شدت هذه القضية منذ 2015 الأنظار في مصر و خارجها و تعاطفت جهات أدبية وصحفية مع الكاتب و الصحفي أحمد ناجي و قامت بحملات صحفية لفائدته دون جدوى. وتكونت حملة «صوت الزنازين» التي طالبت بإسقاط التهم عنه والإفراج الفوري غير المشروط عنه.و بالرغم من المساندة التي حظي بها خارج مصر و بالأصوات الرسمية والأدبية الغربية التي نادت بالإفراج عنه لم تستجب محكمة بولاق أبو العلا لهذه المطالب وأقرت الحكم الإبتدائي بسجنه سنتين.
لكن أصواتا مصرية مرموقة أكدت أن اللجوء لإستخدام المادة 178 من قانون العقوبات ، التي ترجع لعهد الرئيس مبارك،والتي تقضي بالحبس والغرامة في جرائم النشر فيما يتعلق بخدش الحياء العام، تتعارض مع صريح نص الدستور المصري لعام 2014 في مادته «67» والتي تمنع توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري. و جاء على لسان أستاذ العلوم الدستورية محمد نور فرحات، في حديث لقناة «الغد» الإخبارية «إن الحكم على الكاتب المصري أحمد ناجي بالحبس لمدة عامين بتهمة خدش الحياء لما جاء في روايته الأخيرة مخالف لنصوص الدستور» و أضاف أن «ما يحدث من مصادرة للفكر والابداع بعيد تمامًا عن نصوص الدستور»، مدللًا على ذلك بما حدث مع الإعلامي إسلام البحيري الذي انتقد بشدة و بتقديم الأدلة على المغالطات في فتاوى جامع الأزهر و في محتوى كتبه التعليمية وطلاب المنيا الذين كتبوا مسرحية تسخر من داعش اعتبرها البعض ازدراء للأديان .
نص إباحي
إعتمدت المحكمة على ما نشر في صحيفة «أخبار الأدب» من رواية أحمد ناجي من مقاطع تروي علاقة جنسية بين الشخصية الأساسية في الرواية بتفاصيلها و باستعمال ألفاظ تسمي الأعضاء التناسلية في سرد واقعي لا غبار عليه للجماع بين امراة و رجل. واندلعت الشكوى، حسب ما نقله الكاتب أحمد ناجي، من المحامي هاني صالح توفيق الذي صرح للمدعي العام أنه «حصل له اضطراب في ضربات القلب، وإعياء شديد وانخفاض حاد في الضغط» و اتهم الكاتب «بخدش حيائه وبخدش حياء المجتمع».
و إن كان النص الأدبي إباحيا فهو عمل إبداعي لا يمكن المس به حسب ما اكتسبه المواطن المصري من حقوق دستورية. لكن المجتمع المصري يشكو من تغلغل الفكر الإخواني والسلفي في صفوف المحامين و الحكام الذين تعودوا منذ سنين على رفع دعاوى ضد المبدعين و الكتاب و المفكرين. ولا يستغرب أن يستمر هذا المد في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي تحالف منذ توليه الحكم مع حزب «النور» السلفي التابع إيديولوجيا للحركة الوهابية. و تستمر في ظل الحكم الوهابي نفس الممارسات التي كانت تقوم بها حركة الإخوان المسلمين ضد الإبداع والمبدعين.
وما الحملة الشرسة التي يقوم بها النظام المصري الحالي ضد الصحفيين و المدونين وشباب الثورة الذين يقبعون في السجون إلا خير دليل على استيلاء اليمين المحافظ على الثورة المصرية و تحويلها الى كابوس.