الدور التركي في سوريا: بين ملف الأكراد والتغيير الديموغرافي وصراع الأجندات الدولية

تزداد المخاوف من حدوث تدهور أمني خطير في منطقة شمال سوريا خاصة بعد عمليات القصف التركية المتكررة لتلك المنطقة والتي كان آخرها في جوان الماضي

حيث قصف الجيش التركي مواقع للمقاتلين الأكراد مما أدى إلى نزوح جماعي للمدنيين. وغالبا ما تستهدف انقرة مناطق خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في ريفي تل تمر وأبو راسين.
ويعد الوجود التركي في سوريا الأكبر في دولة عربية منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية عام 1918، وهناك مخاوف من توسع هذا النفوذ خاصة وأن الرئيس التركي، هدّد بعملية جديدة لإحكام سيطرة بلاده على الشمال السوري.
وكان البرلمان الأوروبي قد طالب قبل عام تركيا بالانسحاب من الأراضي السورية واصفاً وجود أنقرة العسكري فيها بـ «الاحتلال»، وذلك بعد إطلاق منظمة هيومن رايتس وتش، الوصف ذاته على الوجود التركي في سوريا.
وقد حصل أول هجومٍ تركي مباشر على أكراد سوريا، في مقاطعة عفرين الواقعة شمال غربي محافظة حلب، مطلع جانفي عام 2018، وأدى ذلك إلى فرار 320 ألفاً من سكان المنطقة التي كانت تمثل ثقلاً كردياً رئيساً في سوريا. ولم يتمكن هؤلاء من العودة إلى بيوتهم حتى الآن، بعد أن سيطرت القوات التركية على مدينتهم بالتعاون مع جماعات المعارضة السورية المسلّحة في 18 مارس 2018. وبالتالي تم القضاء على الوجود الكردي في منطقة عفرين ، وتكرر السيناريو نفسه في مدينتي تل أبيض ورأس العين سنة 2019 ، حيث لم يتمكن أغلب الأكراد الهاربة من الهجمات التركية من العودة الى مناطقها.
منعطف خطير
ويرى الكاتب والسياسي الكردي زيد سفوك لـ«المغرب» ان تركيا في متاهة حقيقية مع الملف السوري والليبي والأوكراني واليوناني وغيره و تحاول ان تفرض نفسها كلاعب قوي . اما عن القرار الأخير المتعلق بتمثيل القضية الكردية بعيدا عن الأحزاب يجيب محدثنا بالقول: «الملف الكردي وصل لمنعطف خطير ،حيث ان الشعب الكردي بات وحيدا دون أي سند في ظل هجمات تركيا المتكررة وتهديداتها، ومن جهة أخرى استفراد المجتمع الدولي والنظام السوري بمشاورات تشكيل دستور سوري دون ممثلين عن الشعب الكردي. وكذلك فقدان الحركة الحزبية والأطر السياسية التي تجمعها للشرعية ودخولهم في اجندات حزبية وشخصيه بعيدا عن اجندات الشعب الكردي. اضافة الى القرارات التعسفية من الادارة الذاتية العاجزة عن تقديم متطلبات الشعب الخدمية نتيجة استفراد الحزب الواحد بالقرار واصدار قرارات عشوائية لا تمت باية صلة ببنية المجتمع، الامر الذي دفع بالشعب للكردي لاتخاذ خطوة جريئة وهامة بتمثيل قضيته وحقوقه». واوضح انه تم عقد عدة لقاءات وحوارات ومشاورات بين كافة شرائح المجتمع المستقلة غير المنتمية للأحزاب، حيث عقد الأكراد الاسبوع الفائت لقاء جماهيري واسع للتشاور وانتخب لجنة بشكل ديمقراطي لمتابعة مقررات ومقترحات التشاور بما فيها تشكيل لجنة سياسية واقتصاديه واجتماعية . ورأى محدثنا ان هذه الخطوة تمثل اول حدث في التاريخ للشعب الكردي باتخاذ هكذا موقف دفاعا عن قضيته وحقوقه القومية بشكل سلمي واتخاذ الحوار كاحدى اهم الأدوات للنضال السلمي .
اما عن الدور التركي في سوريا فقال سفوك ان تركيا تحارب دوما قوات سوريا الديمقراطية وهي في متاهة حقيقية فقد تاهت في الملف السوري والليبي والأوكراني واليوناني وملفات أخرى . وأشار محدثنا الى ان انقرة تحاول ان تفرض نفسها كلاعب قوي رغم ان الاستخبارات الدولية ومن يديرون اللعبة في العالم هم من يدفعون تركيا لهذه المتاهة كنوع من المساومة مع روسيا وايران وامريكا، ودعا سفوك دول الجوار للحوار والجلوس على طاولة المفاوضات لحل معظم الخلافات بعيدا عن خطاب الكراهية والعنف والعسكرة». بحسب قوله.
تغيير ديموغرافي
اما عن تطورات المشهد السوري فأوضح سفوك بالقول: «المشهد السوري ما يزال معقدا ، سوريا على الأرض مقسّمه، والفصائل المتطرفة والارهابية احتلت عفرين واستخدمت التغيير الديموغرافي كهدف لها وهجرّت الكرد واستوطنت بدلا عنهم باكستانيين وافغان وايغور ، وذات الشيء في سري كانيه ( راس العين ) بات في يد المرتزقة ولم يتحرك النظام خطوة واحدة لتحريرها ولا حتى روسيا وامريكا ، سوريا مقسمة دون اعلان الأكراد وحدهم قادرون على الحفاظ على هذا الوطن وذلك من خلال تثبيت حقوقهم القومية والسياسية في الدستور». وقال سفوك ان سوريا اليوم بمثابة بركان لا احد يعلم متى ستتناثر لهب ناره ، ولن يسلم منها احد ، لذلك لا يوجد حل الا بدعم الشعب الكردي وحمايته لأنه القادر على جمع كل سوريا على طاولة حوار واحدة بعيدا عن أجندات الآخرين بحسب قوله.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115