د. تمارا برو الباحثة اللبنانية المختصة في الشؤون الصينية لـ«المغرب»: «فرضية أن تحل الصين محل أمريكا في الشرق الأوسط مستبعدة، ما يهم بكين هو البعد الاقتصادي»

• «القمة العربية الصينية ستشهد توقيع اتفاقيات مهمة للجانبين»
• «بكين تريد توفير أرضية مستقرة لإنجاح مبادرة الطريق والحزام وتأمين مجال الطاقة»

قالت د. تمارا برو الأستاذة المحاضرة في الجامعة اللبنانية والباحثة في الشأن الصيني في حوار لـ«المغرب» أنّ القمة العربية الصينية ستعزز التعاون بين الجانبين على مختلف الأصعدة، خاصة وأن الصين تعمل على ربط «مبادرة الحزام والطريق» بالرؤى التنموية للدول العربية . وأوضحت أنّ الصين لن تقف في صفّ دولة ضد دولة أخرى في المنطقة العربية، باعتبار أنها تتمتع بعلاقات جيدة مع جميع دول المنطقة، وهو ما يجعل دول المنطقة ترتبط أمنيا بالولايات المتحدة، واقتصاديا بالصين.
• لو تقدمون لنا قراءة في القمة الصينية العربية التي ستنعقد في السعودية وماهي أبرز الملفات المطروحة ؟
سيتم خلال القمة العربية الصينية المزمع انطلاقها يوم غد الجمعة، توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الجانبين الصيني والعربي في مجالات مختلفة ،منها الطاقة والطاقة المتجددة والتكنولوجيا والفضاء والصحة وتغير المناخ والمجال العسكري والدفاع .كما سيتم استكمال البحث أو التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج. كما ستشهد القمة مباحثات حول أزمة الطاقة والغذاء والحرب الروسية الأوكرانية وتعزيز التنمية المشتركة والسير بمبادرة التنمية العالمية التي أطلقها الرئيس شي جي بينغ نحو مرحلة متقدمة، وربط مبادرة الحزام والطريق بالرؤى التنموية للدول العربية كرؤية السعودية 2030 ورؤية مصر 2030 ورؤية الكويت 2035 ورؤية قطر الوطنية 2030 وغيرها.
كما سيتم التباحث والعمل على بناء المجتمع الصيني العربي ذي المصير المشترك كما سيناقش الجانبان ملف الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط ومن المحتمل أن تستكمل الصين مساعيها للسير بمبادرة السلام الصينية التي أطلقتها .وسترعى مباحثات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وستقدم وساطتها لحل الخلاف بين إيران والسعودية .
• تتزامن القمة العربية الصينية مع قمة موازية صينية سعودية وأخرى صينية خليجية ، فماهي رؤيتكم للعلاقات بين بكين والدول العربية ؟
تطورت العلاقات خلال السنوات الأخيرة بين الصين والعالم العربي وهذه العلاقات تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة ومبدإ «رابح - رابح» ، ،الصين حاليا أكبر شريك تجاري لأغلب الدول العربية حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانب العربي والصين خلال العام 2021 ، حوالي 330 مليون دولار أمريكي.تستورد الصين نصف احتياجاتها من الطاقة من الدول العربية ،هناك 5 دول عربية من بين أكبر 10 دول موردة للنفط إلى الصين، وتأتي السعودية كأكبر مصدر لواردات الصين من النفط.
ولدى الصين استثمارات كبيرة في الدول العربية إذ بلغ حجم هذه الاستثمارات سنة 2021 حوالي 213 مليار دولار، كما أنّ للدول العربية دور مهم في مبادرة الحزام والطريق التي انضمت إليها 20 دولة عربية.
كما ترتبط الصين وبعض الدول العربية بشراكة إستراتيجية وشراكة إستراتيجية شاملة مع 4 دول عربية هي مصر والجزائر والسعودية والإمارات. تأتي القمة العربية الصينية أيضا لتزيد من التعاون بين الجانبين على مختلف الصعد.
• هل يمكن اعتبار القمة الحالية نتاجا للخلافات بين واشنطن والرياض حول النفط؟
لا اعتقد أنّ القمة الحالية نتاج للخلافات بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وإن كان لهذه الخلافات أهمية . هذه القمة جاءت في وقت حساس جدا ، إلاّ أن الاتفاق على عقدها تمّ في الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي التي عقدت في جويلية 2020 . وكان لتفشي وباء كورونا دور في تأخر انعقادها.
عقد القمة في هذا التوقيت طبيعي لتعزيز التعاون بين هذه الدول خاصة في ظل الركود الذي يخيم على الإقتصادي العالمي وأزمة الطاقة والغذاء التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية. لكن ما يجعل القمة ذات أهمية بالغة هو توتر العلاقات بين واشنطن وبكين من جهة وواشنطن و السعودية من جهة أخرى .
• أين تقف الصين اليوم في الخليج العربي والشرق الأوسط في ظلّ النفوذ الأمريكي التقليدي في المنطقة، ما الذي تحتاجه الصين -وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم- من التقارب مع الدول العربية ؟
الصين لن تكون بديلا ولن تملأ الفراغ في الشرق الأوسط بعد تراجع الولايات المتحدة الأمريكية ، ما يهمّ الصين هو الاقتصاد ..مصلحة بكين هي الإقتصاد بدرجة أولى ، هي تريد إنجاح مبادرة الحزام والطريق التي كلفتها مليارات الدولارات خاصة وأن الدول العربية لها دور أساسي في هذه المبادرة، كما أنّ ما يهمّها هو ملف الطاقة فهي تستورد نصف احتياجاتها من الطاقة من الدول العربية. بكين تريد توفير أرضية مستقرة لتأمين مبادرة الطريق والحزام وتأمين مجال الطاقة .
الصين لن تحلّ محلّ أمريكا لأنها لن تقف إلى جانب دولة ضد دولة أخرى فهي على علاقة طيبة بباقي دول المنطقة .بكين تعرض وساطتها دائما لحل الخلافات في المنطقة. كما أنها لا تريد التدخل في الخلافات في الشرق الأوسط لأن مصلحتها اقتصادية بالأساس وأحيانا تتدخل سياسيا عبر إعلان مبادرات دبلوماسية لحل الخلافات .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115