مصر تجمد نقل تيران وصنافير إلى الرياض: تحولات في العلاقات المصرية السعودية الأمريكية ؟

ذكر موقع «اكسيوس» الأمريكي بأن مصر قررت ايقاف تنفيذ اتفاق «تيران وصنافير»، الجزيرتين الاستراتيجيتين في البحر الأحمر.

وأوضحت مصادر أمريكية للموقع أنّ القاهرة «بدأت في الأسابيع الأخيرة في إبداء تحفظات، جلها ذات طبيعة فنية، بما في ذلك تركيب كاميرات في الجزر التي كانت جزءاً من الاتفاق»، مشيرةً إلى أنه «من المفترض أن تراقب الكاميرات النشاط في تيران وصنافير، كذلك في مضيق تيران».
وأكّد المسؤولون لموقع «أكسيوس» أنّ «الاتفاق، بما في ذلك انسحاب القوة متعددة الجنسيات من الجزر، لن يتمّ تنفيذه بحلول نهاية الشهر الجاري وذلك بسبب التحفظات المصرية». وأضافوا إنّهم «يعتقدون أنّ مصر تعطّل الصفقة بسبب قضايا ثنائية بين الولايات المتحدة ومصر، بما في ذلك المساعدة العسكرية الأمريكية».
العلاقات الأمريكية المصرية
وجاء هذا القرار ليلقي بثقله على العلاقات بين القاهرة والرياض من جهة وواشنطن من جهة أخرى وخاصة على ادارة الرئيس الأمريكي جو بادين التي تعوّل على تنفيذ هذا الاتفاق . ويرى عديد المراقبين ان هذا القرار يكشف خلافات كبيرة بين القاهرة وادارة بادين التي كانت قد جمّدت مرتين سابقاً 10% من نحو 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية التي تخصصها لمصر سنوياً، بدعوى مخاوف حقوق الإنسان.
يشار الى ان تيران وصنافير، جزيرتان، تقعان في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وهما في خضم انتقالهما من التبعية لمصر لتصير للمملكة العربية السعودية بناءً على اتفاقية تعيين الحدود البحرية الموقعة بين البلدين في 8 أفريل 2016 والتي أقرت بتبعية الجزيرتين للمملكة العربية السعودية. وبإتمام التصديق على الاتفاقية ونشرها يتبقى فقط تبادل كلا البلدين لرسائل التصديق، ومن ثم تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ، ثم يتم إخطار الأمين العام للأمم المتحدة وفقاً لأحكام المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة. وكانت تيران قديماً نقطة للتجارة بين الهند وشرق آسيا وكان بها محطة بيزنطية لجبي جمارك البضائع.
وقد احتلت «إسرائيل» جزيرة تيران عام 1956 ضمن الأحداث المرتبطة بالعدوان الثلاثي ومرة أخرى في الأحداث المرتبطة بحرب 1967 وانسحبت منها عام 1982 ضمن اتفاقية كامب ديفيد. بعد الانسحاب الإسرائيلي عادت الجزيرة إلى الإدارة المصرية وتوجد فيها حالياً قوات دولية متعددة الجنسيات بحسب إتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ووقوعها في المنطقة ج. طالبت المملكة العربية السعودية مصر بتبعية الجزيرتين في أكثر من مناسبة، وفي 8 أفريل 2016 وقعت الحكومة المصرية وحكومة المملكة العربية السعودية اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين والتي طبقاً لبنودها تقع الجزيرتان داخل الحدود البحرية السعودية، إلا أن محكمة القضاء الإداري أصدرت حكمها في 21 جوان 2016 ببطلان توقيع الاتفاقية، وأيدتها في ذلك دائرة فحصن الطعون بالمحكمة الإدارية العليا وقابل هذا المسار القضائي، أحكام قضائية لمسار قضائي موازي، تمثل في حكم محكمة الأمور المستعجلة بإسقاط أسباب حكم المحكمة الإدارية العليا واستمرار سريان الاتفاقية. فيما أقر البرلمان المصري الاتفاقية في 14 جوان 2017، وقام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتصديق عليها في 17 جوان 2017. ونشرت في الجريدة الرسمية فقد تسببت هذه الاتفاقية بجدل قانوني ومعارضة شعبية مصرية لم تتوقف .
أهمية إستراتيجية
وتتميز تيران وصنافير بأهمية إستراتيجية كبيرة فجزيرة تيران تقع في مدخل مضيق تيران، الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي و8 كم عن السواحل الغربية السعودية، تبلغ مساحة الجزيرة 80كم².
تقع عديد الممرات المائية الهامة بين جزيرة تيران وشرم الشيخ، ويبلغ عمق الممر الأول 290 متراً ويُسمّى ممر «إنتربرايز» وهو الممر الوحيد الصالح للملاحة. والممر الثاني يُسمّى ممر «جرافتون»، ويبلغ عمقه 73 متراً، والممر الثالث يقع بين جزيرتي تيران وصنافير ويبلغ عمقه 16 متراً فقط. وتتحكّم هذه الجزر بالمداخل الوحيدة لمضيق تيران، الذي يبلغ عرضه 4.5 كم، ويُعد البوابة الوحيدة لخليج العقبة، ما يجعلها تتحكّم في حركة الملاحة الدولية وتمكّن الطرف المسيطر عليها من إغلاق الملاحة في الخليج في أي وقت في اتجاه ميناء «إيلات» في فلسطين المحتلّة وميناء العقبة في الأردن.
وتتعمق اليوم المخاوف لدى الإدارة الأمريكية من تبعات القرار المصري على استكمال مخطط تطبيع العلاقات بين الرياض واسرائيل وكل ما يرتبط به من انعكاسات .
وكان بايدن أعلن، على خلفية التوصل إلى اتفاق بين مصر والسعودية بشأن الجزيرتين، عن أنّ القوّات الأمريكية الموجودة فيهما تحت عنوان «حفظ السلام»، ستغادر بحلول نهاية العام الجاري، وذلك خلال لقائه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على هامش زيارته للسعودية. ويرى العديد من المراقبين أن هذه الخطوة المصرية لا تعدو أن تكون إلا مناورة من أجل الحصول على دعم مالي وعسكري إضافي هي بأمس الحاجة إليه خاصة أنها تعاني من أزمة اقتصادية كبيرة دفعت البنك المركزي المصري مؤخرا إلى رفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس «لاحتواء الضغوط التضخمية وتحقيق معدلات الفائدة المستهدفة».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115