زعماء روسيا وتركيا وإيران يلتقون في طهران: الأزمة السورية والحرب الروسية الأوكرانية ... بين التسوية والوساطة

يلتقي في بداية الأسبوع المقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيريه التركي رجب طيب أردوغان و الإيراني إبراهيم رئيسي وذلك خلال زيارة يؤدّيها

إلى طهران لبحث التطورات في المنطقة وفي العالم . وتأتي القمة الثلاثية التي ستحتضنها إيران بالتزامن مع العملية العسكرية التي تشنها موسكو في أكرانيا وسط غضب ومعارضة غربية واسعة النطاق.
الزيارة المرتقبة يوم الثلاثاء المقبل هي الثانية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ بدء الحرب في أوكرانيا منذ 24 فيفري المنقضي ، أما الزيارة الخارجية الأولى فقد أدّاها بوتين إلى آسيا الوسطى تحديدا إلى طاجيكستان في شهر جوان المنقضي.
ووفق تقارير رسمية فإن الزعماء الثلاثة سيناقشون الملف السوري وتطورات الأزمة سياسيا وأمنيا ، كما ستشمل القمة مباحثات ثنائية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وستدور على الأرجح حول تطورات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على دول العالم خاصة وأن أوربا تعيش قلقا غير مسبوق خشية قطع الغاز الروسي بصفة دائمة بعد توقفه لـ10 أيام متتالية .وظهرت المخاوف الأوروبية قبل يومين من توقف إمدادات الغاز الروسية إثر بدء موسكو في عمليات صيانة لخط الأنابيب «نورد ستريم» مما أحدث حالة من الفزع وسط جهود حثيثة من أغلب الدول لمجابهة تأثيرات وتداعيات مثل هذا السيناريو.
وتحاول تركيا التي تحلم بالانضمام إلى دول الإتحاد الأوربي لعب دور الوسيط بين روسيا من جهة والدول الغربية من جهة أخرى وتؤكد المواقف الأخيرة على امنداد سنوات والصادرة عن عدة دول أوروبية ويبدو أن آمال تركيا بالانضمام إلى صفوف دول الاتحاد الأوروبي بدأت بالتضاؤل إن لم نقل أنها تبدّدت نهائيا ، بعد جهود مكثفة بذلتها أنقرة وتنازلات جمة قدمتها منذ عام 1959 بهدف الالتحاق بركب دول القارة العجوز ويبدو أن الحرب الروسية الأوكرانية أنعشت آمال أنقرة من خلال سعيها لدور لعب الوسيط في الأزمة الراهنة.
بالعودة للمشهد الراهن يرى متابعون أنّ إصرار تركيا بشكل جدي على رفض انضمام فنلندا والسويد إلى دول حلف الأطلسي تعود إلى عدة أسباب أهمها محاولة الإستفادة وتحصيل نقاط قوة تساعدها على حسم ملفات عالقة بين أنقرة وأوروبا ، منها المتعلقة بتجميد مفاوضات انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي .
وبما أنّ انضمام دولتين مثل فنلندا والسويد يعدّ توسعا لحلف شمال الأطلسي رغم تحذيرات موسكو ، يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة ستحمل تأثيرات على كافة الأطراف من بينها تركيا خاصة في ظل الوضع الدولي المتدهور نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية .الموقف التركي الروسي المتطابق تجاه كل من فنلندا والسويد يبدو أنه فتح الباب أمام الجانبين للتقارب والتفاوض وكسب نقاط قوة للطرفين في مواجهة الطرف الأوروبي .
الملف السوري
إلى جانب الحرب الروسية الأوكرانية يبحث الثلاثي الروسي الإيراني التركي الملف السوري ، مع العلم أن هذا الإجتماع ليس الأول الذي يضم هذه الأطراف ، إذ تجري سوريا وتركيا وإيران وروسيا محادثات منذ عدة سنوات بشأن الوضع في سوريا في إطار ما أطلق عليها «عملية أستانا للسلام» بهدف وقف الحرب الدائرة منذ أكثر من 11 عاما.
وقد عرفت العلاقات الإيرانية السورية تطوّرا ملحوظا على امتداد العقود الأخيرة حيث مثلت كل من طهران وموسكو أهم حليفين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد في وجه المعارضة الدولية والمحلية . وتتلقى دمشق دعما إقتصاديا وسياسيا وعسكريا هاما من الجانبين الروسي والإيراني .
للإشارة تنعقد هذه القمة في ظلّ التطوّرات المتسارعة التي يشهدها العالم بعد بدء روسيا لعمليّة عسكرية في أوكرانيا وما تبع ذلك من جدل وتوتّر حاد ومتصاعد مع الغرب خصوصا الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي.
وفي إطار التأثيرات القريبة والبعيدة لما يحدث في أوكرانيا تعد سوريا ضمن أول الأزمات تأثرا بما يحصل حيث تضع العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، المنطقة العربية ككل أمام حسابات صعبة، متعلقة بكل من سوريا وإيران، و«إسرائيل» والدول الخليجية ، علما بأنّ روسيا تمثل لاعبا قويا في ملفات المنطقة الحساسة.
ومنذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الاعتراف باستقلال إقليمي ‘’دونيتسك ولوغانسك’’ الانفصاليين الأوكرانيين ، كان الرئيس السوري بشار الأسد أول داعم للقرار وأعلن عن اعتراف بلاده باستقلال ‘’جمهورية دونيتسك الشعبية’’ و’’جمهورية لوغانسك الشعبية’’
ويمثل الوجود العسكري الروسي في سوريا قلقا كبيرا للجانب الأمريكي في وقت يشهد فيه الدور الأوروبي الأمريكي تراجعا في هذه الدول، مقابل تزايد النفوذ الروسي الإيراني والصيني كذلك الأمر في ليبيا حيث تبدو روسيا ومصر والسعودية والإمارات وتركيا هي الدول التي تلعب دورا أساسيا في النزاع في هذا البلد ، وذلك في تراجع ملحوظ للدور الغربي الأمريكي.وتعدّ سوريا من بين أهم الملفات الحيوية لكل من طهران وموسكو وتركيا في الشرق الأوسط ، خاصة في ظلّ الوجود العسكري الأمريكي في شمال شرق سوريا وما ينجر عنه من حرب نفوذ هناك بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن وقوات النظام المدعومة من روسيا وإيران

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115