أو إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية من شأنها إعادة الاستقرار إلى بلد دخل في حرب أهلية لا يعرف تاريخ انتهائها. بالإضافة إلى ما تعانيه بلد عمر المختار من حرب وصراع داخلي، ساهمت حالة الفوضى والضبابية المحدقة بالبلاد في تداخل الأدوار الخارجية في الصراع الليبي وكشفت عن مطامع وتحالفات كبرى على علاقة بالثروات النفطية والبحرية والنفوذ العسكري في ليبيا والمنطقة بشكل عام .
لعلّ التحالفات الكبرى في ليبيا قد فتحت جبهات صدام بين عدد من الدول ، على غرار الاتفاقيات البحرية الأمنية التي وقعتها حكومة عبد الحميد الدبيبة مؤخرا مع الجانب التركي والتي جدّدت الخلافات الداخلية أثارت غضبا ورفضا مصريا يونانيا، لما يمثله البحر المتوسط من نقطة نزاع طويلة الأمد بين هذه الأطراف المعنية منذ عقود طويلة زادت المطامع التركية المتزايدة في السنوات الأخيرة من تأجيجها .
ووفق متابعين للشأن الليبي فقد بدأ الصراع حول الطاقة في المتوسط يأخذ بعدا إقليميا نتيجة الاتفاقيات البحرية الموقعة بين حكومة الدبيبة مؤخرا وحكومة تركيا ، وبحكم الثروات الطبيعية الضخمة في المنطقة المائية المعنية ،فإنّ النزاع أخذ منحى تصاعديا بعد أن أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط خططاً جديدة لإنشاء أنابيب لنقل الغاز إلى كل من مصر واليونان.. ويأتي المشروع المعلن عنه كردّ على الاتفاق الذي تم توقيعه بين تركيا وحكومة الدبيبة .
ولعلّ الرفض اليوناني لم يقتصر على التصريحات الرسمية وبيانات التنديد على غرار الجانب المصري، فقد زادت حدّة الأزمة بين أثينا وطرابلس أمس الأوّل بعد أن رفض وزير خارجية اليونان النزول من الطائرة بعد وصوله إلى ليبيا رافضا بذلك استقبال وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، مؤكّدا أنّ برنامج زيارته يتضمن فقط لقاءات مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح فحسب.
وقد استنكرت الحكومة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة رفض وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس لقاء وزيرة خارجيته نجلاء المنقوش ، وقالت الخارجية الليبية في بيان: «بناءً على طلب منهم (اليونانيين) منحت وزارة الخارجية والتعاون الدولي وزير الخارجية اليوناني موافقتها لزيارة طرابلس»، وتابعت: «وزيرة الخارجية والتعاون الدولي نجلاء المنقوش كانت في انتظار استقباله وفق الأعراف الدبلوماسية»واستدركت: «إلا أنه في موقف مفاجئ يدعو للاستياء، رفض الوزير اليوناني النزول من طائرته، وعاد من حيث أتى دون أي إيضاحات».وأردفت الخارجية بأنها «تستهجن هذا التصرّف، وسوف تتخذ الإجراءات الدبلوماسية المناسبة التي تحفظ لدولة ليبيا هيبتها وسيادتها».وأشارت إلى «السياسات والمواقف الفجّة التي انتهجها وزير خارجية اليونان خلال الأيام الماضية تجاه مصالح الدولة الليبية، والتي عكستها تصريحاته غير المتّزنة في ما يتعلق بسيادة ليبيا وحقها في العلاقات التي تحقق تطلعات شعبها’’. وكان من المقرر أن يلتقي ديندياس رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في طرابلس، غير أنه غادر دون إتمام أي لقاءات مع الجانب الليبي في زيارته التي كان من المقرر أن تستمر يوما واحدا.
موقف مصري يوناني
وقد وقّعت حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة مع الحكومة التركية مذكرة تفاهم في مجال الطاقة بهدف إلى تطوير المشاريع المتعلقة باستكشاف وإنتاج ونقل وتجارة النفط والغاز الطبيعي ،وكان ذلك سببا في إثارة الجدل مجددا خاصة في ظلّ الرفض والتنديد المصري واليوناني بهذه الخطوة.
وتنصّ المذكرة على تبادل الخبرات والمعلومات، والتعاون في مختلف النواحي القانونية والفنية والعلمية، وتنظيم الندوات والمؤتمرات المشتركة وتشجيع الشراكة بين القطاعين الخاص والعام وتشجيع الشركات بين الجانبين لزيادة فرص الاستثمار والاكتشاف والتنقيب وبيع الغاز والنفط.ووفق متابعين سيعري هذا الاتفاق الأخير الصراع الخارجي على الأراضي الليبية مصر والإمارات وقطر وتركيا وبعض الدول الأخرى وهي دول عُرف عنها دورها الكبير على الصعيد الداخلي السياسي والميداني في ليبيا سواء الأطراف الداعمة منها لحفتر أو الأطراف الداعمة للسراج.
وقد سارعت كل من اليونان ومصر لإعلان معارضتهما لأي نشاط في المناطق المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط.كما قوبل الاتفاق بالرفض من البرلمان ، وقال رئيس البرلمان عقيلة صالح- والمعروف عنه أنه حليف مصر- إن مذكرة التفاهم غير قانونية حيث وقعت عليها حكومة بدون تفويض. وقالت وزارة الخارجية اليونانية إن لليونان حقوقا سيادية في المنطقة تنوي الدفاع عنها «بكل الوسائل القانونية مع الاحترام الكامل للقانون الدولي للبحار».
ووفق مراقبين تخشى كل من اليونان ومصر من أن يتيح الاتفاق لتركيا استخدام الأجواء الليبية وكذلك أرضها والدخول للمياه الإقليمية دون إذن من الجانب الليبي، وإنشاء قواعد عسكرية في ليبيا.بالإضافة إلى مخاوف اليونان من استحواذ تركيا على الثروات البحرية في المياه الإقليمية.