للحديث بقية: لبنان وقوارب الموت.. المأساة متواصلة

عاش لبنان أمس على وقع مأساة جديدة بعد غرق 73 شخصاً على الأقل من بينهم لبنانيون وسوريون في كارثة غرق مركب يُقلّ مهاجرين غير نظاميين.

وتعد هذه الحصيلة الأعلى منذ بدء موجات الهجرة غير النظامية عبر السواحل اللبنانية والتي تعتبر طارئة على المجتمع اللبناني .
والمؤسف ان قوارب الموت باتت الطريق الوحيد أمام الشباب اللبناني كذلك الفلسطيني والسوري اللاجئ في لبنان، للهرب من جحيم الأزمات المتواصلة في هذا البلد مند ثلاث سنوات دون توقف . فالانتفاضة التي انطلقت قبل سنوات كانت بالنسبة لهؤلاء الشباب طريق الأمل للوصول الى «لبنانهم» الجديد المدني وغير الطائفي ...أرادوا التغيير مع طبقة سياسية جديدة تقطع مع إرث «الأوليغارشية» الطائفية المهيمن منذ عقود في المجتمع اللبناني ...لكن مع بدء انهيار الليرة اللبنانية وارتفاع الأسعار وفقدان العديد من المواد الغذائية والطبية الحياتية الأساسية بدا أن كل شيء على وشك الانهيار لا الوضع الاقتصادي فحسب ...وكان الهروب عبر قوارب الموت الحل الوحيد لهؤلاء الشباب الضائع وبينهم سوريون وفلسطينيون .
وتعكس ظاهرة قوارب الموت واقع المنظومة السياسية والاقتصادية برمتها والتي فشلت في تحصين نفسها من كل الأخطار الداخلية والخارجية وهي تعبّر عن انهيار مجتمعي لا سابق له .
وقد ظلّ أهالي الضحايا ينتظرون وصول جثامين أبنائهم الغرقى...يحملون جثث أطفالهم وأهاليهم الملطخة بملح الموت ووجوههم مفعمة بأسئلة الضياع والوجع ...وجع على الضحايا وعلى هذا البلد الذي بات في الآونة الأخيرة يُصدّر قوارب الألم والهجرة والهروب.
ولم تنجح التدابير التي اتخذتها القوى الأمنية اللبنانية في الحد من هذه الظاهرة مع وجود شبكات لتهريب البشر عبر البحر . وقد سبق ان أعلنت الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية مراراً عن إحباط محاولة هجرة غير نظامية خصوصاً من منطقتي طرابلس وعكار شمالاً .
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فقد حاول ما لا يقلّ عن 38 زورقاً يحمل أكثر من 1500 شخص مغادرة لبنان عن طريق البحر في الفترة الممتدة بين جانفي ونوفمبر 2021. ويبدو ان مآسي قوارب الموت لن تتوقف ما دام الوضع اللبناني الضبابي على حاله بل يشهد انتكاسة تلو أخرى في حين تتطلع شرائح لبنانية واسعة الى موعد الانتخابات الرئاسية القادمة فلربما تنهي حالة التخبط والفوضى .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115