وأبلغ تنظيم «القاعدة» «جبهة النّصرة» في تسجيل صوتي أذيع أمس الخميس، أنّه «بوسعها التّضحية بروابطها التنظيمية مع «القاعدة» إذا كان ذلك لازما للحفاظ على وحدتها ومواصلة المعركة في سوريا».
ويرى مختصون في شؤون الجماعات المسلحة انّ جبهة النصرة تهدف من خلال إقدامها على فك الارتباط وتغيير اسم الجبهة إلى «جبهة فتح الشام» ودعوة الفصائل المعارضة إلى التوحد ، تهدف من جهة إلى ترسيخ حضورها في المعادلة السورية وضمان مستقبلها على المدى الطويل خصوصا وانّ الجبهة في سوريا تعاني انقسامات وانشقاقات داخلية حادة صادرة عن فصائل مسلحة تقاتل تحت لواء «جبهة النصرة» الارهابية دعت إلى فك الارتباط لإبعاد الشبهة عن المعارضة المسلحة ، وهو قرار رأى مراقبون انه «هروب» من الاتفاق الروسي الأمريكي بضرب التنظيم شمالي سوريا. ولاقت هذه الخطوة دعم العديد من الأطراف التنظيم الارهابي، ومنهم أبو محمد المقدسي أحد ابرز قياديي القاعدة الذي قال أنّ فك الارتباط «ليس ردة عند الحاجة إليه»، ومن جهة أخرى اعتبر مراقبون أنها خطوة مدروسة ومتفق عليها بين الجانبين لضمان «مستقبل الجهاد في المنطقة» . وتعدّ جبهة النصرة في سوريا احد ابرز فروع تنظيم «القاعدة» الذي أسسه أسامة بن لادن وتراجع نفوذه في السنوات الأخيرة مع تصاعد نفوذ تنظيم «داعش» الذي بات يتصدر التهديد الإرهابي في العالم. وخلال المعركة في سوريا ظهر إلى العلن ان النصرة عنصر قوي في الميدان السوري الى جانب «داعش» والنظام السوري وهو مايجعلها ورقة هامة لفهم المعادلة السورية ، إذ يرى مراقبون أن انفصالها عن القاعدة يفتح أمامها الباب واسعا للعب دور اكبر في سوريا عبر وضع نفسها في خانة «المعارضة المسلحة» وليست جماعة ارهابية وذلك لضمان دور لها في مستقبل المشهد السياسي السوري. إلا أن هذه الفرضية يقابلها حرب غربية ضد التنظيمات المتطرفة في سوريا ومن بينهم «النصرة» باعتبار أنها مصنفة من قبل أمريكا كمنظمة إرهابية وهو ما جعلها هدفا للغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي للحرب ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي وباقي التنظيمات الإرهابية في كل من سوريا والعراق.
تصدع وانقسام
ويؤكد متابعون للشأن السوري انّ النصرة شهدت خلال الآونة الأخيرة تصدعا وانقساما داخليا خلق شقين داخل الجبهة الأول يميل الى دعم الطرح السوري والثاني يؤيد الاصطفاف وراء تنظيم «القاعدة ، ويؤكد مراقبون أن الرافضين للطرح الأول يتمثلون بالأساس في الارهابيين الأجانب المنحدرين من الشيشان والقوقاز وغيرها ، في حين يتمسك الارهابيين من حاملي الجنسية السورية خصوصا بضرورة فك الارتباط والابتعاد عن جبة «القاعدة» وسط أنباء عن تدخل أطراف خليجية على الخط وتكفلها بتزويد الجبهة بتمويل وأسلحة خلال الفترة المقبلة. ومن المنتظر ان يحمل التوجه الجديد عدة تداعيات على «الساحة الجهادية» اولا وعلى المقاتلين الأجانب صلب جبهة النصرة ، حيث يطرح مراقبون فرضية لجوئهم للقتال صلب تنظيمات إرهابية اخرى على غرار تنظيم «داعش» ممّا يقوي نفوذ الأخير ويزيد من عدد مؤيديه.
يشار إلى أن وتيرة الحراك الدبلوماسي الدولي تزايدت مؤخرا لبحث تطورات المعادلة السورية تزامنا مع التطورات الميدانية ، في سعي لإرساء تسوية سياسية للأزمة التي ولجت عامها السادس دون تحقيق تقدّم ملموس وسط تعنّت أطراف النزاع وفي ظلّ محاصرة النظام – بدعم روسي إيراني- لحلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة وفصائل مسلحة أخرى.
وفاء العرفاوي