عرقية أخرى تشكل الأقلية من أجل الحصول على مناطق تقطنها المجموعة الثانية التي تنتمي لها الأغلبية. وقد تكون عمليات التطهير العرقي وفي حالات عديدة مرافقة لمجازر ترتكب ضد الأقلية المستهدفة. يذكر أن هذا المصطلح قد درج استخدامه بعد سنة 1990 خلال عمليات التطهير العرقي في يوغسلافيا السابقة ومذابح رواندا.
وهو محاولة خلق حيز جغرافي متجانس عرقياً بإخلائه من مجموعة عرقية معينة باستخدام القوة المسلحة، أو التخويف، أو الترحيل القسري، أو الإضطهاد، أو طمس الخصوصية الثقافية واللغوية والإثنية، عبر القضاء عليها نهائيا أو تذويبها في المحيط الإثني الذي يُراد له أن يسود.
النشأة
رغم أن مفهوم التطهير العرقي يعود للحقبة المعاصرة، فإن بعض المؤرخين يرجعون الظاهرة إلى ما قبل التاريخ الميلادي، ويذكرون في هذا الباب عمليات ترحيل واسعة تشير مصادر تاريخية إلى أن الآشوريين نفذوها في حق مجموعات عرقية بين القرنين التاسع والسابع قبل الميلاد، بيد أن تلك المراجع لا تُشير إلى دافع عمليات الترحيل تلك، وفي 1002 بعد الميلاد، ارتكب البريطانيون مجازر واسعة النطاق في حق الدنماركيين، صنفها بعض المؤرخين الغربيين على أنها عملية تطهير عرقي. وفي القرون الوسطى، حاول التشيك إخلاء أرضهم من العنصر الجرماني مستخدمين القتل والترحيل القسري.
‘التطهير العرقي’ في فلسطين
وارتبطت عبارة التطهير العرقي أو الإثني في العصر الحديث بالحرب الأهلية التي شهدتها يوغسلافيا السابقة (1991 - 1995) وما عرفته من انتهاكات جسيمة وإبادة ومجازر كان المتضرر الأكبر منها مسلمو كوسوفو. والغريب أن مصطلح التطهير العرقي نشأ على أرض يوغسلافيا نفسها قبل 130 سنة من تلك الحرب. ففي عام 1860، استخدم الكاتب الصربي فيك كارزيتش مصطلح التطهير العرقي لوصف ممارسات مجلس الحكومة الصربي في حق الأتراك والمسلمين خلال الانتفاضة الصربية على الحكم العثماني عام 1805، وهي الانتفاضة التي ستَنتهي عام 1807 بسيطرة الصرب على بلغراد وإخلائها تماما من الأتراك والمسلمين بوصفهم الدعامة الرئيسية للحكم العثماني.
التطهير العرقي لفلسطين هو مصطلح يشير إلى عمليات قامت بها الحركة الصهيونية لطرد العرب الفلسطينيين من أجل تطبيق خطتها طويلة الأمد لتطهير فلسطين من سكانها الفلسطينيين ولتأسيس دولة يهودية فيها بوجود أقل عدد ممكن من العرب.
حاولت الدول العربية وقف هذا التطهير، إلا أن هذه الدول الناشئة حديثا معظمها كانت تعاني من الانقسام وكل دولة كانت تركز على تحسين نفسها مما أدى إلى جعل محاولتها غير فعالة لوقف اجتثاث أكثر من نصف سكان فلسطين الأصليين وتدمير أكثر من نصف قراها ومدنها وقتل الآلاف.
بقلم: د.حنا عيسى – أستاذ القانون الدولي