منبر: بعد فشلها في سوريا... «الرئيس الأسد بدأ يثير قلق أنقرة»

حديث الساعة بالطبع حول قطار المصالحة التي يمكن أن تحصل بين سوريا وتركيا، وأكيد كل المهتمين بالشأن العام، والمتابعين الأحداث السياسية من عام 2011

على أقل تقدير، يلاحظون تطور أداء لغة الخطاب السياسي للحكومة التركية تجاه سورية، حيث أبدى الرئيس التركي أردوغان انفتاح بلاده على التفاوض مع دمشق، بعد أن شهدت العلاقات بين البلدين توتراً على خلفية قضايا عدة من بينها تأكد تورط تركيا في دعم التنظيمات المسلحة بعد ثبوت أدلة قاطعة ووثائق. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: هل تمد أنقرة يدها لدمشق؟ وهل يمكن لتركيا التضحية بعلاقاتها مع حلفائها من أجل الدولة السورية ؟!
اليوم تحولت سوريا إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب لأنها تدرك تماماً أن العالم هو من يحتاج إليها وليس العكس، هي التي ترسم المعادلات، وتقرر التحالفات، وتقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة بأكملها، من هذا الباب باتت تعرف أنقرة أن دائرة المصالحات الإقليمية والدولية التي تعمل على تحقيقها لن تكتمل دون إستدارة في الموقف من الأزمة السورية.
ولأن السياسة الدولية لا تعرف إلا بلغة المصالح وجدت تركيا إن مصلحتها تكمن في التوافق مع سوريا وإن اتخاذ مواقف عدائية معها لا يحقق أهدافها ومصالحها، ومن هذا المنطلق وضعت دمشق عدة شروط للمصالحة مع تركيا ورئيسها المغامر أردوغان، وأهم هذه الشروط هي: الانسحاب الكامل للقوات التركية ومرتزقتها من الأراضي السورية بأسرع وقت ممكن، وأن تغيِّر من موقفها فيما يخص الأزمة السورية، وتغلق حدودها أمام تدفق الإرهابيين والأسلحة ، فضلاً عن إعادة النظر في خطط أردوغان العثمانية التوسعية قبل أي حديث عن عودة ناجحة للعلاقات بينهما. فيما يبدو تمسك تركيا بهذه الفرصة لأن هناك توجهات سياسية تركية على أعلى مستوى نحو استعادة علاقاتها الخارجية وتصفير المشاكل من جديد مع دمشق، فالتطورات العسكرية والسياسية المتسارعة في سورية تفيد بصمود الجيش العربي السوري وقدرته على كسر شوكة المتطرفين في أي مكان وتحقيق النصر، لذلك حجزت تركيا وحلفائها مقعداً على طاولة التفاوض لإعادة ترتيب المنطقة بعدما فشل الرهان على الحرب. لذلك من الواضح أن عودة تركيا لتقييم سياساتها تجاه سورية ترجع في المقام الأول إلى إدراك تركيا أن ثمة «مصالح مشتركة» تجمعها مع دمشق، مبنية على درء المخاوف ومواجهة التهديدات المختلفة ومن هنا ليس غريبا أن تدير تركيا ظهرها لحلفاءها وتمضى قدماً في تطبيع علاقتها مع سورية إنطلاقاً من مصالحهما.
والسؤال الذي يفرض ذاته ونحن نتلمّس روائح النصر التي تلوح بالأفق، هل يتورط أردوغان فعلاً في شن هجوم عسكري على سوريا متجاوزاً الشرعية الدولية؟ خاصة بعد أن تلقى تحذيرات جدية من الرئيس الأسد بعدم ارتكاب أي مغامرة في سورية لأنها ستكون حرب قاسية. في هذا الاطار يجب على الرئيس أردوغان أن يحترس من التورط في شن الحرب على سورية الذي لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وإمكانية تطورها إلى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة إلى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة.
مجملاً... ما تغفله تركيا، أن الأدوات أصبحت مكشوفة لدمشق، وأن معركة الجيش السوري والمقاومة في تحرير الأراضي السورية لن تتوقف وستواصل مهامها لهزيمة الميليشيات المسلحة والجماعات الداعمة لها التي تتكبد يومياً خسائر فادحة في المعدات والأرواح في ادلب. فالقراءات السياسية تقول أن اردوغان يتخبط ويغرق في المستنقع السوري، وان إقترابه من سوريا سيؤدي الى حل مشاكل كثيرة في بلاده، كما ان تركيا مقبلة بشكل أساسي على تغيرات حاسمة وعميقة تجاه الأزمة السورية، خاصة بعد إنسداد الأفق لديها للخروج من مأزقها الذي وضعه أردوغان في وجهها، وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب على تركيا إعادة النظرة في الرهانات السياسية الخاطئة قبل فوات الأوان، فالأسابيع القادمة ستشهد تدويراً للكثير من الزوايا والقضايا في مجمل العلاقات الدولية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115