم الرفاعي لـ «المغرب»: «سوريا قُسّمت وكل طرف يحاول أن يحافظ على المنطقة التي يتواجد فيها»

اعتبر د. ابراهيم الرفاعي استاذ العلاقات الدولية ان هناك تبدلا في الدور الامريكي الروسي نحو ايجاد بعض القواسم المشتركة في اقصاء بعض التنظيمات من القصف. وقال الباحث والمحلل السياسي ان سوريا سائرة نحو التقسيم وهذا سينعكس – بحسب رأيه - على شكل النظام السياسي

الذي سيكون محاصصة طائفية وسياسية وقومية . واشار الى ان تقسيم سوريا سيؤدي الى بروز دولة جديدة في المنطقة.

• هل هناك معادلات جديدة اليوم في سوريا ؟
لا توجد معادلات جديدة في الأزمة السورية بل هناك تطور وبعض التحولات في المعادلة القائمة والتي كانت اصلا قد أعطت بعدا جديدا للأزمة السورية. فلم تعد في مكوناتها أزمة سورية محلية وطنية بل اصبح لها آليات ومفاعيل دولية واقليمية . الأزمة السورية أصبحت ذات تكوين دولي اقليمي محلي وهذا ما يؤثر ايما تأثير على المشهد السوري وعلى طبيعة التحالفات داخل المشهد السوري .

• ماذا بعد اتفاق الهدنة الروسي الامريكي ؟
توصلت روسيا الاتحادية مع الولايات المتحدة الامريكية الى تفاهم لتهدئة الاوضاع داخل سوريا او فرض هدنة على مختلف الاطراف بهدف الوصول بالأزمة الى مرحلة الانتقال السياسي .
في ما يتعلق بالتفاهم فهو يستهدف إنشاء آلية مشتركة روسية امريكية مقرها عمان وهي ذات طابع تنفيذي لناحيتين: أولا تنسيق الضربات والعمليات العسكرية داخل سوريا لكي تكون ضربات روسية امريكية مشتركة ضد كل من تنظيم داعش الارهابي وجبهة النصرة تحديدا

. ثانيا تعاون استخباراتي في هذا السياق، ثالثا يوجد نوع من الارتباك في الموقفين بشأن جبهة النصرة وداعش . إذ لا يجري قصف داعش او النصرة إلا بعد تحديد من هي الفصائل المعارضة السورية التي تعتبر في نظر الطرفين شرعية. وخاصة انه في بعض المناطق هناك تداخل ما بين تنظيم القاعدة وداعش الارهابي ، اذ ان الفرز يصبح صعبا على الطرفين ولا تنفذ الضربات إلا بعد ان يحدث الفرز بين التنظيمات الارهابية والمعارضة .حينذاك تبدأ العمليات العسكرية الامريكية الروسية المشتركة في المشهد السوري وبعد تحديد المناطق التي ستكون محل تنسيق عسكري او استخباراتي . فهناك مناطق أخرجت من دائرة قصف الجانبين كما يحجّر على الجيش السوري قصف مناطق بعينها في الجولان السوري . اذ نجد انه لإسرائيل دورا في تلك المنطقة بما في ذلك الدعم اللوجستي والغطاء الذي تؤمنه لبعض فصائل المعارضة المتداخلة مع تنظيم داعش او النصرة. ولاحظنا مؤخرا ان المضادات السورية اعترضت طائرتين اسرائيليتين. لذلك فإن الضربات الامريكية على دير الزور يمكن تفسيرها على انها رد على القصف السوري لطيران اسرائيلي في هذه المناطق التي لا تريد

الولايات المتحدة او «اسرائيل» ان يتم التعرض اليها. وربما تستهدف «تل ابيب» ان تقيم حزاما امنيا على غرار الحزام الأمني الذي كان قد اقيم في جنوب لينان زمن حداد . اما في ما يتعلق بنقاط التفاهم اولا تبدأ الهدنة لمدة 48 ساعة ثم تليها هدنة لمدة 48 ساعة اخرى ، وإذا نجحت لمدة اسبوعين يجري الاتفاق على انفاذ آليات العمل الروسية الامريكية لضرب كل من تنظيم داعش والنصرة. اذن في هذا السياق نجد ان هناك تبدلا في الدور الامريكي الروسي نحو ايجاد بعض القواسم المشتركة في اقصاء بعض التنظيمات من القصف ونلاحظ ان هناك تقاطعا حول داعش والنصرة ،فالولايات المتحدة تريد ان تراعي مطالب بعض القوى الاقليمية خاصة في ما يتعلق بتنظيم النصرة والأكراد، فهناك تسريبات تؤكد ان روسيا تبدي نوعا من المرونة.

