المُكلف من البرلمان فتحي باشاغا وذلك في علاقة بتسليم المهام ودخول العاصمة طرابلس. لم تقتصر الخلافات الدائرة بين الطرفين على الجانب السياسي بل طالت الجانب الأمني الذي يشهد استنفارا غير مسبوق على تخوم العاصمة طرابلس، علاوة على تجاذبات حادة تلت الإعلان عن حالة القوة القاهرة في بعض حقول النفط مما يُهدّد بإعادة البلاد إلى المربع الصفر وذلك في وقت تسعى فيه الأطراف الدولية إلى إرساء موعد جديد للإنتخابات .
وقامت مجموعة مسلحة مجهولة أمس باستهداف معسكر للقوات المسلحة بمنطقة أم الأرانب جنوبي البلاد لسيارة مفخخة أسفر انفجارها عن وقوع 3 جرحى أحدهم في حالة حرجة. وتقع منطقة أم الأرانب جنوب مدينة سبها «عاصمة الجنوب الليبي» بين بلدتي زويلة، وتراغن، باتجاه جنوب الغرب. ويقع فيها أحد المعسكرات التابعة للمشير خليفة حفتر، قائد ما يسمى بالجيش الوطني الليبي.
وأكد مكتب الإعلام بالحكومة الجديدة المكلفة من مجلس النواب وقوع الهجوم وسقوط الجرحى الثلاثة. ونقل المكتب في الساعات الأولى من فجر أمس بياناً لرئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا، استنكر فيه هذا العمل، واعتبره فعل إرهابي يستهدف القوات المسلحة.وأكد باشاغا على ضرورة مكافحة ظاهرة الإرهاب بكل أشكالها وصورها في جميع مناطق ومدن الدولة الليبية، ووضع حد لهذه الجرائم والانتهاكات، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
وتعيش ليبيا هذه الآونة على وقع خلاف عميق بدأ منذ تبني مجلس النوّاب الليبي (شرق ليبيا والذي يترأسه عقيلة صالح ) بالأغلبيّة قرار سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في تطوّر خطير في المشهد الليبي نظرا للتجاذبات وعدم التوافق السائد بين مختلف مكونات المشهد الليبي في هذه المرحلة الإنتقالية الحساسة التي تعيشها ليبيا بعد سنوات من الحرب .
ونتيجة فشل حكومة الدبيبة رغم الدعم الأممي والدولي في إنجاح الموعد المحدد للانتخابات نتيجة الإنقسام والخلافات حول المترشحين والتي كانت مقررة في ديسمبر المنقضي وتتزايد مخاوف الليبيين والمجتمع الدولي ودول الجوار من خسارة بلاد عمر المختار لطوق النجاة بعد عقد من الحرب الضروس بين أبناء البلد الواحد .
ورغم نجاح حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها الدبيبة والتي تتألف من نائبين لرئيس الوزراء و26 وزيرا وستة وزراء دولة، في الحصول على ثقة البرلمان في مارس 2021 ، لتتولى بموجب ذلك السلطة التنفيذية برئاسة الدبيبة مسؤولية توحيد مؤسسات الدولة والإشراف على المرحلة الانتقالية إلى حين موعد انتخابات 24 ديسمبر. إلاّ أن رهان حكومة الدبيبة والمجتمع الدولي على إنجاح موعد الـ24 من ديسمبر 2021 لم ينجح نتيجة التشرذم الحاد الذي تتسم به الساحة السياسية في ليبيا منذ عقود.
وأثار قرار تأجيل الإنتخابات الليبية التي كان من المقرّر إجراؤها 24 ديسمبر إلى تاريخ 24 جانفي 2022 ، شكوكا وانتقادات وقلقا دوليا من الفشل في عرقلة إنجاح هذا الاستحقاق الإنتخابي بعد سنوات من الحرب في ليبيا. كما لم ينجح الفرقاء الليبيون في الإلتزام بتاريخ 24 جانفي المنقضي وهو ما أكد خطورة الصعوبات والعراقيل والإنقسام الذي يحول بين ليبيا والإستقرار.
