وسط متغيرات داخلية ودولية متسارعة: الحرب الروسية الأوكرانية تعيد إحياء حلم تركيا بالانضمام إلى الإتحاد الأوربي

عاد إلى الواجهة مجددا حلم تركيا بالانضمام إلى دول الإتحاد الأوربي في ظلّ مايشهده العالم من متغيرات متسارعة سواء منها المتعلقة

بالحرب الروسية الأوكرانية أو ببدء حلف الناتو مؤخرا سياسة ضغط جديدة ضد موسكو من خلال نيتها ضم عدد من الدول على غرار فنلندا والسويد إلى صفوف الحلف. هذه التطوّرات كانت من بين الأسباب التي حرّكت مساعي أنقرة المجمدة للدخول صلب هذا التحالف الأوروبي .
يشار إلى أن تركيا هي الدولة الوحيدة العضو في «الناتو»، حاليا، التي ترفض بشكل مباشر قبول انضمام الدولتين اللتين تقعان شمالي أوروبا للحلف العسكري.في الأثناء قالت السويد إنها ستدافع عن أمن تركيا أيضا حالما يتم قبول طلب انضمام ستوكهولم لحلف شمال الأطلسي (الناتو).وقالت وزيرة الخارجية السويدية آن لينده في بيان أمام البرلمان في ستوكهولم أمس الجمعة: «ستساهم السويد في التضامن من أجل أمن حلف الأطلسي ككل، بما في ذلك تركيا».وأضافت لينده أن هدف السويد هو المضي قدما بروح بناءة بشأن القضايا التي طرحتها تركيا، وقالت إن بلادها تدين الإرهاب بأشد العبارات الممكنة.وتقدّمت السويد وفنلندا بطلبي انضمام للناتو في منتصف ماي، بعد أشهر قليلة من الحرب الروسية الأوكرانية بعد سنوات من إتباع الدولتين سياسة محايدة.
ولئن تؤكد المواقف الأخيرة على امتداد سنوات والصادرة عن عدة دول أوروبية أن آمال تركيا بالانضمام إلى صفوف دول الاتحاد الأوروبي بدأت بالتضاؤل إن لم نقل أنها تبدّدت نهائيا ، بعد جهود مكثفة بذلتها أنقرة وتنازلات جمة قدمتها منذ عام 1959 بهدف الالتحاق بركب دول القارة العجوز.
ووسط تزايد المواقف الغربية المعارضة لانضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي يرى مراقبون أنّ دول أوروبا استندت في رفضها على عدد من التطورات التي شهدتها تركيا خاصة منها المتعلقة بملف حقوق الإنسان ما بعد محاولة الإنقلاب كذلك نتيجة واقعها السياسي والأمني والاقتصادي أيضا.
مفاوضات معلقة
وشهدت المُفاوضات المتعلقة بذلك عراقيل وصعوبات جمة تارة من الجانب الغربي وتارة أخرى من الجانب التركي إلاّ أنّ مراقبين أكدوا أنّ هذه التراكمات نجحت في بناء حاجز أمام الحلم التركي يصعب تجاوزه في فترة زمنية قصيرة. ويرى متابعون أن عدد الدول التي كانت تؤيد انضمام تركيا إلى الاتحاد قد تضاءل فقد تبنت معظم الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا موقفا رافضا،إلى جانب اليونان بسبب الخلاف التاريخي بين الدولتين وسيطرة تركيا على قبرص عام 1974 والنزاع بين البلدين وعدم إقرار تركيا بما بات يعرف بالمجازر الأرمنية خلال الحرب العالمية الأولى.
وتشهد العلاقات التركية الغربية تصدعا مستمرا منذ فشل اتفاق استقبال اللاجئين الذي تم توقيعه بين دول الاتحاد الأوروبي وأنقرة من جهة أخرى في مارس 2016 لوقف تدفق اكبر عدد من اللاجئين باتجاه القارة العجوز القادمين من مناطق الصراع سوريا والعراق باتجاه الدول الأوروبية .
ومثل اتفاق ‘’إعادة قبول اللاجئين’’ هدفا مزدوجا لأنقرة والغرب إذ علّقت عليه دول الاتّحاد الأوروبي فرص نجاتها من موجة الهجرة غير المسبوقة التي طرقت أبوابها ، وكان بمثابة الفرصة الذهبية لتركيا الحالمة منذ سنوات طويلة بالانضمام إلى دول أوروبا والانضواء تحت لواء اتحادها . إلا أنّ أنقرة والغرب فشلا في الالتزام ببنود الاتفاق نتيجة عدة اعتبارات وخسرت تركيا تبعا لذلك فرصها بدخول الاتحاد . ولطالما اعتبرت منظمات حقوقية دولية أنّ الاتفاق يتعارض مع ما تنصّ عليه قواعد اللجوء الأساسية ، وهو ما كان سببا في انهياره سريعا وفق متابعين. حيث شكّك مراقبون في نجاعة الاتّفاق وإمكانيّة نجاحه في الحدّ من أعداد اللاّجئين ، حيث اعتبر البعض أنّ إغلاق أبواب أوروبا في وجه اللاجئين سيخلق أساليب جديدة في طرق الهجرة المتبعة عبر البحث عن خطط وطرق بديلة وهو ما تم تسجيله بالفعل.
هذا الصدام الغربي مع تركيا تصاعدت وتيرته خصوصا بعد استفتاء نجح اردوغان من خلاله في توسيع صلاحياته. وترى اغلب الدول الأوروبية أن سياسة أردوغان القمعية تتجه نحو مزيد التضخم خاصة بعد نجاحه في الاستفتاء الذي أبدت اغلب الدول الأوروبية عدم رضاها عن نتائجه التي كانت لصالح أردوغان.
بالعودة للمشهد الراهن يرى متابعون أنّ إصرار تركيا بشكل جدي على رفض انضمام فنلندا والسويد إلى دول حلف الأطلسي تعود إلى عدة أسباب أهمها محاولة الإستفادة وتحصيل نقاط قوة تساعدها على حسم ملفات عالقة بين أنقرة وأوروبا ، منها المتعلق بتجميد مفاوضات إنضمامها إلى الإتحاد الأوروبي .
وبما أنّ انضمام دولتين مثل فنلندا والسويد يعدّ توسعا لحلف شمال الأطلسي رغم تحذيرات موسكو ، يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة ستحمل تأثيرات على كافة الأطراف من بينها تركيا خاصة في ظل الوضع الدولي المتدهور نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115