خلافات عميقة وتسوية مؤجلة: الاتفاق النووي الإيراني ... بين الإشتراطات والتنازلات الصعبة

تشهد العملية التفاوضية المتعلقة بالملف النووي الإيراني المثير للجدل خلافات متزايدة عرقلت إلى حدّ الآن حصول اتفاق طهران والدول الغربية،

ولعلّ الحديث عن انفراج قريب بات مشكوكا فيه بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية أن الرد الأخير الذي قدّمته طهران في إطار المحادثات المتعلقة بالاتفاق النووي لعام 2015 «ليس بنّاء»، مما يحد من احتمال العودة إلى الالتزام بهذا الاتفاق التاريخي.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل «يمكننا أن نؤكد أننا تلقينا رد إيران عبر الاتحاد الأوروبي». وأضاف «نحن ندرسه وسنردّ عن طريق الاتحاد الأوروبي، وهو للأسف غير بنّاء».وكان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أعرب الأربعاء عن أمله في إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني «في الأيام المقبلة».
يشار إلى أنّ الاتحاد الأوروبي عرض «نصا نهائيا» لإحياء الاتفاق الذي أبرم في العام 2015 وانسحب منه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من طرف واحد في خطوة مثلت زلزالا في العلاقات الأمريكية الإيرانية آنذاك ولازالت تداعياتها مستمرة إلى اليوم مع تمسك الرئيس الحالي جو بايدن بإشتراطات عدة فيما يتعلق بالعودة للإتفاق.
ويرى مراقبون أنّ الإشتراطات التي يطلبها طرفا التفاوض في مدينة جينيف السويسرية لن تلقى -في الأمد القريب على الأقل- تفاعلا نظرا لتعنت الجهات المعنية وتمسكها بشروطها . وتتمسك طهران بضرورة رفع العقوبات الإقتصادية المجحفة المفروضة عليها منذ سنوات وما خلّفته من انعكاسات وخسائر على اقتصاد البلاد. ولم يلقى اقتراح إيران بوضع تعديلات على الإتفاق الذي انسحبت منه أمريكا ، لكن الأخيرة تمسكت برفضها مقدمة بدورها حزمة من الشروط عبر الوسطاء المشاركين في مفاوضات جينيف. وووفق وسائل إعلام «يقضي الاقتراح الجديد بأن تحصل إيران على تخفيف للعقوبات وتتمكن من بيع نفطها مجددا مقابل قيود مشددة على برنامجها النووي.وردت إيران والولايات المتحدة باقتراح سلسلة من التغييرات. لكن واشنطن ترى أنّ رد طهران غير كاف».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في وقت سابق إن طهران أرسلت ردا جديدا بعد رد الولايات المتحدة، كما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (ارنا).
عراقيل وخلافات
يشار إلى أنّ العودة الرسمية للتفاوض بين طهران والدول الغربية (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا بالإضافة إلى ألمانيا)، بدأت منذ ما يقارب عن العام ونصف العام إلاّ أنّ سير العملية التفاوضية لم يكن مُسترسلا حيث تمّ تعليق الإجتماعات عدّة مرّات لعدّة أسباب مختلفة.
ومن بين هم نقاط الخلافات نجد الشرط الذي تقترحه أمريكا عبر وسطائها المتعلق بالتفتيش والبعثات الدولية التي تصر واشنطن على إرسالها لمراقبة المواقع النووية في طهران وهي نقطة شديدة الحساسية في المفاوضات الدائرة . علما وأنّ أمريكا تتهم إيران بتسريع وتيرة برنامجها النووي بعد إنسحابها منه عام 2018 .
فقد طلبت طهران مؤخرا إغلاق تحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد العثور على آثار ليورانيوم مخصب في ثلاثة مواقع غير معلنة، وهو ما يرفضه رئيس الوكالة رافائيل غروسي.
هذه العراقيل ساهمت إلى حدّ كبير في عدم تحقيق تطوّر ملموس على طاولة الحوار ، ورغم الحديث عن تحقيق تقدم نسبي إلاّ أنّ مراقبين يؤكدون أنّ الحديث عن تسوية شاملة وقريبة يبقى بعيد الأمد. وقد جاءت هذه المفاوضات في إطار تبنّي جو بايدن لإستراتيجيّة مغايرة عن إستراتيجيّة سلفه ترامب فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني إلاّ أنّ الإشتراطات تزيد من ضبابية المشهد الراهن.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115