«بلفور» ... استجابة لرغبات صهيونية على حساب شعب متجذر

وعد بلفور كان بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين، استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.


في 18 جويلية 1917م قدم اللورد روتشيلد إلى بلفور مشروع قرار يقضي باعتراف بريطانيا بفلسطين وطنا قوميا للشعب اليهودي، وحقه في صيانة القومية اليهودية في بلده والهجرة إليها وإقامة حكم قومي لليهود فيها وإقامة شركة استيطان يهودية قومية لإعادة، تأسيس فلسطين وتطورها.

وهنا اظهر بعض زعماء اليهود معارضة لإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، وقالوا إن اليهودية ليست امة، وكان أدوين مونتاغو على رأس المعارضين، وكان ادوين هذا حاكمآ للهند وعضوآ في مجلس الحرب البريطاني، وفي ماي1917م كان دايفد الكسندر رئيس لجنة المبعوثين اليهودية البريطانية وكلود مونتفيوري رئيس الجمعية البريطانية اليهودية، قد اصدرا بيانآ عارضا فيه قيام وطن قومي لليهود في فلسطين، وعارضا الصهيونية وخلق قومية يهودية علمانية لأنها خطر على اليهود، لكنهما وتحت ضغط المنظمة الصهيونية أقيلا من منصبيهما.

وفي 3 سبتمبر 1917م قررت الحكومة البريطانية الموافقة مبدئيا على إصدار تصريح منها يؤيد طلب الصهاينة، شريطة أن ينص على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين بدلا من اعتبار فلسطين وطنا قوميا لليهود، وأن ينص على عدم المساس بحقوق الطوائف غير اليهودية في فلسطين. وفي 3 نوفمبر 1917م قدم احاييم وايزمن وروتشيلد مذكرة جديدة للحكومة البريطانية، وابرقا إلى برانديس في الولايات المتحدة الامريكية، يحثانه على العمل لإصدار بيان من الرئيس الأمريكي ولسن يؤيد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وفي نهاية شهر نوفمبر 1917م، أصدر الرئيس الأمريكي تصريحا قال فيه أنه يؤيد إقامة (كومنولث يهودي في فلسطين).

وكانت الحكومة البريطانية قد عرضت نص تصريح بلفور على الرئيس الأمريكي ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، ووافقت عليه فرنسا وإيطاليا رسميا سنة 1918، ثم تبعهما الرئيس الأميركي ولسون رسميا وعلنيا سنة 1919، وكذلك اليابان، وفي 25 أفريل سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب، وفي 24 جويلية عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 سبتمبر 1923، وبذلك يمكننا القول إن وعد بلفور كان وعدا غربيا وليس بريطانيا فحسب.

وفي 31 نوفمبر 1917 أقرت الحكومة البريطانية موقفها النهائي من طلبات الصهاينة في جلسة خاصة عقدت لهذا الموضوع، وفي 2 نوفمبر 1917م أصدر وزير الخارجية البريطاني (بلفور) تصريحا على شكل رسالة وجهها إلى اللورد روتشيلد، عرف هذا التصريح فيما بعد (بوعد بلفور)، وجاء فيه (أن حكومة جلالته تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين على ان يفهم بجلاء بأنه لا يؤتى أمر من شأنه أن يجحف بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين أو بالحقوق والأوضاع التي يتمتع بها اليهود في أية بلاد أخرى).

حين صدر الوعد كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5 % من مجموع عدد السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل أن يحتل الجيش البريطاني فلسطين.

في المقابل اختلفت ردود أفعال العرب تجاه التصريح بين الدهشة، والاستنكار، والغضب، وبهدف امتصاص حالة ....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115