والتي سجّلت عديد التحولات الهامة وأحدثت تغييرا في المشهد البرلماني مند أعوام . ولعل التغير الأهم كان نجاح عديد المرشحين المستقلين المعارضين والمنبثقين عما يسمى بـ«ثورة تشرين»، في الدخول للبرلمان للمرة الأولى. فقد تمكّن هؤلاء المستقلون والناشطون في المجتمع المدني من الاستحواذ على 13 مقعدا على الأقل . وقد سبق ان عرفهم الرأي العام عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي ساحات المظاهرات المعارضة للحكومة طوال الأعوام الماضية.
اما الملاحظة الثانية فهي احتفاظ حزب الله وحليفته حركة أمل التي يتزعّمها رئيس البرلمان المنتهية ولايته نبيه برّي، بكامل المقاعد المخصّصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً) في البلاد، لكن في المقابل خسر حلفاء حزب الله مقاعد في دوائر عدّة، وفي مقدمتهم التيار الوطني الحر بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون ونائب رئيس الحزب القومي السوري. ومن شأن هذه المعطيات ان تساهم في احداث تغير في المشهد البرلماني ، فقد كان حزب الله وحلفاؤه يستحوذون على الأغلبية البرلمانية بـ70 مقعدا من اجمالي 128 في البرلمان المنتهية ولايته، واليوم تشير النتائج شبه النهائية الى تحصل الحزب وحلفائه على 62 مقعدا فقط ليسجل تراجعا في الوزن البرلماني . ولعل التساؤل الأهم الذي يطرح نفسه اليوم هو كيف ستؤثر هذه النتائج على التحالفات والمشهد المستقبلي في لبنان وهل سيعيش البلد على وقع أزمة تشكيل حكومة جديدة خاصة انه -بحسب القانون اللبناني- تعد الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال مع انتخاب البرلمان الجديد ولحين تشكيل حكومة جديدة.
ولئن تمكن حزب الله من الحفاظ على بيئته الانتخابية وحاضنته الشعبية مع الاحتفاظ بعدد المقاعد الشيعية كاملة ، لكن حلفاءه سجلوا تراجعا خلال هذه الانتخابات ، فالتيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون يعتبر انه تعرض لحرب نفسيا من خصومه السياسيين خاصة حزب القوات اللبنانية الذي لا يخفى انه يسعى الى منافسة عون على منصب رئاسة الجمهورية .
واليوم في خضم هذه الفسيفساء البرلمانية الجديدة التي أفرزت ثلاث كتل في البرلمان الجديد وهي كتلة حزب الله وحلفاؤه وكتلة القوات اللبنانية وبقايا حزب المستقبل وكتلة المستقلين ، هل سيتمكن البرلمان الجديد من احداث الإصلاح المطلوب لإنقاذ لبنان من محنته الاقتصادية ام ان الانقسامات والصراعات السياسية ستعطل مسار الإصلاح ليدفع الشعب اللبناني مرة أخرى من حياته ومصالحه ثمن كل هذه الصراعات الداخلية والخارجية .