وهو ما خلق توترا غير مسبوق بين الجانبين العراقي والتركي رغم نفي أنقرة وقوفها وراء الهجوم متهمة جماعة «بي كا كا» الكردية. وقد خلّف الهجوم الذي استهدف منتجعا سياحيا ضحايا مدنيين بينهم نساء وأطفال، جاء ذلك وسط دعوات شعبية بالتحرك ضدّ ما اعتبروه اعتداء تركيا صارخا واتخاذ إجراءات ردعية، واتهم العراق رسميا القواّت التركية بشنّ القصف الدامي ضدّ قضاء «زاخو» من محافظة دهوك، وهو منتجع يقصده الآلاف من العراقيين.
في نفس السياق أثار تعرض قاعدة عسكرية تركية في شمال العراق لهجوم بطائرتين مسيرتين مفخختين صباح أمس الجمعة، الكثير من اللغط حول التطورات المرتقبة بين العراق وتركيا خاصة وان الأوضاع تشهد توتّرا غير مسبوق بين البلدين . وأعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يوم حداد وطني. وأعربت الكثير من الدول الغربية والعربية عن إدانتها للهجوم على غرار الولايات المتحدة وألمانيا ومصر والكويت والبحرين، وقد طالبت هذه الدول بضرورة فتح تحقيق في القصف، وشددت على أهمية احترام سيادة العراق.وتشنّ أنقرة، التي تقيم منذ خمس وعشرين عاماً قواعد عسكرية في شمال العراق، مراراً عمليات عسكرية ضدّ مقاتلي حزب العمال الذي يملك مخيمات تدريب وقواعد خلفية له في المنطقة.
ويُعدّ الصراع بين تركيا والأكراد بمختلف مكوّناتهم سواء في سوريا أو في العراق صراعا أزليا وجوديا ، إذ تعتبر أنقرة أنّ مساعي الأكراد لتأسيس دولة مستقلة على حدودها تهديد جاد لأمنها القومي .وتصنّف السلطات التركية جماعة الـ»بي كا كا» على قائمة التنظيمات الإرهابية ،وتشنّ تركيا منذ عقود طويلة غارات جوية ضدّ المواقع الّتي تتمركز بها القوات التابعة لهذا التنظيم سواء داخل تركيا أو في العراق وسوريا .
العلاقات التركية العراقية
ولطالما ساد التوتر العلاقات بين البلدين خاصّة في ما يتعلق بالوجود العسكري التركي على الأراضي العراقية ، إذ تعتبر أنقرة ان دورها العسكري في العراق ضروري لمواجهة خطر الأكراد المُتمركزين قبالة حدودها خصوصا في إقليم كردستان. تركيا إلى جانب إيران (التي تدعم الحشد الشعبي وهي مجموعات مسلحة ذات غالبية شيعية) تلعبان دورا واضحا للعيان في العراق ولئن كانت الأسباب مختلفة إلاّ أنّ المشترك بينهما هو خلقهما لحرب بالوكالة أرضيتها العراق مما جعل بغداد تعاني من تجاذبات ميدانية وإقليمية حادة .
هذا التصعيد بين أنقرة وجماعة ‘’بي كا كا’’ يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية متغيّرات عميقة تدلّ على قرب حدوث اختراق في ملفات حيوية تحتاج الى تسوية عاجلة منذ سنوات مما يزيد من تأجيل فرص التسوية سواء في الملف السوري أو غيره من الملفات التي تقف دول المنطقة عاجزة أمامها .
وسبق أن أثار الدور العسكري التركي في إقليم كردستان غضبا عراقيا إذ تعتبر السلطات العراقية أنّ وجود القوات التركية غير مُرحّب به، ويرى مراقبون أن أزمة الهجوم الأخير ستزيد من حدة الخلاف بين البلدين وقد يصل إلى أزمة دبلوماسية حادة.
وتتأثر العلاقات التركية - العراقية منذ سنوات بنتائج الاستقطاب الطائفي الذي ساد المنطقة بعد سقوط نظام صدام حسين واستلام أحزاب الإسلام السياسي ذات التوجهات الطائفية الحكم في العراق، ولجوء كل منها إلى الخارج ، الشيعية منها إلى إيران، والسنية منها إلى تركيا والسعودية، وهو ما أدخل المنطقة في أتون حرب طائفية معلنة أحيانا وغير معلنة أحيانا أخرى.
وأعاد الهجوم الأخير إلى الواجهة التحديات التي تواجهها في بغداد في إطار معركتها للنأي بنفسها عن الصراعات الدائرة على أراضيها بين قوى إقليمية فاعلة في المنطقة العربية . ويرى مراقبون أن التصعيد الأخير الذي يأتي بالتزامن مع استعداد ّأنقرة لشن عمليّة عسكرية ضدّ الأكراد ، ما يزيد من حساسيّة المشهد الراهن وتأثيراته المرتقبة على الداخل العراقي الذي يعاني بدوره من أزمة سياسية خانقة نتيجة خلافات عميقة بين الكتل السياسية أدى إلى فشل في التوافق حول تركيبة حكومية ترضي كافة الأطراف المؤثرة في البلاد.
بوادر أزمة بين أنقرة وبغداد: تصعيد عسكري في كردستان ومخاوف من حرب في المنطقة
- بقلم وفاء العرفاوي
- 11:02 23/07/2022
- 1100 عدد المشاهدات
أثار الهجوم الأخير الذي استهدف منتجعا سياحيا في كردستان العراق حالة من الغضب والاحتقان في الشارع العراقي وذلك وسط اتهامات وشكوك حول ضلوع الجانب التركي في العملية،