هل اقتربت الصفقة بين تركيا والنظام السوري؟

عكست تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الاخيرة، تحولا كبيرا في موقف بلاده مما يجري في سوريا ، اذ اعرب عن تفاؤله بقرب ايجاد حل للازمة السورية من خلال التعاون مع قوى اقليمية وعالمية على حد قوله . اما السبب الرئيسي وراء هذا التغير فعبّر عنه يلدريم بالدعوة

الى عدم تقسيم سوريا ، مؤكدا التزام انقرة بدور اكبر في تسوية النزاع القائم.
طوال السنوات الخمس الماضية كانت تركيا الداعم الاهم والأكبر للمعارضة السورية بكل فصائلها المتشددة منها او العلمانية ..وفتحت الحدود امام آلاف المقاتلين الى الاراضي السورية . لكن تقدم اكبر فصيل كردي -وهو قوات سوريا الديمقراطية -وسيطرته على عديد المناطق في سوريا ، كان اهم دافع نحو توجيه دفة السياسة الاردوغانية في هذا الملف، بالنظر الى ان قيام دولة كردية يبقى الهاجس الاكبر الذي يثير حفيظة القادة الاتراك .

لقد تضافرت عوامل داخلية وخارجية اخرى ادت الى هذا التحول في الموقف التركي ،منها وصول خطر الدواعش الى عقر دار الاتراك . فقد نجح التنظيم المتطرف بتنفيذ عدة تفجيرات ارهابية ، اصابت في الصميم القطاع السياحي الذي يعتمد عليه الاقتصاد التركي بشكل رئيسي.

علاوة على ذلك فان محاولة الانقلاب الفاشلة على اردوغان أظهرت حجم التحديات التي تواجهها الحكومة التركية في الداخل ..فكان لا بد من حدوث تغييرات كبرى في السياسة الخارجية والداخلية تعيد تموقع اردوغان من جديد .

في الداخل بدأ الرئيس التركي بسلسة من الاجراءات القمعية والضرب بقبضة من حديد لإسكات كل معارض له ولنظامه، بدءا بحملة الاعتقالات والتوقيفات التي طالت شخصيات مقربة من الداعية المعارض فتح الله غولن، وذلك في قطاعات التعليم والأمن والجيش والشرطة وغيرها. اما في الخارج فحققت الحكومة التركية عدة خطوات على طريق تطبيع العلاقة مع روسيا – القوة الاهم المؤثرة في الملف السوري والداعمة لنظام الاسد- وقد امن بذلك اردوغان عودة العلاقات التجارية الهامة بين موسكو وانقرة . وايضا فتح صفحة جديدة من العلاقات مع ايران تكللت بتبادل الزيارات السياسية الهامة بين كبار المسؤولين في كلا البلدين.

كل هذه التطورات المتسارعة والحاصلة خلال الاسابيع الماضية ، تؤشر الى تغيرات كبرى ستطال ايضا الازمة السورية . اذ ان هناك حديثا عن قرب التوصل الى صفقة بين الاتراك وحكومة الاسد، يرفع بموجبها اردوغان الدعم عن فصائل المعارضة ، -مع كل ما يمثله ذلك من تغير سيطرأ على سير المعارك بسبب النقص في دعم وتمويل المجموعات المقاتلة ضد النظام -، مقابل ان تلتزم دمشق بقطع الطريق امام الاكراد بتنفيذ حلمهم الاوحد وهو الحصول على حكم ذاتي يمهد لقيام دولتهم «الموعودة». في هذا السياق يمكن ان نفسر الغارات التي شنها الاسد للمرة الاولى ضد مواقع للأكراد قبل يومين والتي مثلت بادرة « حسن نوايا» مقدمة من النظام السوري لنظيره التركي . وقد تحدث عن هذا التحول رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم، موضحا خلال تصريح صحفي «ان تصعيد الرئيس بشار الاسد من عملياته العسكرية في الحسكة وقصفه لمواقع القوات الكردية مرده الى «المتغيرات على الساحة الدولية بما في ذلك التقارب بين النظام السوري وإيران وتركيا». وتعبّر هذه التصريحات عن الصفقة القادمة بين انقرة ودمشق ، والتي قد تنهي اكثر من خمس سنوات من الدم والاقتتال، في احدى اعنف واشد الحروب ضراوة في تاريخ المنطقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115