مع قرب انتهاء مهلة الالتزام بالاتفاق مع نهاية العام الجاري: صراع الأجنحة السياسية والعسكرية هل يحُول دون توحيد السلطة التنفيذية ؟

مثّل الاتفاق الليبي- الليبي الذي تمّ عقده بين البرلمان الليبي ومجلس الدولة في مدينة بوزنيقة المغربية - بخصوص توحيد السّلطة التنفيذية في ليبيا في أقرب وقت -

نقطة ضوء في مسار الأزمة الليبية المتشعّبة. ولئن جدّد رئيس مجلس البرلمان الليبي عقيلة صالح يوم أمس التأكيد على أنّه «سيتمّ خلال الأيام القادمة الفصل في تشكيل سلطة تنفيذية واحدة لليبيا» برعاية الأمم المتحدة، إلاّ أنّ هذا الاتفاق آثار مخاوف حول فرص نجاحه في ظلّ تعدّد سيناريوهات فشله، بسبب عدم التزام الأطراف الليبية بتنفيذ عدّة قرارات ومبادرات سابقة كانت تصبّ في نفس سياق حلحلة الأزمة وذلك نتيجة حالة الانقسام والخلاف السائدة في البلاد.
وِأشار رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس مجلس الدولة خالد المشري، إلى أنه تم الاتفاق على استئناف الحوار لعمل ما يلزم لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وفق خريطة طريق وتشريعات بين المجلسين.وأضاف صالح: «هناك اتفاق كبير بين رئاسة مجلسي النواب والدولة على إعادة تكوين المؤسسات السيادية الليبية».وتابع: «سيتم الفصل في هذا الأمر خلال الأيام القادمة بالإضافة إلى تكوين سلطة تنفيذية واحدة في ليبيا».
وأردف: «نحن الآن بصدد هذا العمل وسنلتقي مع رئيس مجلس الدولة خالد المشري (دون تحديد موعد) بحضور مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باتيلي، ونحن في طريقنا الى حلّ الأزمة الليبية». وأكّد رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، أنّ انقسام المؤسسات الليبية أدى لتعقيد الأزمة في البلاد، لافتاً إلى أن «اجتماعات بوزنيقة نجحت في التوصّل لاتفاق حول اثنين من سبعة مناصب سيادية، وسيجري حسم بقية المناصب خلال الاجتماعات المقبلة في المغرب لمتابعة ما جرى الاتفاق عليه». وأضاف المشري أنّ لجنة من المجلسين سبق أن اجتمعت في مدينة بوزنيقة، واتفقت على 2 من بين 7 من المناصب السيادية، وأنّه توصّل مع رئيس مجلس النواب إلى استئناف ما جرى الاتفاق عليه، مشيرا إلى أنّ المجلس الأعلى للدولة سبق له التصويت على الموافقة على هذه المخرجات، وأشار أيضا إلى «الاتفاق على الإجراءات اللازمة للانتخابات البرلمانية والرئاسية بأسرع وقت ممكن».
توافق محفوف بالشكوك
يشار إلى أنّ اجتماعا تمّ عقده خلال شهر أكتوبر المنقضي في المغرب، قد أثمر توافقا غير مسبوق يتعلق بإجراء تغيير بالمناصب السيادية وتوحيد السلطة التنفيذية قبل نهاية العام الجاري . وقبل أقلّ من شهر على نهاية العام تجد الأطراف الموقعة على الاتفاق -وهي مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح ومجلس الدولة برئاسة خالد المشري- نفسها أمام رهان إنجاح هذا الاتفاق ودخول مرحلة جديدة نحو إعادة العمل بشكل طبيعي لمؤسّسات الدولة وتجاوز مرحلة الانقسام الذي خلّف صراعا بين حكومتين مختلفتين.
وتتصارع في ليبيا منذ بداية العام حكومتان إحداهما يترأسها فتحي باشاغا تمّ تكليفها من قبل مجلس النواب مقره طبرق الواقعة شرق البلاد المعروفة بحكومة الشرق، وحكومة ثانية يترأسها عبد الحميد الدبيبة الذي يتمسّك بمنصبه ويرفض تسليم السلطة إلاّ لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب.
وطالما وقفت ليبيا خلال الفترة المنقضية على حافة تصعيد خطير نتيجة خلافات عميقة بين رئيس الحكومة المنتهية ولايته عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المُكلف من البرلمان فتحي باشاغا وذلك في علاقة بتسليم المهام ودخول العاصمة طرابلس. لم تقتصر الخلافات الدائرة بين الطرفين على الجانب السياسي بل طالت الجانب الأمني الذي يشهد استنفارا غير مسبوق على تخوم العاصمة طرابلس، علاوة على تجاذبات حادة تلت الإعلان عن حالة القوة القاهرة في بعض حقول النفط مما يُهدّد بإعادة البلاد إلى المربع الصفر وذلك في وقت تسعى فيه الأطراف الدولية إلى إرساء موعد جديد للإنتخابات .
وبدأ الخلاف منذ تبني مجلس النوّاب الليبي (شرق ليبيا والذي يترأسه عقيلة صالح ) بالأغلبيّة قرار سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في تطوّر خطير في المشهد الليبي نظرا للتجاذبات وعدم التوافق السائد بين مختلف مكونات المشهد الليبي في هذه المرحلة الإنتقالية الحساسة التي تعيشها ليبيا بعد سنوات من الحرب.
ونتيجة فشل حكومة الدبيبة -رغم الدعم الأممي والدولي في إنجاح الموعد المحدد للانتخابات التي كانت مقررة نهاية عام2021 - بسبب الانقسام والخلافات حول المترشحين والتي كانت مقررة في ديسمبر المنقضي ،تزايدت مخاوف الليبيين والمجتمع الدولي ودول الجوار من خسارة بلاد عمر المختار لطوق النجاة بعد عقد من الحرب الضروس بين أبناء البلد الواحد .
وتبرز في الواجهة مخاوف محلية وأخرى إقليمية ودولية من تداعيات التوتر الأمني والمواجهة السياسية الحادة ،على فرص حلحلة الأزمة الليبية والسير بالبلاد نحو بر الأمان وتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكِّن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة للسلطة.
و تعاني ليبيا من انقسام مؤسّساتي خطير وتعدّد رؤوس السلطة التنفيذية مع وجود حكومتين مختلفتين يجعل من التزام الأطراف المعنية بالتوافقات أمرا صعبا للغاية ، بسبب حالة التشرذم والصراع الحادّ الذي لم تقدر المبادرات الإقليمية والدولية على احتواءه .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115