• ما هي دلالات قيام جبهة النصرة بتغيير اسمها ؟
غيرت جبهة النصرة اسمها لتندرج في اطار تحالف او جبهة جديدة سميت بجيش الاسلام ولاحظنا الدور الذي لعبته في معارك حلب لما وقع احتلال الكليات العسكرية والمدرسة الفنية في حلب، اذا كان العمود الفقري للهجوم هو جبهة النصرة باسمها الجديد ألا هو جيش الاسلام . وذلك في الوقت الذي كانت فيه القوات الكردية «جيش سوريا الديمقراطية» والذي يتألف من قوى كردية في الاساس وميليشيات مؤازرة لهم «تحاول اخراج داعش الارهابي من منطقة منبج في حلب بمظلة جوية للتحالف بقيادة امريكية .

• ما هي مقاربتكم لقيام تركيا بتأسيس منطقة عازلة في سوريا؟
ان الامتداد الكردي المفروض من عين العرب الى منبج ، أدى الى اعادة تأزيم الاوضاع بين الولايات المتحدة وتركيا حول المسألة الكردية التي تعتبرها انقرة تهديدا مباشرا لها ، وهذا ما قاد الأتراك الى الدخول لفرض منطقة الحزام الأمني في شمال سوريا، الامر الذي كان مرفوضا في السابق من طرف الولايات المتحدة وروسيا أيضا .

اليوم نجد ان هناك اقرارا امريكيا روسيا بهذه المنطقة العازلة للأتراك في شمال سوريا . كذلك نجد ان هناك توزيعا للأدوار والحصص سواء مناطقيا او فصائليا. من ناحية اخرى وفي اطار هذا الاتفاق ونتيجة له نجد ان الروس والأمريكان ، اتفقوا على محاولة فرض هدنة على مختلف الاطراف والضغط عليها سواء كانت ايران وحزب الله والنظام السوري او كانت دول الخليج العربي او تركيا .

• هل إن سوريا سائرة نحو التقسيم؟
سوريا قسمت والان كل طرف يحاول ان يحافظ على المنطقة التي يتواجد فيها ونلاحظ ان هناك نقطة وقع التفاهم حولها في اطار التفاهم الروسي الامريكي وتتعلق بمسح او قياس المساحة التي تسيطر عليها التنظيمات السورية المسلحة وخاصة تنظيم داعشالارهابي. فكل طرف يحاول ان يحسن الظروف للمحافظة على المساحات التي يحتلها . في هذا السياق نجد ان التفاهم الامريكي الروسي يعكس محاولة روسية امريكية لضبط الأوضاع قبل الانتخابات الامريكية وبيان من سيكون الفائز ، هيلاري كلينتون او دونالد ترامب . كذلك نجد ان هذا التفاهم من شأنه ان يعزز قبضة روسيا الاتحادية على القرم التي كانت ضمتها سابقا اليها وشكلت ازمة بينها وبين الغرب وخاصة الولايات المتحدة الامريكية. اذن هذا التفاهم يعني ان هناك اقرارا امريكيا بالدور الروسي بمنطقة المياه الدافئة انطلاقا من سوريا وهذا من شأنه ان يعزز قبضة روسيا على القرم ويعطي للأسطول الروسي المتواجد في البحر الاسود مرونة في التحرك عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في المياه الدافئة وخاصة سوريا . كما ان هناك اقرارا بالدور الروسي في السيطرة على خطوط الطاقة وبالاشتراك مع تركيا في اطار ما يسمى بالصيد التركي الذي شكل بديلا عن المفاوضات الروسية الاوروبية بشأن مد خط انابيب الغاز عبر البحر الاسود الى اوروبا. فلملف القرم يشكل ازمة في البنية التحتية المؤثرة والفاعلة في الازمة السورية.

ان كل هذا المعطيات تؤشر الى ان سوريا كدولة لم تعد كما كانت وصار هناك نوع من تفتيت النسيج الديمغرافي السوري الجغرافي . اذن سوريا على ابواب تقسيم وهذا سينعكس ويتجسّم في شكل النظام السياسي مستقبلا والذي سيكون محاصصة طائفية وسياسية وقومية . وعوض ان تكون سوريا دولة وحدة ستصبح فيدرالية او كونفدرالية ان لم نشهد بروز دولة جديدة في المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115