«التلاسن» السعودي الإيراني الأخير حول الحجّ: «حرب المكانة الدينية والإقصاء الممنهج »

أدت الانتقادات التي وجهها الزعيم الأعلى الإيراني اية الله علي خامنئي لإدارة المملكة العربية السعودية للحج، إلى تراشق عنيف وغير مسبوق بالاتهامات بين القوتين الإقليميتين المتنافستين في الشرق الأوسط مقترحا على الدول العربية «التفكير في إنهاء سيطرة الرياض على الحج» وفق تعبيره.

وجاءت تصريحات خامنئي بعد حادث التدافع في «منى» العام الماضي والذي قتل فيه مئات الحجاج اغلبهم من إيران. الاتهامات الإيرانية واجهها رد سعودي حاد وصف خلاله مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ زعماء إيران بأنهم «ليسوا مسلمين» وهو ما أفرز حربا كلامية بين مسؤولي البلدين ،واجهتها دعوات عربية وغربية بعدم تسييس «الحج» والنأي بهذه الفريضة الإسلامية المقدسة عن صراعات المنطقة ونزاعاتها.

ويتزامن هذا التلاسن والانتقادات المتبادلة مع بدء توافد الحجيج من مختلف الجنسيات إلى السعودية لأداء فريضة الحج التي يغيب عنها الإيرانيون هذا العام بعد فشل محادثات التنسيق بين البلدين في شهر ماي المنقضي .
يشار إلى انّ الخلاف السعودي الإيراني التاريخي احتدم العام الماضي بعد حادثة التدافع في «منى» والتي أودت بحياة مئات الإيرانيين ، زادت حدته في شهر جانفي الماضي بعد أن قطعت الرياض علاقاتها مع طهران عقب اقتحام سفارتها هناك ردا على إعدام السعودية لرجل القيادي الشيعي نمر النمر.

الخلاف بين السعودية وإيران ليس بخلاف جديد خصوصا وان دعم البلدين لأطراف مختلفة في أزمات المنطقة على غرار سوريا، العراق واليمن ، ممّا خلق مشهدا تنافسيا بين القوتين الإقليميتين وحربا أشبه بحرب دينية ترافقها اتهامات سعودية لإيران بالتدخل «السافر في شؤون الدول العربية .

«حرب المكانة الدينية»
من جهته قال الكاتب والباحث المختص في الفلـسفة السياســية د. رامي الخليفة العلي لـ«المغرب» وأن مايحصل مُسيّس منذ البداية، وأن إيران لديها مشروع طائفي للهيمنة على المنطقة ولكن المملكة العربية السعودية تقف بصلابة أمام هذا المشروع المتنقل من دولة إلى أخرى وفي كل مرة تجد إيران المملكة في مواجهتها».

كما أشار العلي إلى انّ طهران «تدرك أنها أمام قوة إقليمية لا يستهان بها ولديها ثلاثة نقاط قوة أساسية، تتمثل في القوة العسكرية والتأثير الاقتصادي والمكانة الدينية باعتبار المملكة تضم الحرمين الشريفين على حدّ تعبيره».
وأضاف محدّثنا «انه نتيجة ذلك عمدت إيران إلى استنزاف المملكة عسكريا في اليمن من خلال محاولات مستمرة لإطالة أمد الصراع هناك. مشيرا إلى محاولتها خلال الأشهر الماضية التواصل مع أعضاء «أوبك» (منظّمة الدول المصدرة للبترول) من أجل وضع ترتيبات تعزل المملكة العربية السعودية في الاجتماع القادم في الجزائر، ويأتي الهجوم الأخير من قبل خامنئي من أجل سحب المكانة الدينية من المملكة» على حدّ قوله.

وتابع محدّثنا «في اعتقادي أن هذا الأمر الأخير متعذر خصوصا أن النظرة السلبية من قبل المسلمين على امتداد المعمورة تتعمق يوما بعد يوم، وأرى أن إيران خسرت الكثير من قوتها الناعمة التي كانت تمتلكها قبل التدخل السافر في شؤون الكثير من الدول العربية وتأسيسها ميليشيات طائفية ما جعل الرأي العام في كثير من الدول الإسلامية يحتشد ضدها».

«إقصاء ممنهج»
من جهته اعتبر الكاتب اللبناني المختص في الشؤون السعودية علي مراد أنّ مطلب إشراك مسلمي العالم من كل أرجاء العالم الإسلامي في عملية تنظيم الحج، مطلب مشروع وتابع بقوله «إن حقائق التاريخ تقول بأنّ السعوديين استولوا على هذا الشرف بقوة السيف» وفق تعبيره. وأضاف مراد ان اتهام السعودية بتسييس الحج مردود عليه، باعتبار ماتقوم به من منع لحجاج سوريا واليمن وبعض الأطراف في العالم الإسلامي ، واكّد الباحث اللبناني أن التسييس هو سمة مايحصل اليوم بين طهران والرياض بعد رفض الأخيرة منح الإيرانيين تأشيرات الحج كون مواقفهم السياسية لا تروق لسياسة المملكة على حد قوله.

وأشار محدّثنا إلى أنّ «السلطة السعوديّة سعت على مدى 90 عاماً إلى تكريس الحق الحصري بالسلطة الدينية الوهابية بالإشراف على المقدسات في الحجّ، ولم تكتفِ بإقصاء المذاهب الأخرى من غير أهل السنة والجماعة، بل قامت بمنع إمامة أي إمام في المسجدين الحرام والنبوي من المذاهب الأربعة، فما حصل مع إيران هو أن السلطة السعودية فرضت شروطاً تعجيزية على سلطات الحج الإيرانية وذلك لنيّة مسبقة لمنع حج....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115