ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والاحتلال الاسرائيلي: بين التسوية واحتمالات التصعيد

يبدو ان ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وكيان الاحتلال الإسرائيلي قد أحرز تقدما لأول مرة منذ بدء المفاوضات بين الطرفين حول أحقية استخراج الغاز من المتوسط .

وقد انطلقت المفاوضات غير المباشرة لأول مرة في أكتوبر 2020، برعاية الأمم المتحدة بوساطة أمريكية بهدف ترسيم الحدود، وعُقدت 5 جولات كانت آخرها في ماي 2021، ثم توقفت نتيجة خلافات جوهرية.
وساطة أمريكية
أعلن الوسيط الأمريكي آموس هوكستين الذي زار بيروت هذه الأيام أن «تقدما» أحرز في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل في شأن ترسيم الحدود البحرية، لكن التوصل الى اتفاق «لا زال يتطلب مزيدا من العمل». والمعلوم ان الولايات المتحدة ترعى وساطة دولية بين لبنان وإسرائيل بهدف التوصل الى اتفاق يهدف الى ترسيم الحدود البحرية بينهما وإزالة العوائق أمام استخراج الغاز من حقل كاريش المتنازع عليه. وكان المسؤول الأمريكي قد أجرى زيارة إلى لبنان استمرت بضع ساعات، التقى فيها الرئيس ميشال عون في قصر الرئاسة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري في مقره غرب بيروت، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مقر الحكومة وسط العاصمة.
وفي الوقت نفسه أكد مصدر رسمي لبنان رفيع المستوى بحسب تقارير إعلامية لبنانية إنه يمكن التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع «إسرائيل» «خلال فترة قريبة جدا» إذا تم التفاهم على بعض النقاط العالقة بشأن الخط 23 وحقل قانا كاملا الذي تطالب به بيروت.
وأوضح المصدر اللبناني أن المسؤول الأمريكي «أعطى أجواء ومعطيات إيجابية»، مشددا على أنه «إذا تم التفاهم على بعض النقاط العالقة والتي تحتاج إلى إيضاحات فيما يتعلق بالحدود وفقا للخط 23 وحقل قانا كاملا، وفي حال الانتهاء من هذه المرحلة يمكن أن يوقع الاتفاق خلال فترة قريبة».
وأضاف أن هوكستين «عرض خلال الاجتماعات اليوم مع المسؤولين اللبنانيين نتائج الاتصالات التي أجراها مع الجانب الإسرائيلي في ضوء الملاحظات التي استمع لها في آخر زيارة له للبنان أواخر جويلية الماضي».
ويقع الجزء الشمالي من حقل «قانا» في البقعة الجغرافية البحرية رقم 9 وضمن الخط 23 الذي يعتبره لبنان حدوده البحرية وفقا للخرائط المودعة لدى الأمم المتحدة، فيما يوجد الجزء الجنوبي ضمن الخط 29.
ويتنازع لبنان والاحتلال الاسرائيلي على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا. وقد زادت في الآونة الأخيرة مؤشرات تصعيد عسكري بين المقاومة اللبنانية حزب الله وإسرائيل خاصة بعد مضي تل ابيب باستقدام سفنا تابعة لشركة «إنرجين» اليونانية البريطانية مخصصة لاستخراج الغاز من حقل «كاريش» ، ما أثار اعتراض الحكومة اللبنانية كون المنطقة متنازعا عليها.
تفاهم جديد
وقد أعلنت الشركة في بيان، تأجيل استخراج الغاز من الحقل النفطي المحاذي للحدود اللبنانية، عدة أسابيع، دون توضيح أسباب ذلك. ولكن محللون يرون ان بدء التوصل الى تفاهم جديد برعاية أمريكية قد يكون السبب في ذلك منعا لتأجيج الأوضاع ولاندلاع حرب يبدو ان الغرب لا يحبذها في الوقت الراهن خاصة انه في اشد الحاجة الى امدادات الغاز بديلا عن الغاز الروسي .
وقد شهد شهر اوت تهديدات متبادلة بين المقاومة اللبنانية التي هددت على لسان أمينها العام باستهداف اية سفينة تقوم باستخراج الغاز من المنطقة المتنازع عليها . ورد وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس من أن أي هجوم لحزب الله على كاريش قد يفضي الى حرب جديدة بين بلاده وحزب الله .
ويبدو ان شهر سبتمبر سيكون حاسما فيما يتعلق بهذا الملف الشائك والحيوي للبنان ولأمنه ولسيادته على ثرواته التي تثير لعاب كيان الاحتلال الإسرائيلي . وذلك في وقت يعاني فيه البلد من أزمات داخلية ومن تزايد حالات التسيب الأمني وارتفاع اعداد ضحايا العنف والسلاح المتفشي دون رادع ، والذي يساهم أكثر فأكثر في اضعاف الجبهة الداخلية اللبنانية أمنيا واجتماعيا بعد اضعافه اقتصاديا بسبب الأزمة المالية غير المسبوقة التي يمرّ بها .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115