إلى الرياض مع العاهل السعودي وولي عهد وقادة دول الخليج ثم زعماء الدول العربية . ولعلّ التوتر في العلاقات بين بكين وواشنطن من جهة والسعودية وأمريكا من جهة أخرى والذي يتزامن مع انعقاد هذا الملتقى العربي الصّيني ، يطرح مزيدا من السيناريوهات حول ما ستتم مناقشته خلال هذه القمّة و مخرجاتها التي رغم أنها ستكون ذات بُعد اقتصادي -باعتبار صبغتها الاقتصادية بالأساس- إلاّ أنها لن تخلو من الطابع السياسي أيضا .
ووفق مراقبين تعمل الصين التي بدأ رئيسها شي جين بينغ منذ يوم أمس الأول زيارة إلى الرياض ، على استغلال هذه القمة العربية لبناء شراكة إستراتيجية مع الدول العربية والخليجية في وقت يشهد فيه العالم ركودا اقتصاديّة وتداعيات خطيرة للحرب الروسية الأوكرانيّة على سوق الطاقة العالمي .
ويشهد العالم منذ عقود سباقا اقتصاديا غير مسبوق بين الصين الطامحة للتربّع على عرش الاقتصاد العالمي، والولايات المتحدة الأمريكيّة المهيمنة على عالم القطب الواحد . ويرى متابعون أنّ القمة الحالية ستشهد تغيرا على مستوى التحالفات والشراكات الإقتصادية ، إذ تعمل بكين على تكريس شراكة صلبة من الدول العربية والخليجية مما يدعمها في طريقها نحو الزعامة الاقتصادية العالمية باعتبار أن المنطقة تضمّ أهم طرق ومعابر التجارة العالمية بين الشرق الأقصى وأوروبا بالإضافة إلى ثروات الدول العربية الطاقية الضخمة التي تجعلها عنصرا لا غنى عنه بالنسبة للصين .
تعاون وشراكة
ووفق المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فقد سجل التبادل التجاري بين الطرفين ارتفاعا من 36.7 مليار دولار في 2004 عند تدشين منتدى التعاون الصيني العربي إلى 330 مليار دولار في العام 2021. هذا الرقم يؤكد وفق مراقبين أنّ الصين تحتل المرتبة الأولى في ترتيب الشركاء الاقتصاديين للدول العربية متفوقة في ذلك على الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا أيضا .
ورغم هذا التفوق الصيني في التبادل التجاري مع المنطقة العربية على حساب الدول الغربية ، يسعى التنين الصيني إلى مزيد تعزيز شراكته الإستراتيجية مع العرب وهي خطوة قد تتطوّر إلى تحالفات سياسيّة في ظلّ الخلافات القائمة بين دول الخليج السعودية بالأساس والولايات المتحدة الأمريكية . إذ فجرت الحرب الروسية الأوكرانية أزمة طاقة دولية زادت من الخلافات بين السعودية وأمريكا بعد رفض الأولى التماشي مع مطالب الإدارة البيضاوية بالتخفيض في أسعار النفط وهو ما رفضته المملكة، باعتبار أن الغرب يرى السعودية كبديل رئيسي عن النفط الروسي في وقت يشهد فيه العالم أزمة غذاء وطاقة .
ووفق مراقبين لم يكن الموقف السعودي متجاوبا مع الموقف الأمريكي في هذا السياق مما عجل بزيارة بايدن إلى الرياض ، بهدف تعزيز العلاقات مع السعودية في إطار مساعي البيت الأبيض لإيجاد سبل لخفض أسعار البنزين المرتفعة في الولايات المتحدة وباقي دول العالم كذلك محاولات فسخ اتفاق السعودية النفطي مع موسكو. . ووفق مراقبين فان المملكة العربية السعودية عامة وولي العهد السعودي محمد بن سلمان خاصة يحاولان استغلال ورقة النفط في هذا التوقيت الحرج الذي يمرّ به العالم للعودة إلى المشهد الدولي والأمريكي وذلك بعد سنوات من الجفاء على علاقة بملف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده باسطنبول والتي اتهم فيها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان .وأيضا على علاقة برفع الدعم الأمريكي عن السعودية فيما يتعلّق بالملف اليمني .
هذا الجفاء الأمريكي السعودي يتزامن مع خلاف تقليدي مستمر منذ عقود بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية اقتصادي تجاري سياسي ، يجعل من هذه القمة تنعقد على أساس خلاف من الجانبين مع عنصر مشترك وهو أمريكا .
وتعطي الصين للملكة العربية السعودية أهمية بالغة خاصة وأن الرياض هي المزود الأول لبكين بالنفط ، في حين تعمل المملكة على تنويع شراكاتها الإقتصادية والسياسية أيضا في ظلّ الضغوط الأمريكية المفروضة عليها بعدما قرّرت «أوبك+» تخفيض إنتاج النفط بمليوني برميل يوميا .
ورغم الحديث عن التقارب الإقتصادي المرتقب بين الصين والسعودية ، يرى متابعون أنّ السعودية غير مستعدة اليوم بعد للتخلي عن الدعم الأمني الأمريكي لها في ظلّ تزايد النفوذ الإيراني واستمرار الحرب في اليمن .
القمة العربية الصينية بين التحالف السياسي والشراكة الاقتصادية
- بقلم وفاء العرفاوي
- 11:49 08/12/2022
- 1056 عدد المشاهدات
تنعقد يوم غد الجمعة في المملكة العربية السعودية القمة العربية الصينية ، وهي قمة من ضمن ثلاث قمم ستعقد خلال زيارة الرئيس الصيني