فيما ميقاتي يؤكدّ: نحن أمام خياري «النهوض» أو «التدهور» لبنان على حافة الانهيار .. وفرنسا تدعو إلى تغيير «القيادة» ..

تتالت التحذيرات المحلية والدولية في علاقة بالوضع المتدهور الذي يمرّ به لبنان نتيجة تراكمات داخلية وأخرى على علاقة بالمتغيرات الدولية المتسارعة الاقتصادية منها والسياسية أيضا.

فإلى جانب الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة التي يمرّ بها بلد الأرز والتي اشتدت حدّتها منذ العام 2019 ، زادت الخلافات بين الفرقاء السياسيين جراء تعطل مسار الإصلاح في البلاد في ظلّ العجز عن انتخاب رئيس للبلاد للمرة الـ11 على التوالي بسبب الانقسام .
يقبع لبنان منذ أشهر في حالة فراغ رئاسي منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر. ولم يتوصل النواب المنقسمون بشدة بين معسكر حزب الله الموالي لإيران والفريق المناهض له إلى انتخاب رئيس جديد رغم انعقاد عشر جلسات مخصصة لهذا الغرض حتى الآن.وتدير البلد الذي يعاني من انهيار اقتصادي حاد حكومة مستقيلة محدودة الصلاحيات برئاسة نجيب ميقاتي، تتولى تصريف الأعمال.
وكانت الخلافات السياسية وفق مراقبين أحد أبرز عوامل عدم توصل لبنان إلى اتفاق للدعم مع كبرى المؤسسات المالية الدولية وأيضا كانت سببا في عدم تفعيل وعود الدعم التي تعهدت بها أطراف دولية على غرار فرنسا وأمريكا . فقد شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس على ضرورة «تغيير القيادة» في لبنان و»إزاحة» القادة السياسيين الذين يعرقلون الإصلاحات. وهذا التصريح هو الأكثر حدة لساكن «الإليزيه» بعد أن دعت فرنسا في أوقات سابقة إلى ضرورة التوافق بين مختلف الأطراف وتبني إصلاحات مؤلمة لتجاوز المرحلة الحساسة التي يمر بها لبنان . إلاّ أن تغير اللهجة الفرنسية يدلّ على وصول مفاوضات لبنان مع المؤسسات المالية الدولية وباقي الأطراف الدولية إلى طريق مسدود ، بعد أن تبنت باريس منذ انفجار مرفإ بيروت الكارثي ، مسؤولية حثّ الطبقة السياسية اللبنانية على اعتماد الإصلاحات اللازمة لإخراج البلد من الأزمة السياسية والاقتصادية نظرا للعلاقة الكبيرة التي تربط باريس ببيروت منذ عقود طويلة.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن «مشكلة لبنان هي حل مشاكل الناس وإزاحة الذين لا يعرفون كيف يفعلون ذلك».ورأى أنّ المطلوب بعد ذلك «إعادة هيكلة النظام المالي ووضع خطّة مع رئيس نزيه ورئيس حكومة نزيه وفريق عمل ينفذّها ويحظى بدعم الشارع».وأضاف «يجب تغيير قيادة هذا البلد››.
شرخ سياسي حاد
وسبق أن اشترطت فرنسا - التي عقدت مؤتمرا لدعم لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت برئاسة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وتحت إشراف الأمم المتحدة ، تحت مسمى ‘’دعم الشعب اللبناني’’، التزام الأطراف السياسية بتقديم إصلاحات سياسية واقتصادية مقابل الحصول على الدعم . إلا أنّ مراقبين يرون أن فرنسا التي تعالت حدة لهجتها مؤخرا ، اصطدمت بعمق الشرخ الذي يتسم به الواقع السياسي اللبناني سواء على صعيد الخلافات حول المناصب أو التسميات وغيرها من العثرات الأخرى.
ويرى مراقبون أن دعوة فرنسا لتغيير ‘’القيادة في لبنان’’ يأتي في وقت تراهن فيه حكومة ماكرون على مرحلة جديدة تديرها أطراف كفيلة بوضع خارطة طريق وفق اشتراطات فرنسية شرط تقديم الدعم للبلاد. من جهته قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، إن لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم.جاء في كلمة ألقاها في خلال رعايته حفل افتتاح «منتدى الاقتصاد العربي» الذي تنظمه «مجموعة الاقتصاد والأعمال» اللبنانية في بيروت.
وأضاف ميقاتي: «في حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4 إلى 5 في المائة عام 2023 تحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة (اللبنانية).وأردف: «السيناريو الإيجابي يتمحور بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج إصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل».
وتابع ميقاتي: «أما السيناريو المعاكس -لا سمح الله- فسوف يؤدّي إلى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات الذي سيؤدي بدوره إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية و على الأُسَر اللبنانية بشكل عام».
يواجه لبنان في هذه الآونة اضطرابات قاسية على كافة الأصعدة اجتماعيا وسياسيا أو اقتصاديا بما يهدّد بانفجار الأوضاع ودخول البلاد في فوضى غير محمودة العواقب.وتعيش أغلب القطاعات الحيوية في البلاد شللا غير مسبوق نتيجة الوضع الاقتصادي المتدهور والذي زادت حدته منذ انفجار مرفإ بيروت منذ 4 أوت 2020 .
ويرى مراقبون أنّ حالة الشلل التي يمرّ بها لبنان نتيجة متوقعة لتراكمات صعبة في الساحة السياسية وما تبعها من ركود اقتصادي امتد لعقود طويلة في غياب رؤية إصلاحية من الحكومات المتعاقبة . ولعلّ العجز عن تشكيل حكومة متوازنة تمسك بدواليب الدولة في هذه الفترة قد ساهم بشكل مباشر في انفجار الوضع الاجتماعي وسط مخاوف من مظاهرات واشتباكات بين الأمن والمواطنين المطالبين بأبسط حقوقهم في غياب للاحتياجات الأساسية وارتفاع الأسعار وتفشي البطالة وغيرها من المعضلات التي ستساهم وفق مراقبين في ثورة إجتماعية .
إذ يمثل الوضع الإقتصادي الصعب الذي تمرّ به بلاد الأرز منذ سنوات رهانا كبيرا للحكومة المقبلة خاصة وأن تفجر المشهد العام زادت حدته منذ انفجار مرفأ بيروت عام 2020 وما عقبه من خسائر مادية وبشرية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115