مخاوف واستنفار
وتبرز في الواجهة مخاوف محلية وأخرى إقليمية ودولية من تداعيات هذا التوتر الأمني والمواجهة السياسية الحادة ،على فرص حلحلة الأزمة الليبية والسير بالبلاد نحو بر الأمان وتهيئة مناخ أمني وسياسي يحافظ على تقدم ليبيا ويمكِّن من إجراء انتخابات سلمية وعملية انتقال ناجحة للسلطة. إذ طالما مثل الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا بالإضافة إلى الميليشيات المنتشرة في البلاد وغياب الأمن في بلد عمر المختار وتعطل عمل مؤسسات الدولة من التزام الأطراف المعنية بأية هدنة أو تسوية سياسية رهين هذه الأطراف سواء منها الخارجية أو الداخلية وفق آراء مراقبين.
وبعد الفشل في إجراء الإنتخابات قد كلّف البرلمان الليبي وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني السابقة فتحي باشاغا بتشكيل حكومة ليبية جديدة وهي الخطوة التي رحب بها القائد العسكري في شرق ليبيا خليفة حفتر.ويرفض رئيس الحكومة الليبية المعترف بها دوليا عبد الحميد الدبيبة التنازل عن السلطة إلا بعد إجراء انتخابات وتشكيل حكومة منبثقة عنها.
وكان باشاغا منافسا للدبيبة في انتخابات ملتقى الحوار السياسي في فيفري 2021. كما قدما اسميهما كمرشحين في الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر إجراؤها في البلاد نهاية ديسمبر الماضي.
ورقة النفط
هذا الصدام بين الدبيبة وباشاغا تصاعدت حدته بعد أنباء عن محاولات عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، منع فتحي باشاغا رئيس حكومة الاستقرار الجديدة أمنيا ودبلوماسيا، من الدخول للعاصمة طرابلس من مقر إقامته الحالي في تونس.
الخلاف الراهن قابله إعلان سكان عدة مدن إغلاق موانئ وحقول النفط فيها، للضغط على الدبيبة لتسليم السلطة إلى باشاغا ، وهو تطور خطير سيحمل تداعيات لا محليا فقط بل دوليا خاصة وأن عجلة النفط الليبي عادت للدوران مؤخرا بعد إضطرابات متعددة كان تأثير على السوق الليبية والعالمية التي تعاني من تبعات الحرب الروسية الأوكرانية. ولطالما استعمل سلاح النفط كورقة ضغط لتسوية النزاعات الدولية وفي ليبيا أيضا اعتمدت الأطراف الليبية هذا السلاح حيث أعلنت المؤسسة الليبية للنفط، فقبل يومين، حالة القوة القاهرة بعد إقفال مجموعة مسلحة حقل نفط الفيل، في أقصى الجنوب الغربي للبلاد، بعدما منعت مجموعة المستخدمين من الإنتاج.
ويأتي إغلاق حقل الفيل النفطي، بعد إعلان مجموعة تصف نفسها بـ»الأعيان»، بغلق ميناء الزويتينة النفطي والحقول المجاورة له في الشرق الليبي، عبر بيان مصور من أمام الميناء.وطالبت المجموعتان اللتان أغلقتا حقل الفيل وميناء الزويتينة النفطيين، عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة، بتسليم السلطة، لفتحي باشاغا، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب في طبرق. وتأتي هذه التطورات في سياق التطورات الحساسة التي يعيشها العالم على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على الإقتصادي الدولي ، خصوصا سوق النفط الذي تعدّ ليبيا أحد أهم الأسواق البديلة التي قد يعتمدها العالم لسدّ النقص الحاصل نتيجة الحرب المندلعة.
خلافات حادة بين الدبيبة وباشاغا واستنفار أمني على تخوم طرابلس: ورقة النفط تهدّد بتقويض مبادرات الحلّ في ليبيا
- بقلم وفاء العرفاوي
- 09:39 20/04/2022
- 830 عدد المشاهدات
تقف ليبيا هذه الآونة على حافة تصعيد خطير ووسط خلافات عميقة بين رئيس الحكومة المنتهية ولايته عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة