والبلدان المضيفة لهم، خصوصا بعد أن أبدت بعض الدول على غرار لبنان وتركيا أيضا عدم قدرتها على مزيد استضافة اللاجئين السوريين نظرا للتكلفة الإقتصادية والإجتماعية الباهظة المترتبة عن ذلك وأيضا في ظل ما تعانيه هذه الدول من أوضاع إقتصادية حرجة.
ورغم التعهّد الذي قدمه المانحون الدوليون بتقديم 6,7 مليارات دولار بحلول عام 2023 إلاّ أن المبلغ أقل بكثير من مبلغ 10,5 مليارات دولار التي تتطلع الأمم المتحدة للحصول عليه للتغطية على الآثار المدمرة التي خلفتها الحرب في سوريا منذ العام 2011.
وشهدت الإجتماعات مشاركة كل من الولايات المتحدة الأمريكية والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا واليونان والعراق وإيطاليا واليابان والأردن والكويت ولبنان والنرويج وقطر والسعودية والسويد وتركيا والإمارات وبريطانيا.وفي البيان الختامي رحبت الدول المشاركة بالدعم «السخي الذي تم التعهد به للسوريين الضعفاء واللاجئين السوريين والبلدان المضيفة لهم».وحثت البلدان المجتمعة على «مواصلة تقديم الدعم إلى أن يتمكن السوريون من العودة طوعا إلى ديارهم بأمان وكرامة، وفقا لمعايير الأمم المتحدة».وعبر البيان عن استمرار الالتزام» بالحد من معاناة الشعب السوري» وسلط الضوء على «أهمية الحفاظ على المساعدات الإنسانية للسوريين وزيادتها من خلال جميع الطرق، بما في ذلك المساعدات العابرة للحدود التي فوضتها الأمم المتحدة».
وجددت البلدان المشاركة في الاجتماع دعمها «المستمر للمبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسن، ولقرار مجلس الأمن رقم 2254، ولحل سياسي للأزمة، مع الاحترام الكامل لوحدة سوريا وسلامتها الإقليمية».وجدد البيان» الالتزام بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وكذلك بمنع التطرف العنيف»، مشددا على «الحاجة إلى مواصلة العمل عن كثب مع الشركاء الدوليين لضمان هزيمة دائمة لداعش والمنظمات الإرهابية الأخرى’’.
وشدد المجتمعون على « الحاجة إلى مواصلة الضغط من أجل المساءلة والعدالة عن الفظائع المرتكبة في سوريا، فضلا عن الضغط من أجل الإفراج عن المحتجزين تعسفيا وسرد كامل للمفقودين».
ووفق تقارير دولية وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تمّ تسجيل 5,7 ملايين سوري كلاجئين، فيما تحذّر منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» من أنّ 9,3 ملايين طفل سوريين في سوريا والدول المحيطة بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
ويزيد هذا الارتفاع الخطير في أعداد اللاجئين والنازحين حول العالم من التكاليف الإقتصادية والإجتماعية والسياسية الباهظة سواء لدول الأصل أو لدول الاستقبال خاصة مع غياب آليات عمل ناجعة ومشتركة بين الدول المتضررة، كذلك على صعيد تمويل المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة.
إذ يعيش ملايين اللاجئين في العالم أوضاعا إنسانية صعبة في عدد من الدول التي قبل بعضها سياسة التوطين فيما رفض البعض الآخر إتباع هذه السياسة المكلفة ماليا واقتصاديا، فإلى جانب الأوضاع الهشة والمتردية التي يعيشها اللاجئون في مخيماتهم يعاني المجتمع الدولي اليوم من تبعات تفشي وباء فيروس ‘’كورونا’’ في العالم .
لكن المثير للقلق اليوم هو مصير ملايين اللاجئين حول العالم الذين يعانون أوضاعا غير إنسانية بالمرة في غياب الرعاية الصحية اللازمة وغياب المستلزمات الطبية ومستلزمات النظافة وأبسط مقومات العيش في مخيمات تضم أعدادا كبيرة من العائلات شيوخا وأطفالا وشبابا.
تكاليف باهظة
وتستضيف الأردن ولبنان وتركيا أعدادا كبيرة من اللاجئين وسط تساؤلات تطرح ملحة اليوم حول مصير اللاجئين في المناطق المحاصرة بسبب الحروب ، سواء على الحدود السورية أو قرب الحدود التركية وأيضا في قطاع غزة المحاصر من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني .
وفي سياق التطورات على علاقة بملف اللاجئين أعلنت الحكومة اللبنانية مؤخرا على لسان وزير العمل، مصطفى بيرم، أنها «لم تعد قادرة على أن تكون شرطياً من أجل مصلحة دول أخرى’’.
كلام الوزير جاء خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير الشؤون الاجتماعية، هيكتور حجار بعد اجتماع للجنة الوزارية المكلفة بحث موضوع اللاجئين السوريين ترأسه رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، وقال بيرم: «مسألة النزوح لم تعد تحتمل، ولم تعد الدولة اللبنانية قادرة على مقاربة هذا الملف، كما لم تعد قادرة
على ضمانه بشكل كلي’’.
وأضاف «نحن لا نتلقى أي مساعدة في هذا المجال، الأمور فاقت قدرة الدولة اللبنانية على التحمّل، لم يعد لدينا مازوت للقوارب لمراقبة البحر، وعلى الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها، كما يتوجب على المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الإطار أيضا».
ويعاني لبنان الذي يستقبل ما يقارب 1.5 مليون لاجئ سوري ، أوضاعا اقتصادية حرجة للغاية ، حيث اقترب البلد الذي يعاني من تبعات تفجير مرفأ بيروت من عتبة الإفلاس ، وهو مازاد من الضغوطات المفروضة عليه . ويرى مراقبون أن ملف اللاجئين هو سلاح ذو حدين للدول التي تستقبل اللاجئين فمثلا تطالب كل من لبنان وتركيا من زيادة الدعم الدولي لحكوماتها مقابل الإستمرار في استقبالهم وهي ورقة ضغط كبرى أمام دول الإتحاد الأوروبي .