بعد إعلان مجموعة «غازبروم» الروسية عن خفض إمداداتها إلى أوروبا: استنفار ومخاوف أوروبية ورحلة البحث عن البدائل مستمرة

أعلنت مجموعة «غازبروم» الروسية عن خفض جديد لإمداداتها إلى أوروبا عبر خط أنابيب «نورد ستريم» في خطوة أثارت استنفار وفزعا

في الجانب الأوروبي باعتبار أنّ أغلب استهلاكه يعتمد على الغاز الروسي. وأعلنت المجموعة الروسية العملاقة للطاقة «غازبروم» أنها ستخفض شحنات الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب «نورد ستريم» إلى 33 مليون متر مكعب يوميا اعتبارا من اليوم الأربعاء.
مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، بدأت الانعكاسات الخطيرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في الظهور سواء في ميدان الحرب أو في الدول المعنية بالصراع خاصة منها دول الإتحاد الأوروبي. وقد حذّر خبراء طويلا من التأثيرات الإقتصادية القريبة لهذه الحرب خاصة المتعلقة منها بالعقوبات الغربية التي سلطت على موسكو والتي اعتبرها كثير من المراقبين سلاحا مزدوجا سيحمل آثارا على الطرفين.
وذكرت شركة الغاز الروسية بأنها ستعلق عمل توربين آخر بسبب «مشكلة تقنية في المحرك». وأوضحت عبر حسابها على «تلغرام» ستصبح القدرة الإنتاجية لمحطة الضغط بورتوفايا 33 مليون متر مكعّب في 27 جويلية»، أي نحو 20% من سعة خط أنابيب «نورد ستريم» مقابل 40% حاليًا.واقترحت المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي على الدول الأعضاء خفض استهلاكها للغاز بنسبة 15% على الأقلّ اعتبارا من أوت من أجل قضاء فصل الشتاء بدون مواجهة كارثة كبرى.
وتوصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق بشأن كيفية خفض استهلاك الغاز بنسبة 15 في المائة وخفض اعتمادها على الإمدادات الروسية.وقالت رئاسة الاتحاد الأوروبي «لم تكن مهمة مستحيلة!»، مضيفة «توصل الوزراء إلى اتفاق سياسي على خفض الطلب على الغاز قبيل الشتاء المقبل».
وتبعا للخطوة المعلنة أعلنت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عن توصلها إلى اتفاق أمس بشأن كيفية خفض استهلاك الغاز بنسبة 15 في المائة وخفض اعتمادها على الإمدادات الروسية. وقال مجلس الوزراء «في محاولة لزيادة أمن الاتحاد الأوروبي من إمدادات الطاقة وقد توصلت الدول الأعضاء اليوم إلى اتفاق سياسي على خفض طوعي للطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 15 في المائة هذا الشتاء».
من جهتها قالت مفوضة الطاقة بالاتحاد الأوروبي كادري سيمسون أمس الثلاثاء إن إعلان شركة «غازبروم» الروسية العملاقة للغاز أنها ستخفض مزيدا من عمليات التسليم إلى أوروبا هذا الأسبوع له دوافع سياسية، رافضة ادعاء الشركة بأنها قطعت الإمدادات لأنها كانت بحاجة إلى وقف تشغيل التوربينات.
وأضافت سيمسون لدى وصولها إلى بروكسل لحضور اجتماع لوزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي «نعرف أنه ليس هناك سبب فني للقيام بذلك. هذا تحرك بدوافع سياسية وعلينا أن نكون على استعداد لذلك. ولهذا السبب تحديدا يعتبر التخفيض الوقائي لطلبنا على الغاز إستراتيجية حكيمة».
استنفار ومخاوف
ولعل أكثر الاقتصادات تأثرا ستكون ألمانيا التي تعتمد على الغاز الروسي في الطاقة والصناعات الكيميائية.وبما أن ألمانيا تعتمد في جل تعاملاتها اليومية على الغاز الروسي لذلك ترفض رفضا قاطعا السير على المنوال الأمريكي والشروع في فرض حظر على واردات النفط الروسي، علما أن حصة واردات ألمانيا من النفط الروسي تبلغ 35 % .
ويرى متابعون أنّ الغرب بعد إتباعه لسياسة العزلة الإقتصادية عبر فرض حزمة غير مسبوقة من العقوبات على الجانب الروسي والتي كانت نتائجها مزدوجة على موسكو وعلى الدول الغربية على حدّ سواء، يستنفر جديا هذه المرة من المرحلة المقبلة خاصة وان موسكو بدأت فيما يبدو تتبع سياسة أكثر صرامة تجاه الغرب الذي يعتمد بشكل كبير على غازها.
ويترقب العالم آخر تطوّرات الأزمة الراهنة بين روسيا وأوكرانيا وسط تعدّد السيناريوهات الممكنة في ظل تزايد الدعم الغربي لكييف من جهة وتضييق الخناق على موسكو من جهة أخرى ، إذ تتّسم المرحلة بوجود مساع جادّة وحثيثة من الغرب لإضعاف موسكو وما سيحمله ذلك من أبعاد وانعكاسات مدمرة على الصعيد الدولي وعلى صعيد المنطقة .ويرى مراقبون أنّ ما يحصل اليوم من توتّر على الجبهة الأوكرانيّة الروسيّة تغذيه الحرب الإعلامية والتصريحات الحادة التي تشنّها أمريكا وحلف الناتو باعتبارهما أحد أهمّ مكونات التصعيد الراهن بين
وعلى الصعيد الإقتصادي يرى خبراء أنّ الغرب بات قريبا من فرض عقوبات قاسية تستهدف النفط الروسي في خطوة ستكون لها تأثيرات مؤلمة لا فقط على الجانب الروسي بل أيضا على الصعيد الدولي ، وتقول صحيفة ‘’نيويورك تايمز’’ الأمريكية إنّ ‘’هيمنة روسيا المستمرة منذ عقود على سوق الطاقة في أوروبا قد تنهار».وفي حين يبقى سيناريو حظر النفط الروسي فرضية صعبة ولكنها وفق مراقبين واردة بشدّة أمام التعنت الروسي، فقد بدأ العالم في البحث عن البدائل متجها بذلك نحو عدة فرضيات أخرى .
ووفق مختصين دوليين في الشأن الإقتصادي فإنّ البدائل عن الغاز والنفط الروسيين موجودة لكن سرعة تغيير المزود أو الدولة المزودة ستحمل تأثيرات وخسائر فادحة على الدول الأوروبية ، إذ يؤكد مراقبون أن روسيا ليست أكبر مصدري النفط إلى الاتحاد الأوروبي رغم أن جزءا كبيرا من إمدادات النفط يأتي منها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115