أكد تقرير جديد صادر عن «المؤسسة الدولية للديمقراطية والمساعدة الانتخابية» أنّ نصف الديمقراطيات في العالم في حالة تراجع مستمر مشيرا إلى تدهور الحريات المدنية وسيادة القانون مقابل تزايد «القمع لدى الحكومات الاستبدادية». ولعلّ المفاجئ في التقرير تسجيل ارتفاع غير مسبوق في عدد الدول التي تعرف تراجعا في الديمقراطية، بالإضافة إلى انضمام دول جديد في التصنيف على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وبولونيا .
وقالت المؤسسة الدولية للديمقراطية والمساعدة الانتخابية -مقرها ستوكهولم- في تقرير سنوي إن قضايا تتراوح بين القيود على حرية التعبير وزيادة عدم الثقة في شرعية الانتخابات تقوض المؤسسات الديمقراطية.وهناك عدة عوامل، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتفشي التضخم، والركود العالمي الذي يلوح في الأفق، وتغير المناخ وجائحة كوفيد-19، كل ذلك يشكل تحديات كبيرة.
ووفق التقرير فإنّ التراجع يمكن أن يظهر من خلال إعادة النظر في مصداقيّة انتخابات أو انتهاكات لدولة القانون أو فرض قيود في الفضاء المدني. وتبنى المؤسسة الدولية للديمقراطية والمساعدة الانتخابية مؤشرات الحالة العالمية للديمقراطية الخاصة بها على أكثر من 100 متغير بما في ذلك تدابير مثل حرية التعبير والسلامة الشخصية والأمن الشخصي.
وأضاف التقرير أن ما يقرب من «نصف الديمقراطيات في أوروبا عانى من التآكل في السنوات الخمس الماضية». إذ عانت حوالي نصف الديمقراطيات ي أوروبا أي 17 دولة من تدهور خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ويرجع مراقبون هذا التغير بعدة مؤشرات وملفات تعيشها القارة الأوروبية لعلّ أهمها الحرب الروسية الأوكرانية وما حملته من تداعيات اقتصادية وسياسية أيضا.
ووفق متابعين للشأن الدولي فإنّ العوامل غير مناسبة اليوم للديمقراطية مستدلين في ذلك إلى الركود الإقتصادي الحاد الطي يمر به العالم الناجم عن وباء ‘’كوفيد19’’ الذي ظهر منذ 2019 ، والتبعات الإقتصادية للحروب والصراعات وآخرها الحرب الروسية الأوكرانية وما خلّفته من تأثيرات على أسواق الطاقة العالمية .
وقالت المؤسسة الدولية للديمقراطية والمساعدة الانتخابية «الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا هزت أوروبا، وأجبرت المنطقة على إعادة التفكير في الاعتبارات الأمنية والتعامل مع أزمات الغذاء والطاقة الوشيكة».وأضافت أن الديمقراطية تتعرض للتهديد على مستوى العالم من التحديات لشرعية نتائج انتخابات موثوق بها، والقيود المفروضة على الحريات والحقوق على الإنترنت، والفساد، وصعود أحزاب اليمين المتطرف.
ووجد التقرير أن الحكومات الاستبدادية أصبحت أشد قمعا للمعارضة، وأن أكثر من ثلثي سكان العالم يعيشون الآن في ديمقراطيات «متراجعة» أو في ظل حكم استبدادي.وعلى الصعيد العالمي، كان عدد البلدان التي تتجه نحو الاستبداد أكثر من ضعف عدد الدول التي تتحرك نحو الديمقراطية، وفقا للقياسات على مدى السنوات الست الماضية.وعلى الجانب الإيجابي، ظلت أفريقيا صامدة في مواجهة عدم الاستقرار. وشهدت بلدان، منها غامبيا والنيجر وزامبيا تحسنا في جودة الديمقراطية.
وازداد عدد الديمقراطيات التي تواجه أخطر تقويض والتي صنفها التقرير في فئة بلدان «في تراجع» من ستة إلى سبعة عام 2022 مع إضافة سلفادور إليها، إلى جانب الولايات المتحدة منذ العام الماضي والبرازيل والمجر وبولونيا والهند وجزيرة موريشيوس.
