العراق: فضيحة فساد من العيار الثقيل تهزّ البرلمان

لم تكن اتهامات الفساد التي هزّت جلسة استجواب وزير الدفاع العراقي مؤخرا، الأولى من نوعها في البلاد التي عانت لأشهر من تداعيات فضيحة فساد طالت كبار المسؤولين في الحكومة وأطاحت بأغلبهم ،حيث عكس وزير الدفاع خالد العبيدي، الهجوم في جلسة استجوابه

في البرلمان،ضدّ رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ونواب بالمجلس متهما إياهم بممارسة عمليات ابتزاز لتمرير عقود تسليح تدور حولها شبهات فساد تقدر بملايين الدولارات.

وكشف وزير الدفاع خلال استجوابه عن تورط رئيس البرلمان بعقود تسليح؛ ما أدى إلى انسحاب رئيس البرلمان من رئاسة الجلسة ،معلنا أنه لن يعتلي منصة رئاسة مجلس النواب إلى حين إثبات براءته من التهم.

الاتهامات المتبادلة دفعت رئيس الوزراء حيدر العبادي ومن بعده القضاء العراقي إلى إصدار أمر بمنع كل من وردت أسماؤهم في الاتهامات من السفر، وفتح تحقيقات في التهم المنسوبة إلى كل من رئيس البرلمان وعدد من كبار المسؤولين.

وجاءت القنبلة التي ألقاها وزير الدفاع في جلسة استجوابه في وقت يعيش العراق إلى جانب حربه ضدّ الإرهاب، على وقع مظاهرات وتحركات شعبية متتالية تطالب بإصلاحات ، إذ يرى مراقبون أن الضجة التي أحدثتها الاتهامات الأخيرة في الشارع العراقي ستفتح من جديد ملفات فساد أخرى وستزيد من حدة الاحتقان الشعبي في صفوف المطالبين بإصلاحات.

فضيحة من العيار الثقيل
في هذا السياق قال الكاتب والباحث العراقي منتظر ناصر في حديثه لـ«المغرب» إنّ ماحدث هو فضيحة من العيار الثقيل، وليس مجرد اتّهامات متبادلة، مشيرا الى انّ وزير الدفاع لعب دور الهجوم هذه المرة وقلب الطاولة على مستجوبيه داخل البرلمان حين تحدث هو عن وقائع خطيرة كشاهد على محاولات عدد من النواب ابتزازه وإنقاذه من الاستجواب الذي قد يؤدي إلى إقالته، فضلا عن مساعي رئيس البرلمان ومقربين منه لاستمالته سياسيا وماليا، عبر الانتفاع من عقود التسليح وإطعام الجيش وغيرها، الأمر الذي خلق حالة من الفوضى داخل مجلس النواب خصوصا ممن وردت أسماؤهم في حديث الوزير.

واكّد ناصر أن مسألة الفساد لا تمس حكومة العبادي فقط، معتبرا أن الفضيحة التي فجّرها وزير الدفاع تشمل رئيس البرلمان وعددا من النواب، وأضاف انّ رئيس الوزراء خالد العبيد بدا متناغما مع شهادة خالد العبيدي حين أصدر أوامره بمنع سفر من وردت اسماؤهم في تلك «الفضائح».

وتابع محدّثنا «نعم يمكن أن يوصف ما حصل بأن الفضيحة تشمل أحزاب السلطة المشاركة في الحكومة، والتي جعلت من العبيدي الآن نجما داخل الشارع العراقي، الذي بدأ يرى فيه وزيرا مخلصا وسط حيتان الفساد والابتزاز، والذي بدا أيضا واثقا مما يقول حين ذهب إلى هيئة النزاهة بنفسه حاملا ملفات الفساد التي ابلغ عنها».

وعن التحديات الداخلية والخارجية امنيا وسياسيا التي يواجهها العراق بالاضافة الى التغيرات المتسارعة في المنطقة وسبل نجاح حكومة العبادي في مجابهتها قال محدّثنا أن العبادي يختلف عن سلفه المالكي بشيء مهم جدا، وهو أن الأول يحظى بدعم دولي ومن دول الجوار خصوصا وأن التدخل الخارجي حاضر دائما في المعادلة العراقية، معتبرا ان التحولات الإقليمية لا تؤثر على وجود الحكومة التي بدأت تجني ثمار الانتصارات ضد «داعش» الارهابي ومن المحتمل أن تطوي صفحة سيطرة التنظيم الإرهابي على الأراضي العراقية بشكل نهائي مع نهاية العام الحالي، بعد استعادة هيبة الجيش العراقي وزخمه، واثبات قدرته الفائقة في معركة الرمادي والفلوجة وغيرهما، الأمر الذي سيجعل منه رأس الحربة في معركة تحرير الموصل، مسنودا بقوات التحالف وفصائل الحشد الشعبي (الشيعي والسني) وفق تعبيره.

واكّد ناصر ان المشهد العراقي مقبل على مفاجآت عديدة لا يمكن التكهن بها، مع قرب الانتخابات البلدية (مجالس المحافظات)، وطي صفحة «داعش» الوشيك، الامر الذي سيظهر الكثير من النزاعات المؤجلة، خصوصا مع كسر القوائم الطائفية المغلقة، وإعادة تشكيل المناطق السنية، والإقرار بموت مشروع الإقليم السني، وتفاقم غضب الشارع العراقي، ضد الطبقة السياسية بشكل عام.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115