مما لا شك فيه إن موضوع أكراد سوريا كان بمثابة «الشعرة التي قصمت ظهر البعير» في العلاقات التركية الأمريكية فدعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية الكردية في شمال سورية والتخوف من التهيئة لانسلاخ أكثر من 17 مليون كردي عن تركيا، أزعج أنقرة كثيراً وجعلها تتقارب مع روسيا بمساعدة «إيرانية»، وسبق لوكالة «إيرنا» الإيرانية أن نقلت عن أردوغان خلال المكالمة التي أجراها مع نظيره الإيراني روحاني، إنه لوّح بتشكيل «تحالف ثلاثي» يضم روسيا ولكن هذا يتطلب تعديل الموقف التركي من سوريا في المدى القريب. في عالم السياسة لا شيء مستحيل، فالتطبيع الذي ألمح إليه الرئيس أردوغان أتى وسط ذهول تام من قيادات المعارضة المسلحة السورية التي تستضيفها أنقرة، وأثار تساؤلات عديدة لدى قادة دول المنطقة الذين كانوا قد دخلوا حلفاً مع أنقرة سعياً للإطاحة بالنظام السوري. حيث نقلت صحيفة «الصباح» التركية عن أردوغان تقديره لموقف الرئيس الأسد من الانقلاب الفاشل في تركيا، حيث قال «إنه رغم العداء الذي وصل حد الدم بينه وبين نظيره السوري إلا انه أدان الانقلاب بينما الحلفاء طعنوه في الظهر»، كما أنتقد أردوغان موقف السعودية وأمريكا وأوروبا من الإنقلاب الفاشل الذي حدث في 15 من شهر جويلية الماضي، قائلاً: «لقد طعنونا في الظهر في الوقت الذي كنا بحاجة الى دعمهم، وهدد بكشف الأيدي الخارجية التي دعمت الانقلاب الفاشل في تركيا»،هذا التصريح رفع من إحتمال إحداث أنقرة تغييراً جذرياً في سياستها الخارجية تجاه سوريا. من يتابع الأحداث، وخاصةً تلك المحسوبة على «حزب العدالة والتنمية»، سيجد الكثير من الدلالات التي تشير الى التغيرات المتسارعة في مواقف تركيا، وإعادة ترتيب الأوراق من جديد نحو تحقيق المصالحات مع الجيران وعلى رأسهم سوريا، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل تمد أنقرة يدها لدمشق، ولماذا في هذا التوقيت؟.
من الواضح أن عودة تركيا لتقييم سياساتها تجاه سوريا يرجع في المقام الأول إلى إدراكها أن ثمة «مصالح مشتركة» تجمعها مع دمشق، مبنية على درء.....
اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د
د. خيام الزعبي-
كاتب سياسي