الأمريكية فوق بلدة «لوكربي» الاسكتلندية في 1988 في هجوم أوقع 270 قتيلا.وقال الدبيبة في كلمة متلفزة إنّ «أبو عجيلة مسعود ورد اسمه في التحقيقات قبل عامين، قبل مجيء حكومتي، وصدرت بحقّه مذكرة اعتقال من الإنتربول».
هذه هي المرّة الأولى التي يقرّ فيها الدبيبة بأنّ حكومته هي التي سلّمت الى واشنطن المتّهم الليبي.وكان مدّعون عامّون اسكتلنديون أعلنوا أنّ مسعود بات محتجزاً لدى السلطات الأمريكة، دون أن يوضحوا كيفية نقله من ليبيا إلى الولايات المتّحدة حيث بدأت محاكمته.وعرض الدبيبة مذكرة ونشرة حمراء دولية للقبض على المتّهم الليبي صادرة من الإنتربول، مشيراً إلى أنّ مسعود متّهم بأنّه المسؤول الأول عن خلية صناعة المتفجرات التي استخدمت في تفجير الطائرة.
وقد سبب تسليم مسعود احتجاجات وانقساماً شعبياً وسياسياً في ليبيا سيّما وأنّ ملفّ قضية لوكربي أغلق قبل نحو عشرين عاماً.وبرّر الدبيبة قرار حكومته بتسليم مسعود بالقول «صار لزاماً علينا التعاون من أجل استقرار ليبيا، ومحو اسم الإرهاب عن الشعب الليبي البريء»، مشدّداً على أنّ «التعاون تمّ وفق القواعد القانونية مع المتّهمين في قضايا خارج البلاد خاصة ذات الطابع الإرهابي’’
وعن الأصوات الرافضة لتسليم المتّهم إلى واشنطن، قال الدبيبة إنّ «ليبيا تأخّرت سنوات طويلة بسبب تورطها في عمليات إرهابية حتى أصبحنا في عيون العالم ننتمي إلى دولة إرهابية ، أصبح البعض يدافع عن متّهم إرهابي متّهم بقتل 270 روحاً بريئة».
كما شدّد رئيس حكومة طرابلس على رفضه لإعادة فتح ملف قضية ‘’لوكربي’’ بعدما أغلق قبل عقدين من الزمن بتسوية دفعت بموجبها طرابلس مئات ملايين الدولارات تعويضات لذوي الضحايا.لكنّ الدبيبة لفت إلى أنّ هناك مساراً جنائياً لا بدّ من استمرار التعاون فيه مع الولايات المتّحدة في ما يخصّ المتّهمين في هذه القضية.
وكان نظام معمر القذافي دفع في 2008 أكثر من ملياري دولار تعويضات لأهالي الضحايا لإقفال ملف القضية.وأعيد فتح التحقيق في القضية عام 2016 عندما علم القضاء الأميركي بتوقيف أبو عجيلة بعد سقوط نظام القذافي وبأنّه قدّم اعترافاً مفترضا لاستخبارات النظام الليبي الجديد عام 2012. وكشف محققون أمريكيون وقت التفجير عن أدلة على أن أحد المتهمين المحتملين كان اسمه «أبو عجيلة مسعود»، لكنّهم لم يتمكّنوا من تحديد مكانه.
حيثيات التسليم
ومازالت واقعة تسليم حكومة الوحدة الوطنية للمتهم في تفجير لوكربي عام 1988 محل اهتمام الرأيين العامين المحلي والدولي..وكان احد أقرباء الدبيبة وهو ابن عمه المدعو ابراهيم ابن علي الدبيبة وعد الولايات المتحدة بتسليمها بوعجيلة المريمي بالتنسيق مع النائب العام الصديق الصور، وفعلا جرى القبض على بوعجيلة المريمي ليتم نقله من طرابلس إلى مصراته في مرحلة أولى ثم إلى مالطا أين تسلمه الأمريكان .
في وقت سابق كان المريمي باعتباره احد ضباط معمر القذافي ومتهما بارتكاب انتهاكات وجرائم قتل لمعارضي النظام اعتقل في 2012 ،حيث اظهر تعاونا مع التحقيق واعترف بارتكابه لعمليات تصفية في سياق تنفيذ الأوامر بحسب اعترافاته ليتم لاحق الإفراج عنه لأسباب صحية..
يرى خبراء في القانون أن الاتفاق المبرم بصفة غير مباشرة بين نظام الراحل معمر القذافي نص على تسوية للقضية سياسيا وماليا ، ولم يذكر شيئا عن الجانب الجنائي وهو ما استغلته واشنطن لتقديم الطلب بتسلمه لمقاضاته أمام المحاكم الأمريكية.
السؤال هو ما دوافع فتح قضية «لوكربي» بعد مرور 34 عاما على تسويتها حتى وان كانت تلك التسوية لم تشمل الشق الجنائي فما الذي يريده الأمريكان وحكومة الوحدة الوطنية من وراء ذلك؟
معلوم أنّ قضايا الإقليم بداية من ملف النووي الإيراني وصولا إلى أزمة سوريا وطبعا مرورا بأزمة ليبيا وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية جميع هذه الملفات، ونستثني ملف الحرب في أوكرانيا ملفات متعثرة ومبعثرة أوراقها كما أنه بالعودة إلى الوراء قليلا نجد أنّ الولايات المتحدة سبق أن زعمت أنّ إيران وسوريا متهمتين بالتورط في تفجير «لوكربي».
أما فيما يتعلق بالجانب الليبي المتمثل في الدبيبة وحكومته فكانت حاجتهم ملحة لكسب اعتراف أمريكي صريح و قوي في وقت أجمع فيه المجتمع الدولي على ضرورة تشكيل سلطة تنفيذية جديدة دون تواجد الدبيبة، لتتولى تلك الحكومة إجراء الانتخابات كما تزامن ذلك مع برود لافت في العلاقة بين الدبيبة والمشري وصلت أقصاها طلب المشري من النائب العام منع الدبيبة من السفر.بمعنى آخر فان أركان وجود صفقة لا خاسر فيها بالنسبة للأمريكيين وحكومة الدبيبة رغم أنها تمسّ من السيادة الوطنية لليبيا موجودة في اتفاق الحال.