وقال التقرير إنّ الولايات المتحدة قامت كذلك بـ«خطوة واضحة إلى الخلف» على صعيد الحقوق الجنسية والإنجابية.ومن بين الدول الـ173 التي شملها التقرير، تسجل 52 من الديمقراطيات المدرجة فيه تراجعا.في المقابل، اتجهت 27 دولة إلى نظام استبداديّ، ما يزيد عن ضعف الدول التي اتجهت إلى الديمقراطية.كذلك شددت نصف الأنظمة الاستبدادية تقريبا قمعها خلال العام 2022، فيما سجلت أفغانستان وبيلاروس وكمبوديا وجزر القمر ونيكاراغوا «تراجعا معمما’’.
أرقام 2021
يشار إلى أنّ تقرير مؤشّر الديمقراطية في العالم لسنة 2021 سجل تراجعا في أغلب الدول نتيجة المتغيرات الحادة التي شهدها العالم على جميع الأصعدة سواء الصحية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية كذلك الأمنية ، وأظهر التقرير الذي أصدرته وحدة ‘’وحدة الايكونوميست للاستقصاء’’ تدهورا حادا في وضع الديمقراطية نتيجة عدد من الأسباب الداخلية تارة والخارجية تارة أخرى.
ووفق تقرير العام 2021 بات نحو 45% فقط من سكان العالم يعيشون في ظل أنظمة ديمقراطية.ووفق التقرير فقد بقي الوضع كما كان عليه عام 2020، أي أقل من نصف سكان العالم فقط يتمتعون بالديمقراطية، وهذا المنحى أيضا آخذ في التدهور’’. وأضافت الوحدة أن ‘’المؤشر السنوي للديمقراطية’ الذي تصدره ‘’يسلط الضوء على التحديات المستمرة التي تواجهها الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، تحت ضغط وباء كوفيد وتزايد الدعم لبدائل استبدادية’’. وأظهر المؤشر الذي يقيّم حالة الديمقراطية في العالم أكبر تراجع له منذ عام 2010، مسجلا أسوأ نتيجة منذ إصداره عام 2006 للمرة الأولى.
هذا ويقيم «المؤشر السنوي للديمقراطية» وضع الديمقراطية والصعوبات التي تواجهها في مختلف دول العالم. ووفق التقرير فإنّ أحد أهم أسباب هذا التراجع في مؤشر الديمقراطية يعود بالأساس لجائحة كورونا التي ضربت العالم منذ عام 2019 .
الشرق الأوسط .. تراجع مستمر
ووفق التقرير وعقب مايقارب الـ11 عاما على ثورات الربيع العربي ، يبقى الشرق الأوسط «المنطقة الأكثر تسلطا في العالم» ولا يعدّ سوى ثلاث ديمقراطيات هي العراق ولبنان و«إسرائيل»، بحسب التقرير.
وفي آسيا حيث يعيش 54% فقط من السكان في نظام ديمقراطي، تشتد النزعة الاستبدادية، فيما تبقى القارة الإفريقية «متينة» في وجه انعدام الاستقرار رغم التحديات الكثيرة التي تواجهها.
ويربط متابعون الأوضاع في الشرق الأوسط بعدم استقرار الوضع الأمني والإقتصادي في أغلب دول المنطقة وما تعيشه أغلب الدول من حروب وانقسامات داخلية بالإضافة إلى الحرب ضدّ الإرهاب وأيضا القيود المفروضة على الحقوق والحريات، وهي عوامل ساهمت بشكل كبير في تراجع ديمقراطيات هذه الدول وفق خبراء.
وفق تقرير «المؤسسة الدولية للديمقراطية»: الشرق الأوسط «المنطقة الأكثر تسلّطا في العالـم»
- بقلم وفاء العرفاوي
- 12:12 01/12/2022
- 909 عدد المشاهدات
• «ثلثا سكان العالم يعيشون الآن في ديمقراطيات «متراجعة»
• «عدد البلدان التي تتجه نحو الاستبداد أكثر من ضعف عدد الدول التي تتحرك نحو الديمقراطية»