مظاهرات احتجاجية ومخاوف من زعزعة إستقرار العراق: اعتزال مقتدى الصدر للحياة السياسية يضع البلاد على صفيح ساخن

دخل العراق في منعرج خطير أمس بعد إعلان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عن اعتزاله للحياة السياسية نهائيا وإغلاق المؤسسات التابعة له وذلك بسبب استمرار

الأزمة السياسية في البلاد وسط مخاوف من تأثيرات هذا الإعلان على المشهد العام في البلاد وما يمكن أن يحمله من غضب في صفوف مناصريه الذين احتشدوا يوم أمس في مختلف أنحاء البلاد.
بالتزامن مع توافد أنصار التيار الصدري أمام مؤسسات الدولة في المنطقة الخضراء واقتحامهم لمبنى القصر الحكومي احتجاجا على ما أعلنه الصدر، أعلنت الحكومة حظر التجوال العاصمة بغداد بداية من عصر أمس خشية تفجر الوضع وشهدت الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء التي تضم أغلب مقرات الحكومة والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، توافد المئات من أتباع الصدر للمشاركة في المظاهرات الاحتجاحية فيما تحولت المنطقة الخضراء الحكومية إلى ثكنة عسكرية.وقال الصدر في بيان «إنني الآن أعلن الاعتزال النهائي وغلق كافة المؤسسات»، منتقدا زعماء الشيعة السياسيين الآخرين لعدم استجابتهم لدعواته للإصلاح.
في الآونة الأخيرة شهد العراق أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية خانقة في ظل عجز مختلف الكتل المكونة للمشهد السياسي عن التوافق حول تشكيل حكومة جديدة خلفا لحكومة مصطفى الكاظمي المسيّرة للأعمال حاليا. وكان لنتائج الإنتخابات البرلمانية دور كبير في التوتر الذي يعيشه المشهد السياسي الرّاهن باعتبار أنّ الخلافات تعمّقت بين الأطراف السياسيّة بعد حصول كتلة الصدر على أغلبيّة (غير مريحة) فرضت عليها التشاور مع باقي الكتل المنافسة رغم الخلافات بينها.
خلافات متجذرة
وقد تعمّقت الخلافات لتصل الى حدّ إعلان زعيم التيار الصدري عن سحب نوّاب كتلته من البرلمان احتجاجا منه على توجّهات باقي الفصائل الشيعيّة المنافسة له (خاصة الموالية لطهران). ويرى مراقبون أن قرار مقتدى الصدر الانسحاب من العملية السياسية من شأنه أن يتيح الفرصة أمام قوى الإطار التنسيقي الشيعي لقيادة مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بوصفهم الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي بعد أن آلت إليهم غالبية مقاعد الكتلة الصدرية الشاغرة في البرلمان العراقي. ولكن المخاوف تزايدت أمس بعد خروج الآلاف من مناصري زعيم التيار الصدري ويمكن أن تنجر عن ذلك احتجاجات شعبية وأعمال عنف قد ترقى إلى حرب أهلية ، وذلك في وقت يعاني فيه العراق من تبعات حرب ضروس ضدّ الإرهاب كما يعاني من مخلفات غزو أمريكي أنهك قدراته الاقتصادية .
ويرى شقّ من المتابعين أنّ إعلان الصدر عن اعتزاله الحياة السياسيّة قد يكون مناورة سياسية ( سبقها إعلانات مماثلة تراجع عنها في وقت لاحق) ، تهدف لإبراز قوّته الشعبية لخصومه وإبراز الحاضنة الشعبية الضخمة التي تواليه.
وقد دخل العراق في منعرج خطير بعد عجز الفرقاء السياسيين عن التوافق والعجز عن تشكيل حكومة رغم مرور أشهر على الإنتخابات التشريعية التي أحدثت نتائجها جدلا كبيرا في البلاد .واتخذت التطورات مسارا دراماتيكيا مع استمرار الفراغ الحكومي في العراق.
ورغم أن التيار الصدري الشيعي نجح في احتلال المركز الأول في انتخابات البرلمان العراقي،إلا أن انسحاب ممثليه من المشهد السياسي نتيجة الخلافات كان خطوة مفاجئة زادت من تعقيدات الوضع وأثرت سلبا على مشاورات تشكيل الحكومة. ودفعت الانقسامات بين الصدر والجماعات المتحالفة مع إيران كذلك الأكراد، الذين يتنافسون على منصب الرئيس العراقي البلاد إلى البقاء لثاني أطول فترة دون حكومة منتخبة. وتدير الدولة حاليا الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة مصطفى الكاظمي. وتعرف الساحة السياسية في العراق مشاحنات وخلافات حادة بين مختلف مكونات المشهد السياسي في وقت تنتظر فيه البلاد تشكيل حكومة جديدة وذلك بعد أشهر من الإعلان عن نتائج الإنتخابات البرلمانية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115