بعد الإعلان الرسمي عن إفلاس الدولة وإفلاس البنك المركزي: لبنان والمفترق الصعب

أعلن امس نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي رسميا عن افلاس الدولة ومصرف لبنان المركزي، وبين

ان الخسائر ستوزع على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين.
يؤشر هذا الإعلان عن مرحلة جديدة من التأزم الاقتصادي والمجتمعي في أعمق أزمة يعيشها هذا البلد مع اشتداد الخلافات بين المودعين والمصارف.
يشار الى ان مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، اعتبر ان الأزمة التي يمرّ بها لبنان هي الأسوأ في تاريخه وأنها ضمن ثلاث أسوإ أزمات في العالم. ودعا في كلمة له أوردها بيان للحكومة اللبنانية، «إلى ضرورة تحقيق الاستقرار على مستوى الاقتصاد الكلي». واعتبر أن أزمة لبنان من ضمن ثلاث أسوإ أزمات في العالم». وذكر أن حجم الانكماش الاقتصادي بلغ 60 % الى غاية عام 2021».
من جهته أكد ميقاتي ان الحكومة تعمل عبر الجهات المعنية في القطاع العام لتوحيد الرؤية الواحدة والشاملة للإنماء والتعافي والإصلاح بين المعنيين، وقال: «قد شارفنا على الانتهاء من توحيد هذه الرؤية لتطبيق الاصلاحات الواجبة
مرحلة جديدة
ظل لبنان طيلة عامين يعيش في دوامة الانهيار المالي بعد تراجع عملته مقابل الدولار الى أسعار قياسية، وتكبد الجهاز المصرفي وحده خسائر بنحو 69 مليار دولار. وتفرض مصارف لبنان قيوداً على أموال المودعين بالعملة الأجنبية، سيما الدولار الأمريكي، وتضع سقوفا قاسية على سحب الأموال بالليرة اللبنانية حسب قيمة الوديعة والمصرف، وذلك إثر أزمة اقتصادية ومالية حادة.
ورغم محاولات الإنعاش والإنقاذ الا ان ذلك لم يسهم في تحسين المؤشرات المالية بل ساهم الانقسام السياسي بشكل أكبر في تعميق الهوة والأزمة والتي يحصد اللبنانيون اليوم ثمنها مع اعلان رسمي عن الإفلاس لأول مرة في تاريخ البلاد.
يشار الى وجود دول عديدة سبقت لبنان في اعلان الإفلاس مثل اليونان وكان ذلك منطلقا لمرحلة جديدة من الإصلاحات القاسية فهل يستطيع لبنان النجاة والبدء بمرحلة من الإصلاحات الناجعة والحقيقية في مختلف الميادين ؟
في هذا السياق يعتبر المحلل الاقتصادي مازن ارشيد في حديثه لـ«المغرب» ان قرار اعلان الإفلاس كان متوقعا ولو انه جاء متأخر جدا وأضاف: «من الواضح ان الدولة اللبنانية غير قادرة على الوفاء بديونها الخارجية وحتى الداخلية. وقبل حوالي عام لم تتمكن الدولة اللبنانية من الوفاء بدين مستحق لها وقد حدث ذلك لأول مرة. ومن الواضح ان الدولة والحكومة اللبنانية لا تمتلك موارد مالية لدفع رواتب القطاع العام».
أية سيناريوهات
أما عن السيناريوهات المتوقعة يجيب محدثنا: «لبنان ليس أول دولة ولا آخر دولة تعلن افلاسها ومن المتوقع ان يكون هناك تنسيق مع صندوق النقد الدولي وهناك مفاوضات دائرة بين لبنان وصندوق النقد من أجل الاتفاق على برنامج إصلاحي اقتصادي قد يكون طويل الأمد او متوسط المدى من أجل وضع النقاط على الحروف. ويعتبر الطريق طويلا وشاقا جدا لان وضع لبنان يختلف عن باقي الدول العربية من الناحية السياسية خاصة، فهو بحاجة الى اصلاح سياسي والأمور معقدة حتى في هذا المجال اذ لازالت هناك طبقة كبيرة من القادة السياسيين تحكم لبنان منذ حقبة الحرب الأهلية في سبعينات القرن الماضي وبالتالي قد يواجه اللبنانيون صعوبة في علاقة بالإصلاح السياسي». واكد ارشيد ان الإصلاح الاقتصادي ليس بمعزل عن الاصلاح السياسي وهذا الفرق بين افلاس لبنان واية دولة أخرى. وأضاف :«نتمنى ان تكون هناك إرادة سياسية للبدء بإصلاح اقتصادي عميق يتحمل فيه الجميع المسؤولية».
اما عن الخطوات القادمة قال: «طبعا اول خطوة ستكون بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي وهناك مفاوضات دائرة حاليا واتوقع ان تستمر لبعض الوقت للاتفاق على برنامج إصلاحي نتمنى ان لا يكون قاسيا على الشعب اللبناني لان هناك توقعات بان يكون هناك برنامج يعتمد على التقشف وعلى أمور مرتبطة بطبيعة حياة المواطن اللبناني ورفاهيته». ويتابع :«لكن الأولوية لكيفية خروج الاقتصاد اللبناني من النفق المظلم حاليا. وكما ذكرت لبنان ليس اول دولة تعلن افلاسها فهنالك دول كثيرة وحتى من الدول ذات الاقتصاد المتقدم في العالم أعلنت عن افلاسها عدة مرات ونهضت ووقفت على قدميها مجددا لكن نتيجة وجود إرادة سياسية للتغيير والسؤال الحتمي هو هل يمتلك لبنان هذه الإرادة الفعلية للتغيير..
وبم تختلف المرحلة الراهنة عما سبقها من افلاس غير معلن يجيب المحلل الاقتصادي بالقول: «ستكون هناك مفاوضات مع الدائنين وإعادة برمجة جميع الديون التي حان وقت سدادها او على وشك ان تدفعها الدولة إضافة الى حفظ حقوق الدائنين من خلال إعادة البرمجة. وقبل إعادة البرمجة يجب ان تكون هناك اتفاقات مع صندوق النقد لتخفيف الضغط والحمل على الاقتصاد اللبناني. وهذا أمر طبيعي وتحقق هذا التمشي مع كثير من الدول المفلسة سابقا مثل البرازيل والارجنتين . وآخر الدول المفلسة كانت اليونان منذ حوالي 10 سنوات عندما تخلّفت عن سداد ديونها ولكن مع برنامج اصلاح جاد ترافق مع مساعدات لليونان خاصة من طرف الاتحاد الأوروبي تمكن البلد من اجتياز أزمته . لكن الوضع مع لبنان مختلف والخطوات الأولى يجب ان تترافق مع اصلاح سياسي واقتصادي من قبل الدولة اللبنانية حتى تسترجع ثقة الأطراف الدولية الرئيسية مثل فرنسا وأوروبا وصندوق النقد».

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115