المحلّل السّياسي التركي حسن سفري لـ«المغرب»: «التفجير الأخير يحمل رسائل متعددة والسياسة الخارجيّة المسؤول الأوّل»

قال حسن سفري المحلل السياسي التركي في حوار لـ«المغرب» أن التفجير الإرهابي الذي استهدف مطار ‘أتاتورك’ باسطنبول يأتي نتيجة خلل امني من السلطات التركية ، معتبرا أن تحذيرات الاستخبارات المحلية والغربية لم تحدّ من مخاطر الاستهدافات الإرهابية المحدقة بتركيا.

واعتبر سفري انّ تركيا تحاول جاهدة تغيير سياستها في الشرق الأوسط عبر كسب تحالفات جديدة ، لتهيئة مناخ خارجي داعم لرجب طيب أردوغان قبيل التوجه لإجراء انتخابات مبكرة ، في ظل سياسة خارجية متخبّطة وغضب الشارع التركي ورفضه لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم .

• لو تقدمون لنا قراءتكم للتفجير الدامي الذي هزّ مطار «أتاتورك» التركي؟
هذا التفجير هو التفجير العاشر في تركيا خلال 12 شهرا ، يأتي بالتزامن مع تحذيرات جدية متتالية من الاستخبارات التركية والغربية أيضا عن وجود تهديدات إرهابية في أنقرة واسطنبول . بالتالي هناك يمكن القول أنّ هناك خللا امنيا فادحا خصوصا وان البلاد سجلت سقوط 250 شهيد نتيجة سنة من التفجيرات .بالتالي فانّ المسؤول الأول هو الحكومة التركية ، فرغم التحذيرات الداخلية والخارجية المتتالية فانّ ذلك لم يغيّر الاستهداف الإرهابي أو يحدّ من مخاطره.

من المؤكد أن التفجير الأخير يحمل عدة أهداف داخلية وخارجية علما وانه لم يتم تبني العملية الإرهابية من أي جهة رغم أن الحكومة تتهم ‘داعش» لكن نحن نعلم أن تنظيم «داعش» الإرهابي لم يتبن إلى حد الآن أي تفجير وقع في تركيا .وباعتبار أن تركيا أصبحت ممرا للتكفيريين باتجاه سوريا وبالنظر إلى سياسة حكومة العدالة والتنمية تجاه الملف السوري، تبقى الاحتمالات حول الجهة المسؤولة مفتوحة إذ من الممكن أن يكون المسؤول عن هذا التفجير الدامي هو تنظيم موجود داخل تركيا ومستقل عن تنظيم «داعش» ، أو من قبل متشددين تلقوا تدريبا في معسكرات تنظيم «داعش» أو النصرة في سوريا.

• ماهي أبعاد وتداعيات هذا التفجير داخليا وإقليميا ؟
هذه التفجيرات ستحمل رسائل إلى خارج تركيا ، فأنقرة ليست بلادا آمنة بعد، علما وأنّ هذه التّفجيرات والمشاكل تأتي نتيجة سياسة أنقرة تجاه سوريا ، حيث كانت في البداية تسعى لإسقاط النّظام السوري ،لكن بتغيّر المشهد السوري وسيطرة الأكراد على الشمال السوري وعلى أكثر من 400 كلم من الحدود بين البلدين بدأت الحكومة التركية تراجع سياستها وتحاول خلق منفذ لها.

على صعيد داخلي ، دعم الحكومة للتكفيريين اثر دون شك على الساحة التركية حيث مكّن ذلك التكفيريين من التحرك بحرية اوسع في البلاد ، بالإضافة الى تأثيرات دخول حزب الشعوب الديمقراطي إلى البرلمان العام الماضي وما أعلنه أردوغان من زيادة وتيرة الحرب ضد الأكراد في شرق تركيا ، كل ذلك جعل تركيا محاصرة بعدة أزمات سياسية اقتصادية وأمنية .

في ظل التفجيرات و التعقيد الداخلي من حرب على الأكراد الوضع والمعضلات الإقليمية التي تعانيها البلاد ، يمكن القول انّ المشهد التركي يسير نحو مزيد التعقيد. الجميع يراهن الآن على أن فرضية أن تعيش حربا أهلية في ظل إصرار أردوغان على البقاء في السلطة وحلمه بإنشاء نظام رئاسي متكامل .

• هل بدأت تركيا في تغيير سياستها الخارجية للحاق بركب التسويات والتحالفات في المنطقة ؟
نعم تركيا تريد تغيير سياستها وتريد بناء علاقات جيدة مع الدول التي لها علاقات جيدة في الشرق الأوسط ،لأنها فشلت في سياستها تجاه سوريا وهو ما اثر سلبا على سياستها الداخلية وأولها إقالة رئيس الحكومة احمد داوود أوغلو وتشكيل حكومة جديدة، أردوغان يريد تقديم صورة جديدة للعالم عبر هذه الحكومة الجديدة مفادها ان سياسة أنقرة باتت تقطع مع الحرب وتنفتح على الحلول السياسية .

• هل يمكن الحديث عن نتائج ملموسة لهذه السياسة الجديدة؟
حتى الآن ليس هناك نتائج ملموسة لهذا التغيير لكن نعم تركيا تسعى إلى بناء علاقات جيدة خصوصا بعد الأزمة الاقتصادية التي عانتها البلاد نتيجة التوتر التركي الروسي ،وبعد المشاكل التي حصلت بين تركيا وواشنطن حول الأكراد في الشمال السوري ،فمن المعلوم ان تركيا كانت تطالب أمريكا بقطع علاقتها مع وحدات حماية الشعب الكردية المرتبط مع حزب العمال الكردستاني الذي يشتبك مع الجيش التركي في اقتتال يستمر لسنوات في الشرق التركي .

هذا التغير يحمل أهدافا داخلية أيضا فاردوغان باتجاهه إلى انتخابات مبكرة يريد تهيئة مناخ خارجي داعم لسياسته خاصة وان المعارضة التركية باتت قوية الآن في ظل الاعتقالات التي تطال الأكراد والصحافيين والسياسيين ، وباعتبار أن الشارع التركي غاضب فان أردوغان لايريد أن يعيش خلافات داخلية وأخرى خارجية لذلك فهو يريد بناء تحالفات جديدة خاصة مع روسيا وإسرائيل ويريد أن يكون قويا في الداخل ومدعوما من الخارج.

حاورته : وفاء العرفاوي

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115