في مواجهة روسيا والصين وإيران: بايدن يعلن عن الإطار العام للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط

أنهى الرئيس الأمريكي جو بايدن جولته الشرق أوسطية والتي شملت كيان الاحتلال الاسرائيلي والمملكة العربية السعودية ،

وهي أول زيارة رسمية له الى المملكة وجاءت لتؤكد عودة الاهتمام الأمريكي بهذه المنطقة الحبلى بالأزمات وبالثروات الطبيعية والطاقية . وقد أعلن الرئيس جو بايدن عن الخطوط العريضة للسياسة الأمريكية الجديدة مؤكدا في تصريحاته بان الولايات المتحدة لن تبتعد عن منطقة الشرق الأوسط ولن تترك فراغا تملؤه روسيا والصين وإيران. جاء ذلك خلال كلمته التي افتتح بها قمة جدة للأمن والتنمية، في السعودية، والتي شارك فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر والعراق.
وأضاف أن رؤية الولايات المتحدة الآن للمنطقة تركز على «إعادة بناء الثقة وتقديم حلول حقيقية» للازمات التي تواجهها. وأكد أن الولايات المتحدة ستبقى في منطقة الشرق الأوسط وستنخرط بنشاط مع الشركاء في المنطقة. وقد تمخضت الجولة عن توقيع الجانبين الأمريكي والسعودي 18 اتفاقية ومذكرات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات والفضاء والصحة.
وفي بيان مشترك نشره الإعلام الرسمي السعودي، جدّدت الولايات المتحدة والسعودية «التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية». واتفق الطرفان على «التشاور بانتظام بشأن أسواق الطاقة العالمية على المديين القصير والطويل».
إعادة احياء التحالفات الخليجية
وتعيد هذه القمة العربية- الأمريكية صياغة ما يمكن اعتباره حلفا سياسيا واقتصاديا وعسكريا جديدا تربطه المصالح، خاصة بعد الفتور الذي شهدته العلاقات بين واشنطن والرياض في أعقاب قضية اغتيال الصحفي خاشقجي . ولكن المصالح تعيد واشنطن مرة جديدة الى المنطقة خاصة ان عناوين هذه الزيارة بالأساس تمحورت حول ايران والطاقة ومسار التطبيع مع الكيان الصهيوني . ولعل الهدف الأهم من هذه الجولة هو تحفيز الرياض وباقي شركائها في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على زيادة انتاج النفط. وفي هذا السياق اعلن ولي العهد محمد بن سلمان عن رفع طاقة بلاده الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميا بحلول عام 2027 من طاقة اسمية قدرها 12 مليونا حاليا . وبذلك يكون بايدنقد حقق مساعيه في خفض التكلفة المرتفعة للبنزين من أجل السيطرة أعلى معدل تضخم تشهده الولايات المتحدة منذ أربعة عقود.
وقد وضعت القمة وجها لوجه الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة دول مجلس التعاون الخليجي الست بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق.
اما في ما يتعلق بمسار التطبيع فيبدو ان بايدن جاء ليكمل ما بدأ به ترامب قبل سنوات مع صفقة القرن المشؤومة ، ولئن لم تسفر هذه الزيارة عن اتفاق تطبيعي رسمي بين الرياض ودولة الاحتلال الإسرائيلي الا انها أدت الى اعلان فتح الأجواء السعودية أمام كل الرحلات المدنية بما في ذلك الإسرائيلية . ويبدو جليا ان الخاسر الأكبر اليوم من هذه الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط القائمة على فرض مسلسل التطبيع على المنطقة ، هم الفلسطينيون انفسهم الذين ظلوا طوال العقود السبعة الماضية ورقات ضغط بأيدي الفاعلين الأمريكيين يساومون بها لمصلحة «أمن إسرائيل» لا غير . فلا شيء يعلو اليوم بالنسبة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على مصالح «إسرائيل» ومحاربة كل من يشكل خطرا على أمنها واستقرارها وفي مقدمتها ايران .
اطار جديد للشرق الأوسط
استعرض الرئيس الأمريكي ما وصفه «إطارنا الجديد للشرق الأوسط في 5 مبادئ أساسية». وقال إن الولايات المتحدة «ستعمل على دعم وتقوية شراكتها مع الدول التي ساهمت في النظام الدولي القائم على القواعد وسنعمل على التأكد بأن هذه الدول يمكنها الدفاع عن نفسها ضد التهديدات الخارجية».
وقال أن الولايات المتحدة والدول المجتمعة في هذه القمة هي جزء اساسي في هذا النظام لأنهم يرفضون استخدام القوة لتغيير الحدود.
واشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن صوتوا ضد الغزو الروسي لأوكرانيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيدا بموقفهم هذا.
واكد أن دعم النظام القائم على القواعد يعني أنه ليس شرطا أن نتفق دوما على كل المسائل ولكن هذا يعني أننا نرسي المبادئ الأساسية التي تسمح لنا بالعمل معًا لحل التحديات العالمية الملحة.
وقال أيضا أن بلاده ستقدم تمويلا بقيمة مليار دولار للأمن الغذائي لتخفيف الأزمات في منطقة الشرق الأوسط. وقال إن موردي الطاقة قاموا بالفعل بزيادة الانتاج ونتطلع لرؤية ماذا سيفعلون في الأشهر القادمة.
وتعهد بأن الولايات المتحدة لن تسمح بتعريض حرية الملاحة في المضائق المائية بالشرق الأوسط للخطر خاصة مضيقي هرمز وباب المندب. وأكد أن بلاده لن تسمح لإيران أبدا بالحصول على سلاح نووي.
وختم بادين تصريحاته بالقول إن الولايات المتحدة «ستستثمر وتبني مستقبلا زاهرا في المنطقة ولن تذهب لأي مكان» .
فأمريكا اليوم تبحث عن أطر جديدة تضمن بها مصالحها الطاقية وغيرها وذلك بعد الانعكاسات التي تمخضت عنها الحرب الروسية الأوكرانية والتي هددت أمن الطاقة في العالم برمته .
والمفارقة ان جولة بادين التي اختتمت امس تزامنت مع زيارة مرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى المنطقة وتحديدا الى ايران خلال اليومين القادمين تتمحور حول قضايا عديدة أهمها كيفية مواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة . ويبدو جليا ان زيارة كلا من بادين وبوتين للمنطقة ليست مجرد زيارة اعتيادية بل هي بمثابة بداية مرحلة جديدة من «التنازع الروسي -الأمريكي « على النفوط والمصالح في العالم بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط» .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115